أولى

75 عاماً… وسعاده يردّ وديعة الدم إلى الأمة السورية

لم يشأ الزعيم أن يجعل الحزب حامياً له، بل شاء أن يكون هو حامياً للحزب وللأمة بنفسه، وفادياَ لهما بروحه، مقدماً للجيل الجديد المثال الأعظم في الشجاعة والإقدام والتضحية

‬ سماح مهدي*‬
*ناموس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي

يتميّز الحزب السوري القومي الاجتماعي بأنه تأسّس بموجب تعاقد بين الشارع (واضع الشريعة) صاحب الدعوة إلى القومية السورية الاجتماعية وبين المقبلين على الدعوة، على أن يكون واضع أسس النهضة السورية القومية الاجتماعية زعيم الحزب مدى حياته، وعلى أن يكون معتنقو دعوته ومبادئه أعضاءً في الحزب يدافعون عن قضيته ويؤيدون الزعيم تأييداً مطلقاً في كل تشريعاته وإدارته الدستورية.
وقد قسّم المؤسس الشهيد أنطون سعاده مبادئ الحزب إلى قسمين: يختصّ الأول بالعقيدة القومية الاجتماعية وينطوي على المبادىء الأساسية. ويختص الثاني برفع مستوى الأمة ويشتمل على المبادئ الإصلاحية. والقسمان يؤلفان قضية واحدة هي قضية الأمة السورية وسيادتها واستقلالها وارتقاؤها.
ونص المبدأ الأساسيّ السابع من مبادئ الحزب، وفقاً لما هو وارد في المادة الثانية من الدستور على ما يلي: “تستمدّ النهضة السورية القومية الاجتماعية روحها من مواهب الأمّة السورية وتاريخها الثقافي السياسي القومي”.

الأمة السورية التي وضعت قاعدة البطولة الاجتماعية المتلائمة مع حالة التمدن السوري الذي صار أساس التمدن العالمي الحديث. فحلّت تلك البطولة الحضارية محلّ البطولة الفردية التي هي من خصائص الشعوب الأوليّة، والتي لا تصلح أساساً لإنشاء مجتمع راقٍ.
البطولة الجديدة التي أرادت سورية أن تهبها إلى العالم هي بطولة التضحيّة الفردية في سبيل خير المجتمع. فأصبحت في صميم النفسية السورية منذ بدء التاريخ، وتجذرت في تضحيات أبناء الشعب السوري ملازمة حضارة أمته وتطورها.
نتيجة عناية الأمة السورية بمبدأ التضحية الجديد، تحوّل إلى أهمّ مبدأ مناقبي قام عليه فلاح أي مجتمع. إذ لولا هذا المبدأ الراقي لما ارتقى جنديّ واحد شهيداً في ساحة الحرب دفاعاً عن شرف أمّته، أو ذوداً عن شعبه، أو حماية لثروات بلاده.
ولأن سعاده هو واحد من أبناء الأمة السورية، وأحد نتاجات حضارتها، وهو الذي وضع مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي، فكان التعاقد معه على أساسها، فيكون هو الأولى بتطبيقها. فلم يشأ أن يجعل الحزب حامياً له، بل شاء أن يكون هو حامياً للحزب وللأمة بنفسه، وفادياً لهما بروحه، مقدماً للجيل الجديد المثال الأعظم في الشجاعة والإقدام والتضحية.
فعندما كانت “سلامة” سعاده على المحك، كان موقفه واضحاً لا لبس فيه عندما قال: “سلامتي لم تكن ولا تعني لي إلا تكة. إنّ ما يعني لي شيء يمكن أن أتمسك به بكل قواي فهو مبادئ النهضة السورية القومية الاجتماعية”.
وكما بقي سعاده متمسكاً بتلك المبادئ، سنبقى نحن الذين تعاقدنا معه على أمر خطير يساوي وجودنا كله، سنبقى متمسكين بالمبادئ ذاتها، بالعقيدة عينها، بالمُثل العليا التي لا تتغيّر، بالمناقب التي لا تتبدّل، وبالمؤسسات التي تضمن صون تلك المبادئ والعقيدة من أي مساس يخطر في بال أحد.
حضرة الزعيم، بارتقائك شهيداً تحوّل الثامن من تموز من مجرد يوم في التقويم إلى عيد للفداء، فداء الحزب والأمة والشعب. في الثامن من تموز عام 1949 تجلت الأمانة في أبهى حللها بردّك وديعة الدم إلى صاحبتها، إلى الأمة السورية بكلّ تاريخها وحاضرها ومستقبلها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى