الكيان الأسير يبحث عن اسراه
وفاء بهاني
لا يزال خط المفاوضات الغير مباشر بين المقاومة والكيان الصهيوني متعثراً بسبب العراقيل التي يضعها بنيامين نتنياهو من خلال ابتداع او إضافة شرط أمام كل محاولة لتحقيق تقدّم في المفاوضات. وغاية نتنياهو من العرقلة هي إطالة أمد الحرب وارتكاب المزيد من المجازر، اعتقاداً منه أنّ لك قد يعوّض له ولجيشه الإخفاقات الكبيرة التي أصابته ومنعته من تحقيق أيّ إنجاز في عمليته العسكرية التي دخلت شهرها العاشر، محاولاً ممارسة ضغط كبير على المقاومة لتقديم تنازلات أكبر وهو ما لم يتحقق ولن…
وإذا ما سلّطنا الضوء عن قرب على الوضع بشكل عام بدءاً من غزة ومروراً بكلّ جبهات الإسناد وفقاً لما يرد من تقارير وتصريحات للقادة السياسيين والعسكريين الصهاينة ولمراكز الدراسات والإعلام العبري على المستويين السياسي والعسكري تشير الى ما يلي:
1 ـ تعثر المفاوضات وتعطيلها من قبل نتنياهو الباحث عن نصر وهمي لم يحققه حتى الساعة.
2 ـ تصعيد المقاومة لعمليات استنزاف جيش العدو في غزة وفقدان الثقة في تحقيق أهداف العملية في رفح التي زارها نتنياهو لتعزيز ثقة الجنود والضباط وحثهم على مواصلة القتال.
3 ـ تزايد وتيرة العمليات العسكرية في الضفة وارتفاع نسبة القتلى في صفوف العدو رغم كل ما تقوم به سلطات الاحتلال من قمع واعتقال.
4 ـ فشل الوسطاء الأميركيين وغيرهم في فصل الجبهة الشمالية مع لبنان عن جبهة غزة وتصاعد وتيرة المواجهات والعمليات التي أرهقت جيش العدو ومستوطنيه.
5 ـ تماسك جبهات الإسناد في ظلّ ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية المشتركة بين إنصار الله والمقاومة الإسلامية العراقية لتطال البحر الأبيض المتوسط.
وبناء عليه فإنّ الفشل العسكري الصهيوني لم ينحصر في غزة ورفح، بل تجاوز ساحة المواجهة الفلسطينية ليصل الى لبنان مروراً بالعراق ووصولاً الى اليمن الذي ألحق هزيمة نكراء بالتحالف الأميركي البريطاني الصهيوني الذي يقف عاجزاً أمام ضربات الحوثيين للسفن العابرة للكيان، وتشديد الحصار عليه، في ظلّ فشل عمليات العدوان الأميركي البريطاني على اليمن في الحدّ من عمليات القوات المسلحة اليمنية التي ارتفعت نسبتها وتطوّرت نوعياً حتى باتت تشكل تهديداً وجودياً للكيان الصهيوني من خلال استهداف منشآته الاقتصادية والعسكرية، وصولاً إلى التطور الحاسم بالأمس المتمثل بالمُسيّرة «يافا» اليمنية الصنع التي ضربت في قلب تل أبيب.
أما على الجبهة العراقية وإضغافة إلى العمليات المشتركة مع أنصار الله في اليمن، فإنّ المقاومة العراقية تجعل عمليات العدوان العسكرية التي تقوم بها القوات الأميركية والبريطانية ضدّ الحوثيين فاشلة وغير قادرة على منعهم من فرض حصار على موانئ الكيان الاقتصادية وضرب منشآته العسكرية.
وفي ما يخص الجبهة العراقية حيث صعّدت المقاومة الإسلامية من عملياتها مستهدفة مراكز وقواعد عسكرية واقتصادية في عمق الكيان إضافة الى استهداف بعض القواعد الأميركية وفرض معادلة جديدة شكلت تهديداً للسفن العابرة عبر البحر المتوسط نحو الكيان لاستكمال تشديد الحصار عليه.
واستكمالاً تبقى الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة الأكثر اشتعالاً بحكم المواجهة القريبة والتي استطاعت ان تشكل ضغطاً كبيراً على حكومة العدو الذي بات حائراً بين الاكتفاء بعمليات ردّ محدودة او الذهاب الى مواجهة مفتوحة مع المقاومة في لبنان التي حسمت أمرها من خلال تحذيرات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والتي جدّدها وزاد عليها بالأمس في خطابه الذي ألقاه في ختام مسيرة العاشر من محرم، واضعاً خارطة طريق واضحة وشاملة في لبنان والمنطقة وعلى مستوى محور المقاومة، محذراً العدو من محاولة اجتياح لبنان لأنّ ذلك يعني الاتجاه نحو حرب مفتوحة سيكون من الصعب على العدو المهزوم في غزة استقطابها على جبهات المحور المتعددة.
كلّ تلك العناصر جعلت الكيان الذي يسعى لتحرير أسراه رهينة جبهات الإسناد، وبالتالي لم يعد بيد نتنياهو أية ورقة رابحة سوى ورقة إطالة أمد الحرب وهي ورقة خاسرة لكنها ورقة إجرامية لم ولن تحقق له الانتصار الذي لا يزال يبحث عنه وانّ اية مغامرة جديدة لن تكون نتائجها إلا بزوال الكيان المؤقت…