أولى

الهدهد 2 ورسائل الحرب البريّة؟

في كل مرة توجّه المقاومة رسائلها عبر شريط مسجّل لما جاء به الهدهد، فهي لا تفعل شيئاً بالصدفة، ولا تستعرض قوة القدرة على التجوّل في أجواء فلسطين المحتلة والجولان المحتل براحة تثبت تجاوز كل دفاعات جيش الاحتلال فقط، ولا تظهر حجم مخزونها الاستخباريّ ودرجة اقترابها من معرفة تفاصيل التفاصيل في تشكيلات وانتشار وحدات جيش الاحتلال وتسليحه فقط، فهذه نتائج بديهية لحجم ما يختزنه كل تسجيل من أسباب كافية لفرض الذهول والدهشة.
تشتغل المقاومة على موادها المعدّة للنشر بعناية ودقة بصورة تتيح القول إن جيش الاحتلال عندما يدرسها بتمعن وتمحيص قد يستخرج نسبة هامة من الرسائل التي تضمّنتها، لكن الأكيد أن ثمة تشفيراً وترميزاً في بعض الرسائل ما قد لا يكتشفه المحللون المحترفون في استخبارات جيش الاحتلال.
يكفي على سبيل المثال مقارنة تسجيلي الهدهد 1 والهدهد 2، ومحاولة استخراج الفوارق بينهما لاستنتاج تمايز الرسائل، او الوظيفة الخاصة لكل تسجيل، والرسالة المختلفة في كل منطقة تمّ مسحها، كما يقول التسجيل بالإشارة الى تفصلين، مسح أول ومسح ثانٍ، وقبل الاستهداف، فتظهر المناطق ذاتها في ظروف مختلفة ما يشير إلى أنه تمّ تصويرها عدة مرات. وهذا التركيز الدقيق يرافقه تصوير عن قرب لدرجة أن أحد الإبراج يظهر بحجم يقترب من حجمه الحقيقي عن قرب وبألوان الطلاء التقليدية للأبراج بالأبيض والأحمر، ومن تحت إلى فوق وعن جانبيه. وكثيرة هي المواقع التي عرضت تفاصيل التفاصيل، لمهاجع الجنود وملاجئ احتمائهم ومخازن الذخيرة والطرق الترابية المستحدثة خارج المواقع بعد طوفان الأقصى.
واحدة من الشيفرات التي يجب على جيش الاحتلال فكها، هي سبب التمييز في درجة الاقتراب والتصوير التفصيلي المسحّي ترابياً لمواقع يكفي للاشارة إلى أنها أهداف للصواريخ والطائرات المسيّرة عرضها على الطريقة التي تضمنها شريط الهدهد 1 عن حيفا، بصورة تتيح طرح السؤال، خصوصاً مع خط الجبهة الأمامية للجولان المحتل الملتصق بالأراضي السورية المحرّرة، هل الرسالة التي يحملها الهدهد 2 تنتقل من رسالة الاستهداف الناريّ إلى فرضيات العبور، إضافة للرسائل المشتركة لجهة فشل القبة الحديدية والدفاعات الجوية لجيش الاحتلال في صد طيران المقاومة عن مهامه وإعاقته، إضافة لدرجة التمكن والراحة التي يبدو أن القيّمين على هذا السلاح أرادوا إظهارها كما أرادوا إظهار بعض معلوماتهم الاستخبارية التفصيلية عن كل موقع.
في كل مرة تزيد المقاومة إبهار مؤيديها وتنال المزيد من ثقتهم وإعجابهم وتزرع في نفوسهم مزيداً من الطمأنينة، لكنها تزيد إصابة أعدائها بالصدمة وتزرع في قلوبهم مزيداً من القلق والخوف مما لم ينشر بعد.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى