أولى

المحكمة الدولية تنطق بعد 80 سنة

عام 1945 تأسست محكمة العدل الدولية، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية كمرجع قضائي موازٍ لمجلس الأمن الدولي، تتمثل فيه الدول بقضاة يتم اختيارهم بمعايير صارمة في الكفاءة القانونية والتاريخ المميّز في المسارات القضائية، والمحكمة التي انسحبت أميركا من نظامها عام 1985، والتي ولدت قبل تاريخ ولادة كيان الاحتلال في فلسطين، لم تنظر يوماً في قضية فلسطين والاحتلال الذي يصادر أرضها وحقوق شعبها ولا في التمييز العنصري ضد أهلها الذي يمارسه هذا الاحتلال.
الذي يقول إن الحركة السياسية الفلسطينية اليوم تحوز دعماً دولياً أفضل من الذي حازت عليه يوم خطب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية أمام الجمعيّة العامة للأمم المتحدة يزوّر الحقيقة، والذي يقول إن حجم العلاقات الدولية بكيان الاحتلال اليوم أسوأ مما كان يومها مجافٍ للحقيقة، حيث لم تكن عشرات الدول التي تقيم اليوم علاقات دبلوماسية بالكيان تعترف بوجوده أو تتعامل معه.
اليوم تناولت محكمة العدل الدولية قضية فلسطين وقضية الاحتلال وقضية التمييز العنصري بصورة لا تشوبها شائبة، ما يؤكد أن الحقيقة القانونيّة كانت دائماً موجودة وكانت دائماً ساطعة وإن مشكلة النطق بها كانت هي القضية.
لم تنطق المحكمة اليوم لأنها اكتشفت الحق والحقيقة ولا لأن الحركة السياسية الفلسطينية نجحت بإقامة تحالفات ونسجت علاقات ولا لأن «إسرائيل» صارت أقلّ وزناً في العلاقات الدوليّة مما كانت قبل 70 عاماً.
اليوم تنطق المحكمة الدولية بحق فلسطين وتفضح احتلال أرضها والتمييز العنصريّ ضد شعبها لأن الشعب والمقاومة في فلسطين، ومن خلفهما قوى محور المقاومة، نجحوا في فرض معادلة قوة تمنع تجاهل الحق الفلسطيني وتربط مستقبل السلم والأمن الدوليين بمقاربة منصفة للقضية الفلسطينية، وكذلك لأن عذابات الشعب الفلسطيني وتضحياته مقابل جرائم كيان الاحتلال المدلل والذي تغاضت عنه محكمة العدل الدوليّة لعقود تمادى في الإجرام بفضل هذا الدلال والتغاضي، وصارت دماء الفلسطينيين، وخصوصاً الأطفال والنساء منهم بالآلاف، عبئاً على العالم، تضج به المنتديات والشوارع والميادين والساحات وهو يسائل عليه الأبناء آباءهم، ومنهم القضاة، ماذا فعلتم لفلسطين وملحمة بطولتها وصمودها ومظلوميّة أطفالها ونسائها تتحدّاكم؟
حضرت فلسطين كحق وحقيقة، لأنها حضرت كبطولة مقاومة ومظلوميّة شعب في الواقع بصورة لا تحتمل التجاهل.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى