نقاط على الحروف

سقطت المرحلة الثالثة ومأزق الكيان أعمق

ناصر قنديل

– المعركة كانت خلال الأسابيع الماضية حول مناورة أطلقتها واشنطن وتبنّتها تل أبيب متأخرة، محورها ما تمّت تسميته المرحلة الثالثة، وهي تندرج في سياق السعي لتخفيض خسائر جيش الاحتلال البشرية والمادية في حرب غزة، وتخفيض الغضب في الرأي العام العالمي الناتج عن جرائم الاحتلال وتماديها وتفاقمها، والرهان على تسويق هذا التخفيض في سائر الجبهات أملاً بالحصول على قدر من التهدئة، بما يتيح لحكومة الكيان التخفيف من الضغوط الداخلية للتوصل إلى اتفاق مع المقاومة في غزة.
– حالت رهانات بنيامين نتنياهو، ومعه القيادة العسكرية، على تحقيق نصر في رفح، دون السير بهذه الخطة، إلى أن تكشفت عملية رفح عن فشل كبير، وارتفعت عمليات المقاومة في كل مناطق غزة، وصار نتنياهو بين خيارين أحلاهما مرّ، خيار الذهاب الى اتفاق مع المقاومة في غزة، ينهي الحرب بشروط المقاومة ما يمثل اعترافاً بالفشل والهزيمة، أو يواصل حرب الاستنزاف المكلفة بلا أفق، بعدما صار ثابتاً أن الرهان على حرب واسعة مع لبنان فوق طاقة جيش الاحتلال، فكانت خطة المرحلة الثالثة خياراً مثالياً للتهرب من القرار الصعب وشراء الوقت ولو دون خطة ووضوح رؤية.
– جاء جواب المقاومة في غزة ومن بعدها كلام الأمين العام لحزب الله يقطع الطريق على نظرية المرحلة الثالثة. فالمقاومة غير معنية بتسميات الاحتلال لمراحل حربه، وما يعنيها هل قبل اتفاقاً ينهي الحرب أم لا؟ وطالما أن وظيفة المرحلة الثالثة التهرّب من الاتفاق، فإن المقاومة معنية بالتصعيد حتى يرضخ الكيان لخيار الاتفاق، وليس خافياً أن الطائرة اليمنية المسيّرة التي اخترقت أجواء تل أبيب كانت ترجمة لهذه الضغوط التي تقوم بها قوى المقاومة، حتى يذهب قادة الكيان نحو اتفاق مع المقاومة في غزة، ومثلها كان التصعيد من جبهة لبنان، وللهدف ذاته.
– نتنياهو يحصد فشل المرحلة الثالثة قبل البدء بها، ومعها تحديات محرجة بحجم دخول الطائرة اليمنية الى أجواء تل أبيب، وقد أصابت قدرة الردع وإجراءات الأمن والدفاعات الجوية معاً، وقال إن لا مكان آمناً في الكيان، وإن كل الكلام عن مناعة المنظومات الحديثة للصواريخ من حيتس ومقلاع داود والسهم والقباب الحديدية والباتريوت، هو مجرد كلام، بدليل ما جرى، وكان طبيعياً أن يقوم الكيان برد انتقاميّ على العملية، لكن هذا الردّ لا يلغي الحقائق التي كشفتها العملية حول هشاشة أمن الكيان، ولن تغيّر من عزم قوى المقاومة واليمن في قلبها على مواصلة حرب الاستنزاف حتى يذهب الكيان الى الاتفاق مع المقاومة في غزة.
– اليمن وسائر قوى المقاومة معنيّون بالردّ، كما هم معنيون بمواصلة الاستنزاف، ونظراً لخصوصية التعاون اليمني العراقي، من الطبيعي أن تتكامل جهود اليمن والعراق في الحرب المفتوحة التي بدأت للتوّ بين اليمن والكيان، والعراق يملك مخزوناً هائلاً كماً ونوعاً من الصواريخ والطائرات المسيّرة، وطريق إمداده من إيران هي الأقصر والأسهل. وما فعله نتنياهو سوف يسهّل مهمة إيران بالدخول على خط الحرب دون أن تظهر أنها دخلت، ويكفي أن يتذكر قادة الكيان ما جرى فجر يوم 14 نيسان، مع الرد الإيراني الرادع على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، حتى يظهر لهم حجم الحماقة التي ارتكبوها.
– حقيقة أن الكيان في مأزق ناجم عن موازين القوى التي تكسّرت موازينها لصالح المقاومة يوم طوفان الأقصى، وفشلت حرب الشهور العشرة بإعادتها الى ما قبل الطوفان، بل تتعمّق كل يوم، والمشهد الراهن يقدّم دليلاً إضافياً كافياً على حجم المأزق.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى