وحدة الأمة السورية والوطن السوري حقيقة تاريخية ومصلحة مستقبلية
نور خنيصر
«الأمة السورية هي وحدة الشعب السوري المتولدة من تاريخ طويل يرجع إلى ما قبل الزمن التاريخي الجلي». (سعاده – المبدأ الأساسي الرابع للحزب السوري القومي الاجتماعي).
يشير سعاده في شرح هذا المبدأ إلى أن الأمة السورية قد تشكلت من هجراتٍ كثيرةٍ «نزلت في هذه البلاد (سورية الطبيعية) وقطنتها واحتكّت فيها بعضها ببعض واتصلت وتمازجت، منذ عهد أقوام العصر الحجريّ المتأخر السابقة الكنعانيين والكلدان في استيطان هذه الأرض»، أي أن تاريخ الأمة السورية يعود إلى أقوام العصر الحجريّ السابق لهؤلاء، وصولاً إليهم وإلى من بعدهم «الأموريين والحثيين والآراميين والآشوريين والأكاديين، الذين صاروا شعباً واحداً» نتيجة هذا الاحتكاك وهذا التمازج.
إن تاريخ الأمة السورية يشمل كل هذا المزيج السلالي وما نتجَ عنه من حضارة ونهضةٍ فكريةٍ وعمرانيةٍ وفلسفيةٍ وصناعيةٍ وزراعيةٍ وغيرها، كما أن هذه الأمة قد عرفت وحدةً متينةً في العهد السلوقي وغيره، وحياةً واحدةً ضمن الحدود الطبيعية لسورية الطبيعية المذكورة في المبدأ الأساسي الخامس للحزب السوري القومي الاجتماعي: «الوطن السوري هو البيئة الطبيعية التي نشأت فيها الأمة السورية. وهي ذات حدود جغرافية تميزها عن سواها تمتد من جبال طوروس في الشمال الغربي وجبال البختياري في الشمال الشرقي إلى قناة السويس والبحر الأحمر في الجنوب شاملة شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة، ومن البحر السوري في الغرب شاملة جزيرة قبرص، إلى قوس الصحراء العربية وخليج العجم في الشرق. ويعبر عنها بلفظ عام: الهلال السوري الخصيب ونجمته جزيرة قبرص.»
لقد عمل أعداء هذه الأمة على تخريب الوحدة القومية والجغرافية لأنهم أدركوا بأنّهم في ظل هذه الوحدة لن يستطيعوا سرقة أراضي وثروات الأمة والوطن، بل إن هذه الأمة وهذا الوطن ستثبتان تفوّقهما العلمي والنفسي وسينالان المجد وسيغيران قدر البشرية، إلى الأفضل حتماً.
إن عوامل التفرقة والتجزئة هي أساس في إضعاف قوة الشعب السوري وتراجع نهضته لصالح تنامي قوة الشعوب/ الدول الطامعة والتوسعية.
في الأزمان التاريخية، كان جزء كبير من ثرواتنا الطبيعية لم يُكتشف بعد، ومع ذلك كانت الأطماع كبيرة وشرسة، ومع تقدم التطور العلمي والبحثي والصناعي، ظهرت أهمية الوطن السوري الجغرافية من حيث الموقع الاستراتيجي المتقدم وظهرت الثروات الكثيرة التي تحتويها أرضه وباطنها ومياهه وجباله وبيئته الطبيعية، وهي ثروات تفتقد لها الكثير من الأمم والبيئات الطبيعية الأخرى.
فازدادت الأطماع وتوسّعت وفُتِحَت شهية المستعمرين على مصراعيها، وعلى تنوّعهم واختلاف قومياتهم وأصولهم، وهذه الأطماع بأرضنا وثرواتنا تزداد وتتوسع وتشتدّ. ونراها عبر دخول الجيوش المحتلة تحت عناوين بالية أو عبر الجمعيات والمنظمات التابعة للدول الطامعة، أو عبر زرع الفاسدين والمتآمرين والعملاء في بعض أنظمة حكم «الدول السورية».
نراها في زرع الاستعمار للهويات الوهمية في عقول أبناء الأمة الواحدة كي يتمكن من تشتيت وعي وقدرات هذه الأمة فيتسنّى له احتلال أرضها وسرقة ثرواتها.
كيف لهم بدون هذه المؤامرات المرئية منها والباطنية أن يسرقوا النفط السوري بمشتقاته، والغاز الطبيعي والمياه والفحم الحجري واليورانيوم والفوسفات والذهب والفضة والبرونز والمعادن والفحم، والسيليكون… والسيطرة على الأراضي الزراعية وعلى منتجاتها؟
كلّ هذه الأمور ليست أموراً بسيطة بل هي مخططات ومؤامرات قديمة/ جديدة ما زالت تفتك بجسد أمتنا ووطننا.
ولكلّ هذه الأسباب والنتائج علينا أن نعي أهمية الصراع الفكري والصناعي والعسكري واستمرار نشر الوعي بين أبناء هذه الأمة، علّ ضمائرهم تستفيق وتُبعَث فيهم الروح القومية، فينهضون بالأمة السورية والوطن السوري من جديد ويعيدونهما إلى عصور الوحدة والقوة والمناعة.