مانشيت

تصعيد عسكري وسياسي يطرح أسئلة حول نضج المسار التفاوضي لإنتاج اتفاق / اجتماع رؤساء المخابرات اليوم لتقييم المخاطر على المفاوضات… وحماس تحذّر / الهدهد 2 يكشف نقاط ضعف جيش الاحتلال في جبهة الجولان والمقاومة تستهدفها /

كتب المحرّر السياسيّ
من نقاط الاشتباك البعيدة يمكن استقراء مدى نضج ظروف اتفاق في غزة يعرف الجميع ويعترفون أنه تعبير عن تسوية تعكس موازين القوى التي نتجت عن الحرب خلال تسعة شهور، وفي خلفيّتها تراكم صنعته سنوات من المواجهة بين محورين كبيرين في المنطقة والعام، محوره يضمّ كيان الاحتلال تقوده واشنطن، ومحور يضمّ إيران وسورية وقوى محور المقاومة، وأول الإشارات حملها كلام الناطق بلسان مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي على انتخاب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي دعا في حملته الانتخابية الى استئناف المفاوضات المجمّدة حول الملف النووي الإيراني، حيث قال كيربي، إن الولايات المتحدة ليست مستعدّة لاستئناف المحادثات النووية مع إيران في ظل الرئيس الجديد.
في جبهتين مهمتين في المنطقة، لم تكن الإشارات أفضل لجهة نضج المسار التفاوضي المفترض أن ينتج تسوية، تكون لها انعكاسات على كل المنطقة حتى لو كان موضوعها وقف الحرب على غزة، حيث شكل التصعيد على المسار اليمني السعودي من بوابة فتح ملف نقل المصرف المركزي من صنعاء والردّ العنيف لزعيم حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي إشارة الى ان الأمور لا تسير كما ينبغي لها ان تكون إذا كنا في مناخ استعداد لتسوية ونجاح المفاوضات، وبالتوازي حملت المعلومات المؤكدة حول نتائج المفاوضات العراقية الأميركية حول إنهاء مهمة قوات التحالف الدولي الذي يشكل واجهة للاحتلال الأميركي، أن الأميركيين لا يخفون تمسكهم ببقاء جزء من قواتهم في العراق تحت عنوان الحاجة لتخديم استمرار احتلالهم أجزاء من سورية، ومجرد التصريح بنية البقاء في سورية، حتى لو تم الانسحاب الكامل من العراق يشير الى مناخ غير إيجابي، لا ينتج عنه سوى المزيد من التصعيد.
العودة الى ساحات التفاوض والمواجهة المباشرة حول حرب غزة، يكفي تصعيد جيش الاحتلال وارتكابه المزيد من المجازر ورد حركة حماس بالتحذير للمرة الأولى من فشل المفاوضات، لمعرفة أن المسار التفاوضي متعثر، وأن حكومة بنيامين نتنياهو لا تريد التوصل إلى اتفاق نهائي يوقف الحرب بل تريد صفقة جزئية يتمّ فيها تبادل عدد من الأسرى وتستمر عبرها الهدنة بضعة أسابيع ثم عودة الى المواجهة ولا مانع بعدها من هدنة مشابهة لا تنهي ملف الأسرى ولا تنهي الحرب، حتى تقول الانتخابات الأميركية كلمتها الفاصلة حول مدى قدرة تل أبيب الاعتماد على واشنطن في مواصلة خيار الحرب، ولأن مسار التفاوض يترنح دون أن يسقط لأن جيش الاحتلال منهك وعاجز عن خوض حرب باتت أثمانها أكبر من قدرته على الاحتمال، يلتقي اليوم رؤساء أجهزة المخابرات في أميركا وكيان الاحتلال ومصر وقطر للبحث عن تعويم المسار التفاوضي وتخفيض منسوب التصعيد.
تبقى جبهة لبنان هي البوصلة، حيث قلق الاحتلال من خطر الانفجار رغم كثرة الكلام عن نيات الحرب ولو أنها تحوّلت أخيراً إلى حديث بصوت منخفض تحول همساً بالكاد يسمع، مع ظهور قدرات المقاومة على الردع، وعدم بذلها لجهد هادف لتفادي الانزلاق إلى حرب كبرى، وقد بات معلوماً أن هذه الجبهة والضغط عبرها وحده يمكن أن يجلب الكيان الى الاتفاق بسبب ضغط ملف المهجرين الذي يكبر كل يوم، وضغط انهيار صورة قدرة الردع بصورة لا يمكن تحمّلها في الكيان مع ما تحمله من مذلة ومهانة المستويين العسكري والسياسي، ولا يُخفيها الإقدام بين فترة وفترة على عملية اغتيال لشخصيّة من المقاومة، حيث تتكفل مفاجآت المقاومة بتقديم المزيد من أدوات الردع والتفوق، وقد كان أمس، موعداً مع الكشف عن حصاد الهدهد 2 حيث المسرح هو الجولان المحتل، وقد تضمّنت تسجيلات الطائرات المسيّرة التي قامت بالمسح الجوي لمواقع قيادة واستخبارات جيش الاحتلال، وكشف التسجيل حجم التغلغل الاستخباري للمقاومة في نسيج المعلومات والجغرافيا العسكرية السرية لجيش الاحتلال، وجاءت الاستهدافات التي سبقت بث التسجيل وأعقبت بثه تؤكد أن يد المقاومة هي العليا.
وأكّد الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، أنّه «إذا كانت الأكثرية في العالم تسكت عن نصرة غزة وتؤيد «إسرائيل» فهذا لا يعني أنَّ ذلك حق»، موضحًا أنّه «ليس العبرة بالأكثرية، بل العبرة بالبحث عن الحق سواءٌ كانت معه الأكثرية أو الأقلية». ولفت، خلال كلمته في المجلس العاشورائي المركزي في مجمع «سيّد الشهداء» في الضاحية الجنوبية لبيروت، إلى أنّ «التعصب للأحزاب والعائلات والمناطق والطوائف بمعزل عن الحق والباطل، هو مشكلة» منتشرة في لبنان.
وأشار نصرالله إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مشيرًا إلى أنّ «الإنسان يألم على ما هو قائم وعلى ما هو موجود»، موضحًا أنّ جبهات الإسناد لغزة في لبنان واليمن والعراق والإسناد السياسي مثل سورية وإيران هي صورة إيجابية تُقابلها صورة محزنة من مواقف العالم العربي والإسلامي تجاه غزة، وقال: «أين الدول والشعوب التي تحرّك ساكنًا» لما يجري في قطاع غزة؟
ولفت إلى «ما بدأته المقاومة في لبنان في 8 تشرين الأول في معركة طوفان الأقصى، وما قدّمته حتى اليوم من الشهداء والجرحى والبيوت المهدمة والإنجازات، وكل ما تواجهه»، مؤكدًا «أننا سنمضي في هذا الطريق حتى نصل للهدف الذي نطمح إليه في لبنان وغزة، ولا يمكن لأي أخطار وتحدّيات أن تجعلنا نتراجع عن موقفنا وثباتنا في هذه المعركة».
وسجلت الجبهة الجنوبية تصعيداً إضافياً بعدما نفّذ العدو الإسرائيلي غارة بطائرة مسيّرة استهدفت سيارة قرب حاجز عسكري على طريق دمشق – بيروت قرب حاجز الصبّورة. وزفّت المقاومة الشهيد السعيد المجاهد ياسر نمر قرنبش «أمين» مواليد عام 1970 من بلدة زوطر الشرقية في جنوب لبنان، والذي ارتقى شهيدًا على طريق القدس.
وردّت المقاومة على الاغتيال، باستهداف مقر قيادة فرقة الجولان 210 في قاعدة «نفح» وسط الجولان السوري المحتلّ بعشرات صواريخ الكاتيوشا وبدفعات متتالية.
ودوّت صافرات الإنذار في مستوطنات الجولان السوري المحتلّ ثم تساقطت الصواريخ على القاعدة ومحيطها ما أدّى إلى إصابة سيارة بشكل مباشر على الطريق «91»، حيث قُتل «إسرائيليان» بحسب ما أفاد إعلام العدو، فيما أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال عن رصد إطلاق نحو 40 صاروخًا من لبنان باتجاه الجولان. بدوره، أمَرَ ما يُسمّى بـ»مجلس الجولان الإقليمي» جميع المستوطنين في شمال الجولان السوري المحتل بالبقاء بالقرب من المناطق المحمية وتجنب التجمعات حتى إشعار آخر، وفقًا لتعليمات من جيش العدو. وبالإضافة إلى القتيلين، أدّى سقوط الصواريخ في الجولان إلى اندلاع أكثر من 8 حرائق، بحسب ما كشفت قناة «كان» «الإسرائيلية».
كما استهدفت ‏المقاومة ‏موقع ‏»المرج» بقذائف المدفعية وأصابته إصابة مباشرة، وسلّة ‏التجهيزات التجسسيّة المستحدثة المرفوعة على ونش في موقع حدب يارين بصاروخ موجّه أصابها ‏إصابة مباشرة ما أدى إلى تدميرها واشتعال النيران فيها.
وقبيل إطلالة السيد نصرالله وزّع الإعلام الحربي في «حزب الله»، الحلقة الثانية من «الهدهد» وتتضمن مشاهد استطلاع جوي لقواعد استخبارات ومقار قيادية ومعسكرات للجيش الإسرائيلي في الجولان العربي السوري المحتل.
وأفادت مصادر لـ»رويترز»، أن «حزب الله يستخدم استراتيجيات منخفضة التقنية للتهرّب من مراقبة «إسرائيل»»، كاشفة أن «حزب الله يستخدم تكنولوجيا خاصة به للتصدّي لقدرة «إسرائيل» على جمع المعلومات الاستخباراتية».
في غضون ذلك، تترقب الأوساط الدبلوماسية والسياسية نتائج المسار التفاوضي الدائر بين القاهرة والدوحة للحرب في غزة وسط غموض يلف المشهد المقبل الذي لن يتغير قبل خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكونغرس الأميركي نهاية الشهر الحالي وفق أوساط دبلوماسية لـ»البناء». ونقلت مصادر مطلعة على موقف عين التينة بأن «الرئيس نبيه بري ينفي كل كلام عن اتفاق جاهز مع هوكشتاين ويرى أن نتنياهو لن يقدم على أي جنون عسكري أو أي اتفاق كلامي قبل زيارته الى واشنطن». وتحدث السفير المصري علاء موسى عن «أخبار إيجابيّة بشأن الهدنة في غزّة ونأمل أن تنتهي بشيء إيجابيّ». ووفق معلومات «البناء» فإن الحراك الدبلوماسي الخارجي لن يسجل أي خرق قبل اتضاح الصورة النهائية للمشهد في غزة، لكن الاتصالات الأميركية – الأوروبية لم تنقطع على هذا الصعيد، مع احتمال أن يزور دبلوماسيون أوروبيون لبنان نهاية الشهر الحالي.
وسجّل الملف الرئاسي حراكاً لافتاً لكن من دون تحقيق أي اختراق في الجدار الرئاسي المقفل، حيث اجتمع سفراء الخماسيّة أمس، في قصر الصنوبر، بموازاة لقاء عقد جمع اللجنة المصغّرة لقوى المعارضة النيابية مع الخماسيّة حيث سلّموهم نسخة عن خريطة الطريق الرئاسيّة التي أطلقوها أمس، من مجلس النواب، على أن تلتقي اللجنة على مدى اليومين المقبلين الكتل النيابية كافّةً للبدء بمشاورات لانتخاب الرئيس.
وعقد نواب قوى المعارضة مؤتمراً صحافياً في ساحة النجمة قدّموا خلاله رؤيتهم لخريطة طريق الاستحقاق الرئاسي. وتضمّنت هذه الورقة التي تلاها عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب غسان حاصباني، اقتراحين هما: الأول: يلتقي النواب في المجلس النيابي ويقومون بالتشاور في ما بينهم، دون دعوة رسميّة أو مأسسة او إطار محدّد حرصاً على احترام القواعد المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية المنصوص عنها في الدستور اللبنانيّ. على أن لا تتعدى مدة التشاور 48 ساعة، يذهب من بعدها النواب، وبغض النظر عن نتائج المشاورات، الى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية وذلك حتّى انتخاب رئيس للجمهورية كما ينصّ الدستور، دون إقفال محضر الجلسة، ويلتزم جميع الأفرقاء بحضور الدورات وتأمين النصاب. الاقتراح الثاني: يدعو رئيس مجلس النواب الى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، ويترأسها وفقًا لصلاحياته الدستورية، فإذا لم يتم الانتخاب خلال الدورة الأولى، تبقى الجلسة مفتوحة، ويقوم النواب والكتل بالتشاور خارج القاعة لمدة أقصاها 48 ساعة، على أن يعودوا الى القاعة العامة للاقتراع، في دورات متتالية بمعدل 4 دورات يومياً، دون انقطاع ودون إقفال محضر الجلسة وذلك الى حين انتخاب رئيس للجمهورية، ويلتزم جميع الأفرقاء بحضور الدورات وتأمين النصاب.
وأكدت مصادر الثنائي حركة أمل وحزب الله لـ»البناء» أن «مبادرة المعارضة ولدت قبل أن تولد ولم تقدّم أي جديد بل تعكس موقف القوات اللبنانية والقوى الملحقة بها باستخدام كافة الأساليب المناورة والملتوية لقطع الطريق على الحوار، انطلاقاً من تعليمات أميركية وصلت الى القوات وفريقها المعارض برفض المشاركة في الحوار لأن الظروف الحالية غير مؤاتية وناضجة لإنتاج تسوية لانتخاب رئيس للجمهورية».
على صعيد آخر، عقد مجلس الوزراء جلسة برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وأعلن وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري، أنّ موضوع المدرسة الحربيّة قيد البحث ولا نتيجة في هذا الموضوع. وأوضح أنّ مجلس الوزراء كلف وزيرين للقيام باتصالات مع وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم وقائد الجيش جوزاف عون لتقريب وجهات النظر، وإذا وصلنا إلى نتيجة تعقد جلسة لمجلس الوزراء سريعًا ويتخذ القرار الملائم. ولفت، في مؤتمر صحفي حول مقرّرات الجلسة الوزارية في السراي الحكومي، إلى أنّ موضوع الكهرباء سوف يُحلّ قبل يوم الخميس.
ونقلت مصادر إعلامية عن ميقاتي، قوله خلال الجلسة حول موضوع المدرسة الحربية: «نحن أمام خيارات صعبة، فإمّا أن نغلق المدرسة الحربية أو «نكسر» قائد الجيش جوزاف عون أو نتجاوز وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، فتطوّعوا كل منكم إلى الحل».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى