«القومي» أحيا «يوم الفداء» ذكرى استشهاد باعث النهضة أنطون سعاده باحتفال مركزي حاشد في دار سعاده الثقافية الاجتماعية في ضهور الشوير / القاعة الكبيرة والقاعات الجانبية والباحات المجاورة امتلأت بالقوميين والمواطنين وبفصائل رمزية للنسور والدفاع المدني والأشبال والزهرات والكشافة
أحيا الحزب السوريّ القوميّ الاجتماعيّ الذكرى الخامسة والسبعين لاستشهاد مؤسّسه أنطون سعاده باحتفالٍ حاشدٍ في دار سعاده الثقافية الاجتماعية – ضهور الشوير، شاركت فيه جموع من القوميين وفصائل رمزيّة من النسور والأشبال، غطت قاعتها الرئيسة والقاعات والباحات المجاورة.
حضرَ الاحتفال إلى جانب رئيس الحزب الأمين أسعد حردان ورئيس المجلس الأعلى الأمين سمير رفعت والرئيس السابق للحزب فارس سعد وأعضاء قيادة الحزب،
رئيس المجلس النيابيّ نبيه برّي ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ممثلَيْن بعضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجة، نائب رئيس مجلس النوّاب الياس أبو صعب، نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعاده الشامي، نائب رئيس مجلس النوّاب السابق إيلي الفرزلي، الأمين العام لحزب الاتحاد النائب حسن مراد، عضو كتلة الوفاء للمقاومة ممثلاً حزب الله د. ابراهيم الموسوي، الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان علي حجازي، رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية ممثلاً بـ بيار بعقليني، رئيس تيار الكرامة النائب فيصل كرامي ممثلاً بـ إيلي سكينة، رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب ممثلاً بـ بشار شعبان، الوزراء والنواب السابقون: عبد الرحيم مراد، بشارة مرهج، د. عدنان منصور، نائب رئيس التيار الوطني الحر طارق الخطيب، رئيس تحرير جريدة “البناء” ناصر قنديل،
سفير الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة في لبنان مجتبى أماني ممثّلاً بالمستشار السياسيّ ميثم قهرماني، سفير فلسطين أشرف دبّور ممثّلاً بمسؤول العلاقات الوطنيّة في لبنان وعضو إقليم حركة فتح الدكتور حسن الناطور، القائم بأعمال السفارة السوريّة في لبنان الدكتور علي دغمان ممثّلاً بالمستشار شادي إبراهيم،
رئيس مجلس إدارة قناة المنار ابراهيم فرحات ممثلاً بالدكتور حسين حيدر، نائب رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه، مدير عام وزارة (العمل) السابق رتيب صليبا، المدير العام السابق لهيئة إدارة السير والآليات والمركبات فرج الله سرور،
نائب رئيس حركة النضال اللبناني العربي طارق الداود، عضو قيادة الحزب العربي الديمقراطي (منسق لقاء الأحزاب) مهدي مصطفى، ممثل التيار الوطني الحر في لقاء الأحزاب رمزي دسوم، رئيس المركز الوطني في الشمال كمال الخير، وفد من لقاء “مستقلون من أجل لبنان” ضمّ رافي ماديان وأيوب الحسيني، وفد من تجمع اللجان والروابط الشعبية ضمّ رئيس هيئة المحامين خليل بركات ومنسق الأنشطة مأمون مكحل، منسق خميس الأسرى يحيى المعلم، رئيس التجمع اللبناني العربي عصام طنانة، جمال سكاف رئيس لجنة أصدقاء (عميد الأسرى الرفيق) يحيى سكاف، عضو قيادة المؤتمر الشعبي اللبناني د. عدنان برجي، ممثل تيار الفجر مؤمن عبدالله الترياقي، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة أبو كفاح غازي، عضو المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني ـ فتح الانتفاضة أبو عبدالله فارس، مسؤول طلائع حرب التحرير الشعبية ـ قوات الصاعقة في لبنان أحمد الشيخ، عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني ومسؤولها في لبنان شهدي عطية، المحامية سندريلا مرهج، الإعلامي روني ألفا، وفد من المجلس التنفيذي لنقابة أصحاب مكاتب الاستقدام ضمّ النقيب علي الأمين وأمين الصندوق حكمت شعيب وعدداً من الأعضاء، وجمع من رؤساء البلديات والمخاتير والفاعليات.
تصوير: مخايل شريقي
كلمة التعريف.. عميد التنمية الإدارية أنطون سلوان
عهداً لك يا معلمي بأننا سنكون دوماً في ساحات الجهاد. لن نتراجع عن القضيّة التي رسمت، ومن أجلها أستشهدت، وسيظل هتافناً يدوي بأعلى الاصوات لتحي سورية وليحي سعاده
فجر الثامن من تموز، قبل خمسة وسبعين عاماً، سجّل أنطون سعاده كلمته للتاريخ ومشى نحو الشهادة واثق الخطى، مرفوع الرأس، وعالي الجبين.
ما همّه كيف يموت، بل من أجل ماذا يموت، فهو قد ظفر بشرف الموت من أجل عقيدة عظيمة.
هو القائل بأن الحياة وقفة عز وختم هذا القول فعلاً بدمائه فجر الثامن من تموز.
هو أنطون سعاده، المفكر، والفيلسوف، عالم الاجتماع، والأديب، هو مؤسس حزب وباعث نهضة تهدف إلى وحدة المجتمع وقوة المجتمع. نهضة، تنبذ كل تباعد واقتتال داخليّ، نهضة تسعى لتوحيد طاقات الأمة لمواجهة الأخطار الخارجيّة المحدقة بها وإبعاد الويلات التي تتهدّد وجودها.
هو أنطون سعاده المعلم، والقائد والزعيم، هو أنطون سعاده الهادي، والفادي والشهيد، هو أنطون سعاده الثائر على كل المثالب والمفاسد والانقسامات، هو أنطون سعاده المجاهد من أجل حق الأمة السورية، في الحياة.
اليوم، بعد خمسة وسبعين عاماً على استشهاده، ما زال فكر أنطون سعاده يزداد إشعاعاً، يشكّل منارة تنير طريق الأمة نحو الخلاص، فكره يفعل فعله في العقول والنفوس والقلوب، يُنبت المفكرين والمقاومين والاستشهاديين، لأنه فكر عصيٌّ على القتل، عصيٌّ على الموت، عصيٌّ على الاغتيال.
في ذكرى استشهادك، عهداً لك منّا يا سعاده بأننا سوف نبقى أوفياء لدمائك التي سالت على رمال بيروت، عهداً لك منا أن تكون دماؤك النفير الداوي ليقظة هذا الأمة، أن تكون دماؤك النور الساطع الذي يبدّد الجهل وينشر المعرفة، أن تكون دماؤك النار التي تحرق كل المثالب والمفاسد، أن تكون دماؤك الزوبعة التي تقتلع كل أنانيّة وفرديّة، أن تكون دماؤك البندقيّة التي تقاوم كل محتلّ وكل طامع وكل غاز، عهداً لك منّا أن تكون دماؤك يا سعاده المحراث الذي يزرع أرض سوريانا حقاً وخيراً وجمالاً.
عهداً لك منا بأننا سنكون دوماً كما كنا دائماً في ساحات الجهاد. ومهما تعملقت التحديات، وازدادت الاستهدافات وكبرت العقبات، لن نتراجع عن القضيّة التي رسمت، ومن أجلها أستشهدت، وسيظل هتافناً يدوي بأعلى الاصوات لتحي سورية وليحي سعاده.
كلمة الوزير السابق بشارة مرهج
أرادوا سحق فكر سعاده القومي التقدمي فإذا بهذا الفكر ينمو ويتطور ويتقدم
في الثامن من تموز سفك الطغاة دمه، لكن ذلك الدم القاني لم يذهب هدرًا، بل تفتّح أزهارًا وحدائق وبطولات
نلتقي اليوم في هذه الدار العامرة، دار سعاده الثقافية، كي نحتفل بحدث جلل هزّ لبنان والمنطقة منذ 75 سنة. تمثّل ذلك الحدث بإعدام أنطون سعاده زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي بعد محاكمة صوريّة لا زالت حتى اليوم تطعن في شرعيّة القضاء اللبناني والنظام السياسي نفسه.
استشهد سعاده وفاء لعقيدته وحزبه وقضى بعد أن تجمّعت ضده قوى استعمارية ورجعية عربية رأت فيه خطرًا على مصالحها الضالعة، خاصة أنه رفض الاستسلام للهزيمة والنكبة عام 1948 وشرع في إعداد حزبه لمواصلة النضال ومقاومة الاحتلال في الوقت الذي كان فيه معظم القادة العرب يفتشون عن مقعد لهم في نظام التبعية والانحطاط.
غير أن اغتيال سعاده لم يُسكت صوته الداوي، ولم يخمد القضية الفلسطينية كمحرك للنضال القومي، وإنما ساهم في إعلاء شأن سعاده وزيادة تأثيره بين النخب والجماهير التي اكتشفت فكره النيّر، وصلابة شخصيّته، وتصميمه المطلق على مقاومة الاحتلال. فانحاز له بعد استشهاده العديد من المثقفين والمعلمين والعمال والمزارعين وأصبح حزبه، الذي صحّح هو مسيرته قبل استشهاده، محطّ أنظار المواطنين لوفائه ونظاميّته وتصميمه على حمل الراية ونشر الرسالة: رسالة التحرّر القومي والاجتماعي من نفوذ الاستعمار وأتباعه الذين سقطوا في حبائله، وأصبحوا أداة لترجمة سياساته وتبني مصالحه مقابل فتات مجبول بعرق المنتجين.
رغم انغماس حزب سعاده بعد رحيله بالسياسات المحلية والمنافسات العارضة إلا أنه سرعان ما نهض من كبوته ليشارك في النضال الفلسطيني الذي هبّت رياحه عام 1965 وبدأ يتصاعد في فلسطين والبلدان المحيطة بها. لقد كانت أفكار سعاده وطروحاته الثورية ودروسه العملية مزروعة في أرض خصبة سرعان ما أنبتت المناضلين والقادة الميدانيين الذين التحقوا بالحزب المشارك في الثورة الفلسطينية الظافرة، وأصبحوا منارات في مسيرتها الصعبة يقاومون العدو الصهيوني ويصدّون اعتداءاته بالاشتراك مع مناضلي الحركة الوطنية اللبنانية، ويرتقون شهداء بالمئات استجابة لنداء سعاده الذي أخبرهم ذات يوم “أن شهادة الدم هي أزكى الشهادات”، خاصة عندما يتعرّض الوطن للتهديد وجودًا ومصيرًا.
لما أصيبت الثورة الفلسطينيّة بالجمود إثر تفاقم الخلافات العربية واشتداد الضغوط الخارجية عليها وانتشار الأمراض الذاتية في داخلها كان حزب سعاده في طليعة الأحزاب التي هبت لرأب الصدع وتصويب الطريق وتوجيه البندقية إلى حيث يجب أن توجّه. وعلى وقع الشهادة الحيّة التي كرّسها سعاده يوم 8 تموز 1949 اندفع مئات المناضلين من حزب سعاده لمفاجأة العدو باللحم الحيّ، مما هزّ كيانه وزلزل أركانه وفتح طريق الانتصار عليه في 25 أيار عام 2000، كما في تموز 2006، كما اليوم في غزة المناضلة التي يستشهد أهلها وأطفالها ومقاوموها يوميًا بالعشرات دفاعًا عن الحق الفلسطيني ودفاعًا عن المستقبل الفلسطيني الذي عقد اتفاقًا مع نفسه ومع القدر لكسر الإرهاب الصهيوني ودحر الوجود الاستعماري وإقامة الدولة الديمقراطية المستقلة على أرض السلام والقداسة أرض فلسطين التاريخية.
في الثامن من تموز سفك الطغاة دمه، لكن ذلك الدم القاني لم يذهب هدرًا، بل تفتّح أزهارًا وحدائق وبطولات.
أرادوا سحق فكره القومي التقدمي، فإذا بهذا الفكر ينمو ويتطور ويتقدم.
بعد إعدامه في تموز عام 1949 خُيّل للاستعمار وأتباعه أنهم أطفأوا الشعلة التي أنارت درب الأجيال. بعد 75 عامًا يعرف هؤلاء اليوم كم كانت حساباتهم خاطئة، فسعاده اليوم حيّ بيننا؛ حي في رفاقه وأشباله وفدائيّيه، حيّ في الفتاة التي دكّت بجسدها حصون العدو.
وقد صدق من قال:
قد ماتَ قومٌ وما ماتتْ فضائِلُهُمْ وعاشَ قومٌ وهمْ في الناسِ أمواتُ
سلام لسعاده، وتحيّة لحزبه المناضل وشهدائه الأبرار.
عاشت غزة، عاشت فلسطين حرة عربية مستقلة.
كلمة أمين عام حزب الاتحاد
النائب حسن مراد
خالدٌ هو سعاده من قبره لأن أبناء الفكر لا يرحلون وأبناء العقيدة لا يرحلون وأبناء الحياة لا يرحلون
الحرب مع الأعداء طويلة وتحتاج الى الوعي كما تحتاج الى القوة. وتحتاج الى التكاتف والتضامن والوحدة كما تحتاج الى التعبئة القومية ورفض الحياد في الصراع مع العدو
“يا ظلام السجن خيّم.. هو لا يخشى الظلام ليس بعد الليل إلا فجرُ مجدٍ يتسامى..”
و”أنا لا يهمّني كيف أموت، بل من أجل ماذا أموت، لا أعدُّ السنين التي عشتُها، بل الأعمال التي نفّذتها، هذه الليلة سيعدمونني، أما أبناء عقيدتي فسينتصرون، وسيجيء انتصارهم انتقاماً لموتي. كلنا نموت، ولكن قليلين منا يظفرون بشرف الموت من أجل عقيدة..”.
إنّه أنطون سعاده..
وها هو تموز يطلّ من جديد، حاملاً معه إرادة الحياة التي تبقى أقوى من أي رصاص غادر.
ها هو تموز يطل بعد خمسة وسبعين عاماً على رحيل سعاده ليثبت للجميع أن أبناء الفكر لا يرحلون
وأبناء العقيدة لا يرحلون، وأبناء الحياة لا يرحلون.
خالدٌ هو سعاده من قبره، وكثر الأموات وهم على قيد الحياة.
ونبقى في تموز الذي خلّد سعاده في انتصارات أثبتت أحقية رؤيته للصراع مع الكيان الصهيونيّ.
ففي تموز سقط من لبنان مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي لم يحمل معه إلا الفتنة والتفتيت للمنطقة..
وفي تموز انتصرت إرادة المقاومة، واستطاع خطها أن يُرْسِي معادلة الردع بالقوة، معادلة أن العين بالحق تقاوم وتنتصر على ألف مخرز.
وفي تموز أيضاً خرجت من مصر ثورة حرّرت العالم العربي من الاستعمار ومخلفاته، قادها مارد عظيم وزعيم كبير سيبقى خالد الذكر هو الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي خرج من صفوف الشعب يصدح بصوته الهادر “ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستعباد”.
وبين كل تلك المحطات كان ثبات المؤمنين وإيمانهم بقدرة أبناء الأمة على صنع المستحيل وعلى مقارعة كل قوى الاستغلال الدولي والاستعمار العالمي موقنين أن الليل لا بدّ أن ينجلي وأن القيد لا بد أن ينكسر ملتزمين بأن صوابية الفكر هي الأساس المتين للاستمرار مستذكرين قول سعاده الذي استنهض الهمم حين قال إن فينا قوة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ..
نلتقي هنا اليوم وفي جنوبنا البطل أبناء الحق يقاومون مع أبناء الحياة وأبناء العقيدة أعتى قوة إرهاب عالميّة ملتزمين الوقوف بصلابة بوجه العدوان الصهيونيّ الذي يعتدي يومياً على أرضنا والذي لا يزال محتلاً لقسم كبير منها، ويثبتون أنهم بالفعل أسياد الميدان ويؤكدون للقاصي والداني ان لبنان لم يعد مستباحاً، وأننا نصنع اليوم معادلة جديدة لن نخرج منها إلا بانتصار حتميّ لأننا أبناء الأرض ولاننا أبناء الحق ولاننا أبناء العقيدة.
وقال: إن عملية طوفان الأقصى التي قام بها المقاومون في فلسطين نقلتِ الفكر المقاوم من الردع الى الهجوم الذي باغت العدو ومن يدعمه وأذهلت بقوتها وحجمها ما يختزنه أبناء شعبنا من طاقات وإيمان وصلابة في مواجهة العدو الذي يحتل أرضنا ويجعلها سجناً كبيراً لأبنائها الأصليّين واستنفرت الدول الاستعمارية الداعمة للمشروع الصهيوني كل قواها وأجهزتها وعملائها، فكان الدعم غير المحدود بالسلاح والعتاد والإعلام الذي حاول أن يجعل من الجلاد ضحية، لكن آذان المجاهدين كانت تسمع فقط صوت فلسطين وتعلي رايات التحرير وتعلن بداية عصر جديد ثبت فيه الكيان الغاصب أنه أوهن من بيت العنكبوت.
نعم هو أوهن من بيت العنكبوت لأنه كيان مصطنع. جنوده من أقاصي الأرضِ لا تربطهم بفلسطين سوى حفنة من الدراهم ولا يعنيهم ترابها ولا شجرها ولا بحرها ولا مقدساتها. وكل ما يعنيهم هو الارتزاق من خلال القتل وتنفيذ المشروع الذي وجد الكيان الصهيوني من أجله وهو فصل المشرق العربيّ عن مغربه.
أما نحن فليس أهلنا سوى أبناء الأرض التي تحتضن أجدادهم وآباءهم فقد عشقوا ترابها وجبلوه بعرق الجبين والدم وزرعوا شجرها وزيتونها وليمونها. فصارت هي توأم الحياة لهم ولا حياة حرة كريمة دون حرية الوطن وتحرير الأرض.
ونحن في لبنان لم نترك فلسطين يوماً ولن نتركها وأثبتت مقاومتنا البطلة في جنوبنا الصامد جهوزيّتها للمساندة وأذاقَتِ العدو مرارة الخسائر.
وها نحن نرى اليوم أبطال محور المقاومة يسجلون في كل ساعة فعل الوفاء لفلسطين والانتماء لقضايا الحق والعدل وردع العدو الذي لم يستطع طوال تسعة أشهر أن يحقق إنجازاً سوى المجازر وقتل الأطفال وتشريد العائلات وتجويع الآمنين.
وها هم أرباب الكيان ينقسمون على أنفسهم في ضياع يشهده الكيان الهزيل لأول مرة في تاريخه.
بمناسبة ارتقاء الزعيم أنطوان سعاده الى أعلى مراتب الحياة نؤكد على ثوابتنا في أن القوة هي السبيل الوحيد للحرية. وقد قالها القائد المعلم جمال عبد الناصر بوضوح لأنها اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو وإِنَّ مَا أُخِذَ بالقوة لا يستردُّ بغير القوة. وها هي المعادلة اليوم تثبت صحة أقوال عظمائنا. وعليها سائرون ثابتون نقدم الدماء وننشر الوعي بين الأجيال ليدركوا خطورة المشروع الصهيوني على وجودنا.
فالحرب مع الأعداء طويلة وتحتاج الى الوعي كما تحتاج الى القوة. وتحتاج الى التكاتف والتضامن والوحدة كما تحتاج الى التعبئة القومية ورفض الحياد في الصراع مع العدو. فكل حياد في الصراع بين الحق والباطل هو انحياز للباطل. وما أحوجنا اليوم في لبنان إلى الإجماع الوطنيّ.
مشروعية مقاومة العدو الذي لن يوفر أحداً من عدوانه في سبيل تحقيق مشروعه الكبير بقيام كيانه على كامل التراب العربي تحقيقاً لرؤية من أطلق الفكر الصهيوني.
نحن أقوياء بحقنا، أقوياء بفكرنا، أقوياء بمقاومتنا وجيشنا وشعبنا، أقوياء بشهدائنا والجرحى.
نحن أقوياء بعلاقتنا مع الشقيقة سورية التي تشكل الحضن العربي لكل مقاومة ضد الاحتلال.
تحية لروح أنطون سعاده القائل “من لا ينهض الحرية خوفاً على حياته خسر الحرية والحياة معاً”. وتحية لشهداء المقاومة في كل أرض عربية. ودائماً معاً على طريق النضال من أجل غد عربي أفضل. غد لا يكون فيه سوى اسم لبنان على كامل أراضيه واسم فلسطين على كامل ترابها.
قصيدة العميد الدكتور علي الحاج حسن
وألقى العميد الدكتور الحاج حسن قصيدة بعنوان «تموز»
كلمة حركة أمل..
عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجة
نقول لأنطون سعاده أنت حيّ في عقول وقلوب المؤمنين بفكرك ونهجك أما الجلادون والطغاة فطواهم النسيان ولم يبقَ لهم أثر
سعى سعاده لبناء قوة منظمة محرّكة لمسارات الصراع ومحدداته، فأسس الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي لم يغادر مربّع المقاومة منذ البدايات
بداية اسمحوا لي أن أنقل تحيّات كل من دولة الرئيس نبيه بري ودولة الرئيس نجيب ميقاتي إلى رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وقيادته ومناضليه. كما أنقل إليكم تحيات قيادة حركة أمل.
أتينا ضهور الشوير عرين أنطون سعاده لنشارك في إحياء الذكرى الخامسة والسبعين لاستشهاد رجلٍ كبير من بلادي، قدّم حياته دفاعاً عن مبادئه وفداءً لحزبه، ولكي تبقى أمته عزيزة شامخة، لأن الحياة وقفة عزّ فقط… وهو القائل في مواجهة جلّاديه عشية إعدامه أنا لا يهمّني كيف أموت بل من أجل ماذا أموت.
لقد اختصر القائد والمفكّر والفيلسوف أنطون سعاده في سنيّ حياته القصيرة نضالات حزب وشعب وأمّة. وكانت أسمى غاياته تحرير أمّته من الجهل والتخلّف والتبعية والنزعات العصبيّة. وتصدّرت فلسطين أولوية اهتماماته لتكون بوصلته وقبلته، وهو مَن استشعر باكراً خطر المشروع الصهيونيّ، فكتب في جريدة الجريدة في بلاد الاغتراب، مطلع عشرينيات القرن الماضي مقالةً أشّر فيها إلى مخاطر قيام كيان عنصري وظيفي مدعوم من الغرب الاستعماري على أرض أبناء الشعب الفلسطيني. ودعا أحرار الأمة لمواجهة ذاك الخطر المتعاظم.
لقد ارتكزت رؤية سعاده الفكرية على ثلاثة أقانيم الوحدة والنهضة والمقاومة.. الوحدة لإعادة تجميع ما جزأته اتفاقية سايكس – بيكو ضمن حدود سورية الطبيعية. ونقول اليوم لأنطون سعاده إن ما وصلت إليه دول الإقليم من أحوال بائسة، باتت تستدعي الكثير من الجهد لتوحيد كل قطر على حدة، وإن غالبية مجتمعات بلاد الشام والعرب أضحت بفعل المقسّمة عملياً، حتى وإن ظُلّلت بأعلامها. إن الجغرافيا الموحّدة شكلاً، لا تخفي ضمناً تصدّعات الديمغرافيا المبعثرة بين ولاءات إتنية وطائفية ومذهبية وجهوية…
أما بخصوص النهضة، فقد تنبّه سعاده إلى أن هذه الأمة، بعد حقب زمنية مديدة من الاستعمار ومحاولات تذويب الهوية، أصبحت تعاني أمراضاً بنيوية لا شفاء منها إلا بمشروع نهضويّ يُعيد أمجادها ومكانتها التاريخية، كأمّة لعبت دوراً متقدماً بين الأمم خلال دورات تكوين الحضارة البشرية.
لقد آمن سعاده بخيار المقاومة للدفاع عن فلسطين وحدود الأمة، بمواجهة المشاريع الاستعمارية بأشكالها ومسمّياتها المتعددة، الطامعة دوماً بثروات وخيرات بلادنا. ومن أجل تحقيق الغايات الكبرى المتمثّلة بالوحدة والنهضة وتحرير الأمة، سعى سعاده لبناء قوة منظمة محرّكة لمسارات الصراع ومحدداته، فأسس الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي لم يغادر مربّع المقاومة منذ البدايات.
نحن في حركة أمل بقيادة الرئيس نبيه بري نعتزّ بالعلاقة الوثيقة التي تجمعنا، منذ أربعة عقود ونيّف، مع حزب أنطون سعاده على قاعدة العداء الوجودي لـ”إسرائيل” ومجابهة مشاريع التقسيم والفدرلة والغيتوات… وأثبتت مجريات الصراع، خلال العقود الماضية، من خلال التجربة اللبنانيّة أن خيار المقاومة التي غرز الإمام موسى الصدر ركائزها وثقافتها في أرض جبل عاملة وفي نفوس وعقول كل اللبنانيين الأحرار، كان ولا يزال الخيار الأنجع والأفعل لردع العدوانية الصهيونية.
إن عملية طوفان الأقصى، وما تلاها من حرب الإبادة الأميركية الإسرائيلية بحق أهالي قطاع غزة، أحدثت انعطافة كبرى في مجريات الصراع ضد كيان العدو. لقد هزّت مفاعيل تلك العملية والصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية ركائز هذا الكيان، وفضحت هشاشته وعجزَه عن تحقيق أي من أهداف الحرب الرئيسة، بعد مضي أكثر من تسعة أشهر. رغم جسور الدعم الجوي والبحري اللامحدود من الولايات المتحدة ودول الغرب، فما حصل عليه الجيش الإسرائيلي في هذه الحرب المستعرة نيرانها من معدّات وأسلحة وذخائر، هي أضعاف ما حصل عليه في مجموع حروبه السابقة.
ومن ضمن رؤية ترابط الجبهات والساحات لم يُترك الشعب الفلسطيني وحيداً؛ فالمقاومة في لبنان بادرت منذ اليوم التالي لطوفان الأقصى، لرفع الجهوزية والتموضع على طول الحدود قبالة فلسطين المحتلة. في إجراء استباقي ردعي للدفاع عن الجنوب ولبنان، من دون إنكار شرف الوقوف إلى جانب المقاومة البطلة في قطاع غزة. وبعض القوى اللبنانية اعتبر ولا يزال، أن ما تفعله المقاومة يُعطي ذريعة لتوسيع الحرب الإسرائيلية، وكأن تل أبيب تحتاج لذريعة للثأر من لبنان، البد العربي الوحيد الذي حرّر معظم أرضه وطرد المحتل بفعل المقاومة المسلحة. ونرى أن ما أقدمت عليه المقاومة منذ الثامن من أوكتوبر منع الحرب الإسرائيلية ولم يستدرجها. ولتبيان الأمور بوقائعها، يمكن الرجوع إلى مقابلة عضو مجلس الحرب السابق الجنرال غادي إيزنكوت مع صحيفة يديعوت أحرونوت يوم 18 كانون الثاني حيث قال: “إنه في 11 أوكتوبر، أي بعد ثلاثة أيام على عملية طوفان الأقصى، منع بنيامين نتنياهو من شن هجوم واسع على لبنان”. وهذا دليل جليٌّ على أن قرار الحرب على وطننا موجود على طاولة قادة العدو من اليوم الأول لبدء القتال. وبالتأكيد إن موقف الجنرال إيزنكوت ليس حباً باللبنانيين بل لتخوّفه من عدم نجاح الجيش الإسرائيلي في تحقيق أهدافه، وانعكاس ذلك سلباً على الكيان الصهيوني، الذي يشهد تصدّعات بنيوية عميقة وفقدان الثقة بين قياداته السياسية والعسكرية والأمنية، وكذلك بين مجتمع الاستيطان ومؤسسة الجيش. وهذا أمر غير مسبوق في تاريخ هذا الكيان.
إن ما يمنع الحرب الإسرائيلية الشاملة على لبنان رغم تهديدات قادة العدو، هو حال الجيش الإسرائيلي الغارق في متاهة غزة، والذي يعاني الإنهاك والتعب نتيجة الحرب الطويلة التي لم يعتدها سابقاً. وهو الذي وصفه يوماً الكاتب الفرنسي جاك بنيودي أنه جيش طويل الباع لكنه قصير النفس. إضافة إلى أن الأميركي شريك الإسرائيلي في حروبه، لا يحبّذ حرباً شاملة على لبنان في هذه المرحلة، لاعتبارات لها علاقة بانتخاباته الرئاسية. وكذلك التغيّر الحاصل في مزاج شرائح شبابية أميركية، من ضمنها أعضاء في الحزب الديمقراطي شاركوا في تظاهرات الدعم لغزة بمواجهة حرب الإجرام الإسرائيلية التي تدعمها واشنطن. كما أن الإدارة الأميركية اليوم تُعطي الأولوية للحرب الروسيّة الأوكرانيّة، وضرورة تأمين مستلزمات الجيش الأوكرانيّ أولاً، لأن في ميادين تلك الحرب تُرسم معالم النظام العالمي الجديد. وليس سراً أن المصانع الحربية الأميركية غير قادرة على توفير احتياجات الحرب الإسرائيلية والأوكرانية في آن واحد.
وأكد أن الأهم مما تقدم، أن واشنطن تخشى هزيمة إسرائيلية في لبنان انطلاقاً من مقارنة بسيطة مفادها، أن الجيش العاجز عن إخضاع قطاع غزة المحاصر والمُجوّع الذي لا تتجاوز مساحته 350 كلم2، ماذا سيفعل بمواجهة المقاومة في لبنان التي تتحرك على مساحات واسعة، وتمتلك من الإمكانيات والقدرات، كماً ونوعاً، أضعاف أضعاف ما تملكه نظيرتها الفلسطينية؟ كما أن الجمهورية الإسلامية في إيران وسورية الظهير الاستراتيجي لقوى المقاومة، وجبهات الإسناد في العراق واليمن سترفع وتيرة انخراطها في المعركة حكماً، إذا توسّعت الحرب الإسرائيلية على لبنان. وسيؤدي الأمر إلى اشتعال حرب إقليمية في لحظة دولية شديدة التوتر والتعقيد.
ان وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة هو مفتاحية توقف كل جبهات الإسناد، ومن بينها الجبهة اللبنانية. وهذا ما تبلغه جميع الموفدين الأجانب الذين تقاطروا إلى بيروت، خلال الأشهر الماضية، من الرئيس نبيه بري الذي يخوض مفاوضات شاقة أشبه بحرب سياسية دبلوماسية، لا تقل ضراوة عن الحرب العسكرية. وقد تبلّغ هؤلاء الموفدون الذين أتوا حاملين السردية الإسرائيلية من الصراع، وأولهم آموس هوكشتاين تمسّكنا بالقرار 1701، مع التشديد على إلزام الجانب الإسرائيلي التقيد بمندرجاته ووقف الخروق الجوية والبحرية. وكذلك تمسّكنا بحق استرجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر والنقاط الحدوديّة المختلف عليها. وهذا أمر لا جدال فيه.
نرى أن لا حلّ إلا بالحوار والتوافق، لأن تركيبة المجلس النيابي الحالي لا تتيح لأي فريق منفرداً بإيصال مرشحه إلى قصر بعبدا، وهذا ما دلت عليه نتائج جلسات الانتخاب السابقة. ولو تلقف الرافضون للحوار مبادرة الرئيس بري التي أطلقها في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر في 31 آب الماضي، لانتخبنا رئيساً خلال عشرة أيام، ولكان لدينا اليوم حكومة كاملة الصلاحيات. إن إصرار الرئيس بري على مشاركة كل الكتل النيابية في الحوار، مرده ليس استعجال إنهاء الشغور الرئاسي فقط، بل وتعزيز الثقة بين القيادات السياسية لتسهيل إيجاد الحلول للأزمات المتراكمة التي يئن اللبنانيون تحت وطأة أثقالها. وكذلك لتمتين وحدتنا الوطنية التي اعتبرها الإمام الصدر أحد أفضل وجوه الحرب ضد “إسرائيل”.
لا خيار أمام اللبنانيين إلا الحوار والتلاقي في ظل النظام الطائفي البغيض القائم على ديمقراطية التسويات والتوافقات. ونقول للمتضررين من هذا النظام ونحن أولهم، آن الأوان لقيام دولة القانون والمواطنة المتصالحة مع الطوائف، كعنصر غنى وتنوّع حضاري، النابذة للطائفية التي قسمت اللبنانيين منذ ما قبل الاستقلال، وحوّلتهم إلى رعايا ضمن جماعات طائفية ومذهبية، وحالت دون تشكل هوية وطنية جامعة…
في ذكرى الاستشهاد، نقول لأنطون سعاده أنت حيّ في عقول وقلوب الذين آمنوا بفكرك واتبعوا نهجك وساروا على دربك بينما الجلادون والطغاة طواهم غبار النسيان ولم يبقَ من أثر لهم.
رسالة رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس
في القدس المحتلة المطران عطالله حنا
من أجلك نضيء شمعة في كنيسة القيامة
لن ننسى أنّ فلسطين دائماً كانت بوصلته… ومن وحي فكره وأدبياته ورسالته نؤكد أنّ فلسطين هي قضيتنا جميعاً، هي قضية الأمة كلها، هي قضية الأحرار في كلّ مكان…
أيها الأحباء… في يوم الفداء القومي ومرور 75 عاماً على استشهاد مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي الشهيد أنطون سعاده يطيب لي أن أبعث إليكم من القدس بهذه الرسالة مقدّماً التحية والوفاء لروح قائدنا وزعيمنا ومؤسّس الحزب الذي قُتِل جسداً ولكن الأعداء لم يتمكنوا من قتل الرسالة التي كان يحملها وينادي بها.
كم نحن بحاجة إلى هذا الفكر الوحدوي، إلى هذا الفكر الإنساني والقومي، كم نحن بحاجة الى هذا الفكر الذي يصوّب البوصلة في الاتجاه الصحيح، وخاصة في ظلّ الأوضاع العصيبة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني في ظلّ حرب الإبادة الجماعية التي تستهدف أهلنا في غزة وفي ظلّ التهديدات التي نسمع عنها والتي تتعلق بلبنان.
نحن في فلسطين، نحن في القدس لن ننسى الشهيد أنطون سعاده، لن ننسى فكره، لن ننسى أنّ فلسطين دائماً كانت بوصلته، واليوم من وحي فكره وأدبياته ورسالته نؤكد ونقول للأمة العربية كلها بأنّ فلسطين هي قضيتنا جميعاً، هي قضية الأمة كلها، هي قضية الأحرار في كلّ مكان بغضّ النظر عن انتماءاتهم الدينية والعرقية.
في هذه الأيام من واجبنا جميعاً أن نلتفت إلى غزة، وأن ننادي جميعاً بوقف هذه الحرب، بوقف هذه الآلام والأحزان والمعاناة، التي يتعرّض لها شعبنا الفلسطيني.
أما أنت أيها الشهيد والشاهد والمناضل والمجاهد أنطون سعاده، فمن أجلك نضيء شمعة في كنيسة القيامة مع تمنياتنا بأنّ هذا النور لكي يكون نوراً للأمم مزيلاً للظلمات، مزيلاً للأحقاد، مزيلاً لكلّ المظاهر السلبية التي نعيشها في هذا المشرق.
ستبقى يا أيها الشهيد الكبير حاملاً لهذه الرسالة الإنسانية حتى بعد 75 عاماً من استشهادك، قتلوك جسداً ولكن رسالتك باقية وستبقى…
كلمة الأمين العام
لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان علي حجازي
لرص الصفوف في وجه المؤامرة الكبيرة التي تستهدف كرامتنا وأمتنا
إشكالية أساسية تصيب خصومنا وأعداءنا فهم يعتقدون أنّهم بقتلنا يقتلون فكرنا، ويقتلون عزيمتنا، ولكنهم قتلوا أنطون سعاده ولكن لم يقتلوا فكره وعزيمته..
تحيا سورية، ويحيا قائد سورية ويحيا الجيش العربي السوري. من سبقوني استفاضوا بالشرح، لذلك لن اطيل.
هناك إشكالية أساسية في مقاربة خصومنا وأعدائنا للمعركة معنا. فهم يعتقدون أنّهم بقتلنا يقتلون فكرنا، ويقتلون عزيمتنا، ولكنهم قتلوا أنطون سعاده ولكن لم يقتلوا فكره وعزيمته..
قتلوا قادة كبار خلال الصراع الطويل، في لبنان، وقاتلوا سورية وقتلوا قيادات سورية، وقاتلوا قادة للمقاومة في فلسطين ولبنان وفي كل ساحات المقاومة ولم نستسلم بل سنبقى صامدين منتصرين، لأننا أصحاب حق وأصحاب قضية أما هم فتجار قضية ومطبّعون ومتآمرون.
إذا كانوا هم يقاتلوننا اليوم ومنذ أشهر في فلسطين وكانت الخلاصة لديهم أن المقاومة فكرة والفكر لا يموت وكل الأحزاب الوطنية والقومية فكر لا يموت، فكر انطون سعاده لا يموت ولو رحل بالجسد.
سأستعير من أقوال أنطون سعاده “إن الحياة وقفة عزّ فقط”. وهذا ما فعلته المقاومة في لبنان منذ البداية وكذلك المقاومة الفلسطينية في فلسطين، ولو لم نقف وقفة العز كمقاومة هل كنّا سنحقق النصر؟ ولو لم تقف سورية في وجه التكفير والقتل وتصمد شعباً وجيشاً وقيادة أين كنا قد أصبحنا، وكذلك في العراق وفي إيران، إذاً إن الحياة وقفة عزّ فقط.
وأخيراً في ما يتصل بالنظام في لبنان، جميعنا متفقون أنه يحتاج إلى إعادة صياغة، وتبدأ هذه الصياغة في تطوير قانون الانتخاب، هذا القانون الذي يُنتج لنا مشاريع نواب تشكل زعامات زواريب، ومن هنا يبدأ البحث عن حل حقيقي.
الأحزاب الوطنية والقومية مدعوة الى رص الصفوف في وجه المؤامرة الكبيرة التي تستهدف كرامتنا وأمتنا وعلينا توحيد صفوفنا والوصول الى صياغة ورقة مشتركة نقدم فيها رؤيتنا.
كلمة حزب الله ..
عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور إبراهيم الموسويّ
سعاده يفترش المرء حبوراً وحباً ويجتاحه شغفاً وشوقاً، فيرشح الزمان كلاماً وحراً وتبراً ويضوع المكان معنًى وشذًى وعطراً
ليس سعاده إلا صفواً بل صفوة فرادةٍ واستثناء، بدعاً بل إبداعاً في الناس والقول والعمل والنظريّة والتطبيق والشعار والممارسة اكتمل، ولأنه كذلك فإن نجمه بازغٌ ساطعٌ دوماً وما أفل.
طوفان الأقصى دليل ومؤشر وبرهان واقعي وحقيقي على فشل ما يسمّى بالمجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة وزيفه
في حضرة الكبار، يرتجّ الكلام، ويتلجلج القول، لكن مع سعاده غدا الأمرُ فعلَ أمرٍ فنطقتُ بالنثر ما قد يشبه الشعر.
لأنه سعاده ما أن شرّفوني وكلّفوني بالكلام عنه وفيه، حتى شعرتُ بالسعادة وهذا لعمري ليس لأني صاحب السعادة وقد جاوزت نصف عمرها العتيد ولم يبق فيها إلا نصف يقلّ ولا يزيد، إلا إن أدركتها نعمة التجديد أو لعنة التمديد.
وإنما لأن سعاده يفترش المرء حبوراً وحباً ويجتاحه شغفاً وشوقاً، فيرشح الزمان كلاماً وحراً وتبراً ويضوع المكان معنًى وشذًى وعطراً.
ورأى أن في المخاضات الصعبة، وفي المخاض الأصعب حين ادلهمت الرؤى وعزّ الخطاب وتاهت الأفكار وعميت الأبصار، كان صاحب البصيرة النافذة والرؤى الواضحة والمقولات الراجحة والمواقف الحاسمة. كان استثنائياً استشرافياً، منظراً وأديباً وعالم اجتماع، وثائراً مُناضلاً، وقائداً، وزعيماً وشهيداً ولعل من بين الألقاب كلها مجتمعة لقبه الأخير أنه الشهيد والشهداء أحياء عند ربهم يُرزَقون، وبالكلام على أنهم أحياء يرزقون فهم يُرزقون ويرزقون أيضاً. وما وجودنا في هذا المكان إلا ترجمة أمينة وصادقة للرزق الذي صانه سعاده في كل زمان ومكان.
كلام سعاده هو كلام الفطرة الإنسانية والأخلاقية، “أتممتُ رسالتي وسأختمها بدمي”.
“كل ما فينا هو من الأمة، وكل ما معنا هو للأمة حتى الدماء التي تجري في عروقنا هي ليست ملكاً لنا، ولكنها ملك الأمة متى طلبتها وجدتها”.
لذا أخالكم تستطيعون معي صبراً وتوسعون لي صدراً في ما عزمت من قول، فضلاً وليس أمراً.
ليس سعاده إلا صفواً بل صفوة فرادةٍ واستثناء، بدعاً بل إبداعاً في الناس والقول والعمل والنظريّة والتطبيق والشعار والممارسة اكتمل، ولأنه كذلك فإن نجمه بازغٌ ساطعٌ دوماً وما أفل.
لم يترجّل عن صهوة عمره إلا ليرتقي برِاق مجد خلوده أو خلود مجده لا فرق، ليكون بحقّ أسطورة، أيقونة، ملحمة نهضة في الغرب وفي الشرق. وكأنه حيٌّ فينا الآن بما قاله منذ 75 سنة ونراه اليوم.
قد تسمعون في لبنان من يقول لكم إن لا علاقة للبنان بفلسطين، إن فلسطين أرض سليبة، أن فلسطين قضية لبنانية في الصميم، كما هي قضية سورية في الصميم، كما هي قضية أردنيّة في الصميم، كما هي قضية إنسانية في الصميم.
من أوائل الذين نظّروا وحذروا من الخطر الصهيوني والتصدي للتقسيم والتفتيت ومؤامرات سايكس بيكو. كانت رؤيته القومية رؤية حضارية مشبعة بالتسامح، مطعّمة بروح الشرق والحق، جاءت على غير تعصّب وعصبية، بل جاءت جامعة مانعة تحفظ الجميع وتستوعبهم لتحفظ الأمة والقضية، ومع الدين تصافح وتصارح وتصالح كمرتكز ومقوّم ومكوّن من مكوّنات القضية.
والأهم أنه أول من أسس لفهم حقيقيّ عميق لطبيعة العداء مع الصهيونية بأنه عداء وجود لا عداء حدود.
من هنا، فإننا كمقاومة في لبنان نقدّر عالياً، ونعتز كثيراً بالإرث الفكري النضالي الذي تركه سعاده، ونفهم بعمق أي وعي استراتيجي أراد أن يزرعه في عقول وأرواح أبناء الأمة، لذلك أيها القوميّون نحن نعتز ونفتخر بكم ونتكامل معكم في معركة الوجود ضد الصهاينة وأسيادهم وأذنابهم.
كنا سوياً وسال الدماء وامتزج ضد التكفيريين وسنكون سوية في كل الحروب من أجل الأمة ومن أجل فلسطين.
ولأن غزة هاشم اليوم تقاتل عن الأمة كان حقاً علينا أن نفعل يا أبناء الحياة.
لأنه سعاده نادى فأسمع، لأنه سعاده نادى بكلمات ومواقف ولا أروع فأبلغ وأسمع، أسمع الملأ الأعلى فعلاً قولاً وفعلاً.
لأنه سعاده لم يؤثِر السلامة، وما قبل الملامة بل اعتنق شهادته وتدثَّر سعادته ومضى إلى ما ظنّوه موته فإذا به خلوده لأنه لم يرَ في الحياة مع الظالمين إلا برما.
لأنه سعاده تجلبب دثار المجد والفخر والعزّ فلم يرضَ لنفسه وأمته إلا الإقامة في دار الكرامة.
لأنه سعاده، كان وما زال وسيبقى عصياً على الرحيل متنكراً للنسيان، حاضراً في الزمان والمكان، وهذا ما لم يكن في الحسبان، لم يكن في حسبان مَن قتلوه، وما قتلوه، حسبوا أنهم أنهوه فإذا هو نهضة لا تنتهي، نهضة لا تني تتلوه، تتلوه كلاماً، طلسم عشقٍ لأجيال وأزمان، اعتنقها فاعتنقته بيعة نهضة قومية يرفعها فترفعه، يسمو بها فتسموه.
لا أدري ما حسبوك وكيف احتسبوك، لو عرفوك ما قتلوك لأنهم عندما قتلوا جسدك أسلموا روحك للخلود، وما زالوا يتلون فعل الندامة لأنك أصبحت للناس، الكثير من الناس، إماماً وأماماً.
لأن سعاده طبعة خاصة من كتاب الحياة، يا أبناء الحياة، وفلسفة خاصة في فهم الموت “لا يهمني كيف أموت بل من أجل ماذا أموت”.
لأن سعاده طبعة خاصة من كتاب الحياة ما أن تقرأ منه سطراً حتى يستحيل حبر المعرفة دم تضحية والتزاماً، وتغدو بذلك قومياً ملتزماً حد الحق والحقيقة، مُودَعاً فخراً وعزاً كأصحاب السليقة، واصلاً كأصحاب الطريقة، الطريقة القومية بل القويمة التي تزرع فيك مبادئ وأسساً وقيماً تعطيك فرداً ومجتمعاً كل القيمة.
هذه تجربة اختُصِرت في حياة رجل، وعلى قلة السنوات غرزت العطاءات حتى لتحسب أن الرجل قد وقع على معين لا ينضب، فغرف حتى عرف، وعندما بلغ حد اليقين فاض عن الزُبى رُبىً وهامات قومية توزعت أرجاء المعمورة لأمة لا بدّ ولا شك منصورة.
ان في طوفان الأقصى وفي الحرب ضد الصهاينة هناك انهيار كامل وسقوط مريع لكل النموذج الغربي الذي تبجح بحقوق الإنسان والحرية والحضارة، سقوط مريع حتى لمن يسمون أنفسهم النُخب الغربية والأميركية. وما جرى ويجري في غزة منذ طوفان الأقصى هو دليل ومؤشر وبرهان واقعي وحقيقي على فشل ما يسمّى بالمجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة الذي يدّعي أنه مع حقوق الإنسان والسلام والأمن العالمي. هو انهيار حقيقي لكل هذه “النخب” جسّد أمامنا مقولات الزعيم أنطون سعاده.
والمقاومة اليوم هي المعادلة الكبرى وهي نهر أبديّ سرمديّ أزليّ يمتدّ منذ اللحظة الأولى التي التزم فيها أول إنسان بالحق والعدل والخير والجمال وستنتهي بآخر إنسان يحقق النصر، هي مقاومة القوميين والبعثيين والفلسطينيين والعرب والشيوعيين وكل الأحرار.
اليوم بعد تسعة أشهر على بدء طوفان الأقصى نؤكد أنه لا يمنع أو يردع “إسرائيل” قرارات أممية ودولية، وإنما وجود أقوى قوة جوية وطنية عربية المتمثلة بالمسيّرات التي تريد قتال “إسرائيل” وتحرير لبنان وفلسطين. والمقاومة اليوم تمتلك قوة مدفعيّة وسلاح بحريّة وقدرة بريّة، لذلك فإن النصر مكتوب على الجبين ويحتاج إلى صبر ويقين وقريباً سنحرّر فلسطين.
أنتِ أيتها الضهور منذ ضممت في ترابك تلك الرفاة شمخت وتعملقت وارتقيت ولم تعودي ضهوراً بل غدوت دهوراً، دهور سماوات، لأنك حفظت وما زلت تحفظين مَن قارع المستكبرين المستعمرين الطغاة.
وبعد كل هذه السنين، وباختصار أيها السادة، وفي سيرة ومسيرة سعاده، لو جاء كل منا بزاده ليقاسمه مع سعاده لوفّاه حقه وزاده.
ولأن المقام مقام أمام، ولأن المقام مقام مقاوم وإمام، سأمسك عن الكلام، لأن حبر دمائه لن يجب ولن تسعف الأقلام.
كلمة رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين أسعد حردان
في احتفال الفداء والوفاء في ضهور الشوير:
الصمود الأسطوريّ لشعبنا، ودور قوى المقاومة الميداني يؤكد حقنا ويصونه ويثبّت قواعد ومعادلات رادعة جديدة
الثامنُ من تموز يومٌ حفرَ فيه التاريخ روحَه ومعناه، بآياتِ الخلودِ والتضحيةِ والفداء
اغتالوك يا زعيمي لأنك تجاوزتَ عن سبقِ شجاعةٍ خطوطهم الحمراء فرسمتَ خطوط المواجهةِ صراعاً بالحديد والنار مع عدوّ يهودي صهيوني
نقاوةُ الدمِ التموزيّ وحرارتُه ضبطت التاريخ على ساعة وقفة العز، تحدياً وعنفوانا. إنه دمُك يا سعاده رصّعَ تاريخَنا بأحرف من نور ونار
مواجهة الحصار والتجويع، تتطلب تسانداً اقتصادياً على صعيد دول المشرق التي تجمعها دورة حياتية واقتصادية واحدة، وهذا هو جوهرُ مبادرتنا لقيام مجلس تعاون مشرقي
نحن حزبٌ قاتلَ العدو الغاصب على أرض فلسطين، وواجه احتلاله ومشروعه وأدواته في لبنان، وقاتلَ الإرهاب والتطرف على أرض الشام، مقدّماً الشهداء والتضحيات في سبيل وحدة لبنان وفي سبيل استعادة أرضنا المحتلة
انتخاب الرئيس يخضعُ لاعتبارات ومصالح لبنانية صرفة، ولمواصفات وطنية أساسها صون الدستور، أي صون وحدة لبنان وسلمه الأهلي وعناصر قوّته المتمثلة بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة
إنّ رفض الحوار، هو تأييد لاستمرار الفراغ، ودفع باتجاه تحلّل الدولة بكلّ مؤسساتها، وتهيئة لحرب داخليّة يتحمّل رافضو الحوار وزرَها
الإصلاح السياسي يبدأ بقانون انتخابي يوحّد ولا يقسم، يرسّخ الديمقراطية والمواطنة لا الطائفية والمذهبية
النظام الطائفي في هذا البلد، يريد فرضَ الخصخصة وتقاسم منافعها محاصصة بين الطوائف والمذاهب. وهذه عقلية لا تبني بلداً ولا مواطنة، بل تقيم فدراليات وتحوّل المواطنين الى رعايا طوائف ومذاهب
اللامركزية التي تُطرح بدون مقدّمات وبلا سقوف، هي تقسيمٌ مقنّع، نرفضه ونواجهه، لأننا حريصون على وحدة لبنان واللبنانيين، وأمناءُ على التضحيات التي قُدّمت في سبيل إسقاط مشروع تقسيم لبنان
لبنانَ في خطر، والمسؤوليةُ هنا تقعُ على من يريدُ أخذ لبنان نحو الخطر ويهدّد سلمَه الأهلي ووحدتَه الوطنية
نسترشدُ بعظمة الزعيم الشهيد القدوة ملهماً للأجيال المتعاقبة بروحه الجبارة وتضحياته العظيمة
«الحضور الكريم
أيّها الرفقاء
الثامنُ من تموز ليس يوماً عادياً في ذاكرة الزمن، بل هو يومٌ حفرَ فيه التاريخ روحَه ومعناه، بآياتِ الخلودِ والتضحيةِ والفداء.
اغتالوك يا زعيمي جسداً، فسمَت روحكَ بنبضِ الفداء مجداً وعزاً،
وتزيّن التاريخُ بطُهْرِ الدماء معلناً فجرَ الحياةِ بإشراق الشهادة، كاشفاً عتمةَ المؤامراتِ وظلامة الاحتلالاتِ والغزواتِ إرهاباً وعنصريّة.
اغتالوك يا معلمي لأنّهم رأوا في فكرِك وعقيدتِك، أساساً صلباً لقيامةِ أمةٍ موحّدةٍ حرّةٍ سيدةٍ وقوية،
أمة تواجهُ بإرادةِ أبنائِها ومقاوميها مفاعيل التجزئة ومشاريع التصفية التي رسمتها الإرادات الدولية.
اغتالوك لأنك تجاوزتَ عن سبقِ شجاعةٍ، خطوطهم الحمراء، فرسمتَ خطوط المواجهةِ صراعاً بالحديد والنار، مع عدوّ يهودي صهيوني، يجسّدُ باحتلاله وجرائمه، العنصريةَ والإرهابَ، وأطماعَ القوى الخارجيةِ ومخططاتها للهيمنة على أمتنا وثرواتها.
اغتالوك لأنك أسّستَ حزباً مقاوماً، أعدَدْتَه خطةً نظاميةً دقيقةً في مواجهةِ الخطةِ الصهيونية،
ولأنك حاربتَ الطائفيةَ والمذهبيةَ والتفتيت، بوصفها آفاتٍ مُمهّدة لقيامِ كيان الاغتصاب على أرض فلسطين…
وعلى جريمةِ اغتيالِك، تقاطعتِ الصهيونيةُ ورعاتُها مع عملائِها وأدواتِها الصغار المحليين.
اغتالوكَ يا معلّمي، ولم يحسبوا أنّ دمَك سيعمّقُ الصراع بين الحقّ والباطل، بين الكرامةِ والخيانة، وبين العزةِ والذلّ.
استشهادُك يا سعاده، عزّزَنا وحصّنَنا، وأنت القائلُ “إننا نحبّ الموتَ متى كان الموتُ طريقاً للحياة”، وهل من حياةٍ أعزّ وأنبل من أن نبلغَ الشهادة دفاعاً عن حقنا وأرضنا وشعبنا؟
نقاوةُ الدمِ التموزيّ وحرارتُه ضبطت التاريخ على ساعة وقفة العز، تحدياً وعنفوانا.
إنه دمُك يا سعاده رصّعَ تاريخَنا بأحرف من نور ونار،
نورُ البطولة المؤمنة المؤيّدة بصحة العقيدة،
ونارٌ في وجه الكيان الغاصب ورعاتِه.
أيّها الحضور
ونحن نُحيي يوم الفداء والوفاء هذا العام، تواجهُنا تحدياتٌ كبيرة وخطيرة، ليس على مستوى المعركة الحاصلة مع عدوّنا الغاصب وحسب، بل على مستوى كلّ جهات التربّص ويلاً بشعبنا وبلادنا.
فحربُ الإبادة الصهيونية بحقّ أهلنا في فلسطين هي ذاتُها العدوان المتواصلُ على لبنان والشام، وهي ذاتُها تتجسّدُ بمحاولاتِ إضعافنا في دولِنا القومية وعالمِنا العربي من خلال مشاريعَ هدامةٍ بأدواتٍ داخليةٍ تنأى بنفسِها عن المصالحِ الوطنيةِ العليا.
منذ تسعةِ أشهرٍ، والكيانُ الغاصبُ الزائلُ، يدكُّ غزةَ بالقنابلِ والصواريخِ، ويبيدُ الأرواحَ، لا سيّما الأطفال والنساء، وينشرُ الدمارَ، إلاّ أنّ أهلَنا في غزةَ يواجهون الدمارَ والموتَ بروحِ الصمودِ والكرامةِ والإباء، يخوضون معركةً من أجل البقاءِ والحريةِ والانتصار.
والحربُ على غزة، كما العدوان على كلّ مدن وقرى فلسطين المحتلة، وعلى جنوب لبنان وعلى مناطق سوريّة عدة، هي لكسرِ إرادةِ المقاومةِ في أمتنا، وهي حربٌ متواصلةٌ منذ اغتصابِ فلسطين واجتياحِ لبنان مروراً بغزو العراقِ وحربِ تموز وثوراتِ الربيعِ العربيّ المتأسرِل، الى الحربِ الإرهابيةِ الكونيةِ على سورية. وهذا يؤكدُ أنّ هذه الحرب، هي استراتيجية صهيونية – غربية هدفها إبادة شعبنا وتصفية المسألة الفلسطينية وكل قضيتنا القومية. لذلك، فإنّ الصمود الأسطوريّ لشعبنا، والدور الذي تؤدّيه قوى المقاومة في الميدان، هو لتأكيد حقنا وصونه، وتثبيتٌ لقواعد ومعادلات رادعة جديدة.
أيها الحضور
عناصرُ التآمرِ تتفكّك، فالعديدُ من دول الحرب على سورية، تنسحب تباعاً، والقوى الإرهابية التي استخدمت في هذه الحرب، اندثر منها الكثير وما تبقى هو على شفير الاندثار، لكن الحرب لا تزال مستمرة، من خلال الحصار الاقتصادي الجائر، ناهيك عن أنّ قوى الاحتلال تنهبُ خيرات سورية قمحاً ونفطاً وثروات.
ولذلك، نؤكد بأنّ مواجهة الحصار والتجويع، تتطلب تسانداً اقتصادياً على صعيد دول المشرق التي تجمعها دورة حياتية واقتصادية واحدة، وهذا هو جوهرُ مبادرتنا لقيام مجلس تعاون مشرقي.
الحرب على سورية، لأنّ سورية تحمل قضية فلسطين وتشكل حاضنة للمقاومة في أمتنا، ولأنها تمسّكت بالحق والسيادة والكرامة، وقرّرت أن تصمد وأن تواجه، فتحية من حزب سعاده إلى سورية الأبية بجيشها وشعبها وقائدها الشجاع.
كما أنّ صمود شعبنا في غزة وفلسطين وفي جنوب لبنان، وما تسطره مقاومة شعبنا من ملاحم بطولية في الميدان، شكّلا هزيمة مدوية للعدو الغاصب، وهو يقف عاجزاً متهالِكاً ومترنّحاً، في أطول حرب يخوضها.
فتحية إلى أبناء شعبنا في غزة وكل فلسطين وتحية إلى أهلنا في جنوب لبنان، وتحية الى المقاومة في فلسطين وإلى المقاومة في لبنان التي تواجه العدو ببسالة وتفرض المعادلات التي تحمي لبنان وتنصر فلسطين.
ونتوجه بالشكر الكبير إلى الدول التي وقفت إلى جانب حقنا في الدفاع عن أرضنا وشعبنا، ونخصّ روسيا الاتحادية والصين الشعبية والجمهورية الاسلامية الايرانية وجنوب أفريقيا وغيرها من الدول الحليفة والصديقة.
أيها الحضور
نحن في خضمّ مواجهة مصيرية، يراكمُ فيها العدو جرائمَه الوحشية بحق الأطفال والنساء والشيوخ، وهي جرائمُ موصوفةٌ هزّت ضمائر شعوب العالم لا سيما طلبة الجامعات الذين خرجوا في تظاهرات تضامنية مع فلسطين وحق أهلها في الحياة، وإدانة للحكومات الغربية التي تغطّي على جرائم “إسرائيل” في المحافل والمؤسسات الدولية. وهذا يؤكد أنّ مقاومة الاحتلال والعدوان، هي حقٌ مشروع لشعبنا مهما اشتد التآمر وكبرت التحديات.
أيها الحضور
نحن حزبٌ قاتلَ العدو الغاصب على أرض فلسطين، وواجه احتلاله ومشروعه وأدواته في لبنان، وقاتلَ الإرهاب والتطرف على أرض الشام، مقدّماً الشهداء والتضحيات في سبيل وحدة لبنان وفي سبيل استعادة أرضنا المحتلة.
ولأنّ البوصلة عندنا واضحة، نرى أنّ البعض في لبنان يضيّع البوصلة، ويستنكفُ القراءة في كتاب الكرامة الوطنية، ويحفظ فقط أرقام قرارات دولية مشبوهة لا تصبّ في مصلحة لبنان بل تعرّض وحدته وسلمه الأهلي للخطر. وهذا البعض يقدّم عن قصد أو عن غير قصد خدمة للعدو حين يصوّب على المقاومة وسلاحها، بوصفها واحدة من أهمّ مكامن قوة لبنان.
(مثال على ذلك موضوع مطار بيروت الدولي)
إننا نذكر هؤلاء، بأنّ بالقرار 425 لم ينفذ بإرادة دولية، بل بإرادة المقاومة التي فرضت تنفيذه بقوافل مستمرّة من الشهداء والتضحيات.
أما الذين لا شغل لهم سوى استهداف المقاومة، فهؤلاء يستهدفون التضحيات التي بذلت، والشهداء الذين ارتقوا، والانتصارات التي تحققت، والوحدة التي ترسّخت، وهذا أمر خطير، يصبّ في مصلحة أعداء لبنان.
نحن نؤكد باستمرار على أهمية دور الجيش اللبناني ومهامه الوطنية في تحصين استقرار لبنان والدفاع عنه، كما نؤكد دائماً على ضرورة تأمين كلّ احتياجات مؤسسة الجيش، لا سيما حاجتها للأسلحة المناسِبة لردع العدوانية الصهيونية. ومن هنا نوجه التحية الى الجيش اللبناني، قيادة وأفراد، لأنه يشكل ضمانة وحدة لبنان.
أما في موضوع الاستحقاق الرئاسي فإنّ الذين يتوهّمون الإتيان برئيس للجمهورية بسيف العقوبات الدولية، أو تحت ضغط الترغيب برشاوى الدعم المالي، عليهم أن يعيدوا النظر في خطابهم ومواقفهم، فانتخاب الرئيس يخضعُ لاعتبارات ومصالح لبنانية صرفة، ولمواصفات وطنية أساسها صون الدستور، أي صون وحدة لبنان وسلمه الأهلي وعناصر قوّته المتمثلة بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.
إنّ أداة تعطيل انتخاب الرئيس، هي هذه التركيبة للمجلس النيابي الحالي التي انبثقت عن قانون انتخابيّ خالف الدستور ووضع البلد مجدّداً في مربّع الاصطفافات الطائفية والمذهبية المولدة للأزمات.
ايها الحضور
إنّ لبنان قائم على فكرة الحوار.
نعم، لو لم يكن هناك حوار بين اللبنانيين، لما كان الطائف، ولما توقفت الحرب الأهلية، ولذلك، نقول إنّ رفض الحوار، هو تأييد لاستمرار الفراغ، ودفع باتجاه تحلّل الدولة بكلّ مؤسساتها، وتهيئة لحرب داخليّة يتحمّل رافضو الحوار وزرَها.
الحوار مطلبٌ أساسيّ نشدّد عليه، والقوى السياسية التي ترفضه، عليها الإجابة، عما إذا كانت لا تزال مع الطائف الذي أوقف الحرب وأعاد بناء مؤسسات الدولة ووحّدها وفي طليعتها رئاسة الجمهورية والحكومة ومؤسسة الجيش، أم هي مع أجندة خارجية تعيد لبنان إلى مربّع ما قبل الطائف.
نحن نقول بأنّ ألِف باء تحصين لبنان، قانون انتخابي يقوم على النسبية المكتملة وخارج القيد الطائفي وعلى أساس الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسّعة، وما عدا ذلك، إمعانٌ في الفراغ وإيغال في الهدم. انّ الإصلاح السياسي يبدأ بقانون انتخابي يوحّد ولا يقسم، يرسّخ الديمقراطية والمواطنة لا الطائفية والمذهبية.
أمّا الأزمات التي تنشأ وتتربّع على عرش التفاقم، ولا يستطيع أحد إنزالها. بدءاً بتردّي الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية، وارتفاع أسعار كلّ السلع والمواد، وأزمات المياه والكهرباء والصحة والاستشفاء والتربية والبيئة والنفايات، وانعدام القدرة الشرائية للمواطنين، وغياب مؤسسة حماية المستهلك عن السمع، كلّ ذلك، لأنّ النظام الطائفي في هذا البلد، يريد فرضَ الخصخصة وتقاسم منافعها محاصصة بين الطوائف والمذاهب. وهذه عقلية لا تبني بلداً ولا مواطنة، بل تقيم فدراليات وتحوّل المواطنين الى رعايا طوائف ومذاهب.
والأمور لا تقف عند هذا الحدّ، لا بل تتملّكنا قناعة، أنّ تفاقم الأزمات والوضعين الاقتصادي والاجتماعي، ترتبط ارتباط وثيقاً بما يخطط للبنان ويهدّد وحدته. فـ اللامركزية التي تُطرح بدون مقدّمات وبلا سقوف، هي تقسيمٌ مقنّع، نرفضه ونواجهه، لأننا حريصون على وحدة لبنان واللبنانيين، وأمناءُ على التضحيات التي قُدّمت في سبيل إسقاط مشروع تقسيم لبنان.
نحن نؤكد دائماً أنّ الدستور يجب أن يطبّق كاملاً، واللامركزية يجب أن تطبّق في هذ السياق ووفق مبتغاها الإنمائي، لكن ليس قبل تطبيق كلّ المندرجات الإصلاحية التي نصّ عليها الطائف، وفي طليعتها قانون انتخابي يحقق صحة التمثيل ويرسّخ عماد الوحدة.
وإننا ننبّه، من أنه إذا تُركت الأمورُ لكي يأخذَ كلّ فريق ما يناسبُه ولا يناسبُ البلد، معنى ذلك أنّ لبنانَ في خطر، والمسؤوليةُ هنا تقعُ على من يريدُ أخذ لبنان نحو الخطر ويهدّد سلمَه الأهلي ووحدتَه الوطنية.
انّ إصرارنا على تطبيق الدستور، إصرار على التمسك بعناصر قوّتنا، ورفض لمقولات الحياد والضعف. فالقوةُ أداة تحرير وانتصار وتقدّم وازدهار، أما الضعف والحياد أداة ذلّ وخنوع.
أيّها الحضور الكريم،
في حَضرةِ شهيدِ الثامنِ منْ تموز، نعتصمُ بالوفاء، إجلالاً للفداء، “نتألمُ لكننا لا نُذلّ ولا نُسحق”.. نُجدّدُ العهد ميثاقاً، بكلّ ما أوتينا من قوة الإيمان وعزم الإرادة، بألا نحيدَ أبداً عن خيارِنا ولا ننحرفَ عن مسارنا، وما من خيار يجسدُ إيمانَنا إلا خيارُ المقاومة، وما من مسار يستهويه نضالنا إلا مسارُ الصراع.
الثامن من تموز ليس مجرد تاريخٍ عابر، بل هو برهان على صمود النهضة وانتصار قيَم الحرية، هو يوم للفداء بشهادةِ الدم الزكية، ويوم للوفاء لشهداء الحزبِ والأمة، الذين أضاؤوا بتضحياتهم الطريق في سبيل الحق والحرية.
اليوم، وبوهجِ التاريخ المرصّع بالشهادة وبأمجاد وقفات العز، مقاومة واستشهاداً، وبالفكر الذي شعّ توقداً، نسترشدُ بعظمة قائدنا الشهيد القدوة، ملهماً للأجيال المتعاقبة بروحه الجبارة وتضحياته العظيمة.
وعلى عهدِ الوفاء لشهيد الثامن من تموز،
كلمتي إلى رفقائي السوريين القوميين الاجتماعيين، أبناء مدرسة سعاده،
نحن حركة صراع، و “الحياة لا تكون بلا صراع”
إيمانكم عظيم لا يتزعزع، وإرادتكم صلبة لا تلين.
“أكتافكم أكتاف جبابرة وسواعدكم سواعد أبطال”.
صونوا حزبكم، فكراً ونهجاً، واحموا عقيدتكم والمبادئ أساس التعاقد مع الشارع صاحب الدعوة.
ولأصحاب المهام منكم، كونوا في أعلى درجات الجهوزية، مستنفَرين ومستعدّين للمواجهة بما يقتضيه الميدان، وللاتصال بعدوّنا، اتصال الحديد بالحديد والنار بالنار لتحرير ما تبقى محتلاً من أرضنا.
هذا دأبنا وهذه طريقنا، وعلى هذه الطريق لَمستمرّون
لتحي سورية وليحي سعاده”.