مجدل شمس شوكة في عين الاحتلال ويد المقاومة هي العليا بوجه العدوان
ناصر قنديل
– إذا كان الصاروخ الذي أصاب بلدة مجدل شمس في الجولان العربي السوري المحتل متعمّداً، فإن العقل يقول بأن المتّهم الوحيد هو كيان الاحتلال، لأن حزب الله ليس لديه إلا الأسباب التي تجعله يحب هذه المدينة العربية السورية المقاومة التي رفضت الجنسيّة والجنديّة في كيان الاحتلال وجيشه وقاومت ولا تزال تقاوم، وكل تاريخها مقاومة وأغلب أبنائها مؤيّدون لدولتهم السورية وخيار المقاومة وسيّدها، بينما ليس لدى الاحتلال الا الأسباب التي تجعله يكره مجدل شمس ويحقد عليها، وقد كانت ولا تزال شوكة في عين الاحتلال، وإن قال حزب الله إنه حزين نصدّقه، وإن قال الاحتلال إنه إذا ذهب للتصعيد فلأنه يريد الانتقام لمن سقطوا في مجدل شمس نفهم قطعاً أنه يكذب.
– حزب الله الذي أوقف عملية إعدام العميل عقل هاشم لوجود مدنيين، والذي لم يستهدف خلال عشرة شهور من الحرب مدنياً في مستوطنات الكيان وهو لا يعترف أن بين المستوطنين مدنيّين، لا يمكن اتهامه باستهداف مدنيّين عرب وفي مدينة ذات هذا التاريخ العريق بمقاومتها، بينما جيش الاحتلال فكل تاريخه قائم على الإجرام، ومذكرات قادته تحكي قصص التفجيرات التي تسبّبوا بها لتجمّعات اليهود لدفعهم إلى الهجرة نحو فلسطين، وتحقيقات الشرطة في الكيان كشفت أن جيشه كان وراء قتل مستوطنين في غلاف غزة بقذائف الدبابات ورشاشات وطائرات الأباتشي يوم طوفان الأقصى، وقتله للمدنيين من أطفال ونساء في غزة يفوق كل وصف لجرائم الحرب.
– إذا كانت الإصابة عن طريق الخطأ، فإن العقل يقول إن المصدر الوحيد للصاروخ هو كيان الاحتلال وجيشه، لأن حزب الله الذي لم يطلق إلا صواريخ وطائرات لم تخطئ هدفاً منذ عشرة شهور، يخضع رماياته لتدقيق وعناية استثنائيين للحرص على عدم إصابة مستوطنين لانه لا يريد خسارة الحرب على الرأي العام الغربي، ويحصر ضرباته حيث يتجمّع الجيش وقياداته وقبته الحديدية، ومرابض المدفعية دون أن يخطئ بمتر واحد، كيف يمكن أن يخطئ بعدة كيلومترات فيصل صاروخ بالخطأ الى الحدود بين الجولان المحتل والجولان المحرّر، أما جيش الاحتلال فهو قال إنه قتل ستة عشر جندياً من جنوده بالخطأ في غزة وإنه قتل أسراه بالخطأ؟ وإذا كان الخطأ ليس ناجماً عن ارتباك التسديد فمصدر الخطأ الوحيد هو صواريخ الدفاع الجوّي التي تسقط أرضاً على نقاط لا يمكن التحكم بها إذا فشلت بإصابة الهدف الجوي الذي أطلقت لملاحقته. والمقاومة منذ أسبوعين لم تطلق صواريخ ضد طائرات الاحتلال، بينما يطلق جيش الاحتلال من القباب الحديدية عشرات الصواريخ على صواريخ المقاومة وطائراتها المسيّرة، وخلال الشهور العشرة اعترف جيش الاحتلال بعشر مرات على الأقل أصابت صواريخ القبة الحديدية أهدافاً مدنية في مدنه ومستوطناته.
– إذا كان الإنكار تهرّباً من المسؤولية عن الحادث أو تلاعباً بالحدث وسعياً لتوظيفه، فإن العقل يقول إن الذي تنطبق عليه مواصفات الكذب والتوظيف والإنكار تهرباً من المسؤولية هو الكيان وليس حزب الله، لأن تاريخ حزب الله يقول إنه يتحمّل تبعات أفعاله، وعندما يخطئ يعتذر ويعترف ويتحمّل المسؤولية. ويوم لم يكن لديه صواريخ دقيقة في حرب تموز 2006 وأصاب بيتاً عربياً في عكا، اعترف واعتذر وقرّر الامتناع عن توجيه نيرانه إلى كل الأماكن التي يمكن أن يتواجد فيها العرب الفلسطينيون في الأراضي المحتلة عام 48، بينما نظرية الإنكار ترافق جيش الاحتلال في كل العمليّات التي يريد التهرب من مسؤولية القيام بها او التي يسعى لتوظيفها، وها هو قد بدأ بالتوظيف.
– يعرف الكيان قيادة وجيشاً أن الحرب الكبرى فوق قدراته وطاقاته حتى لو خاضتها أميركا معه، وهو يرغب بتوظيف الحادث لجولة تصعيد منسقة مع الأميركي لأهداف تفاوضية هي حصيلة زيارة بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، بعيداً عن خطاب الحرب الكاذب الذي ألقاه نتنياهو أمام الكونغرس، فالحرب فوق قدرات الحلف الأميركي الإسرائيلي، لكن التفاوض فرض تقسيم أدوار، فتسلّمت أميركا طلبات تفاوضية من نتنياهو مهمتها محاولة تجويف نصر المقاومة من أي اتفاق حول غزة من وضوح النصر البائن، وتلويثه وتشويشه لمنع استثماره، وفتح طريق التلاعب بعائداته، مثل السعي لربط الانسحاب الشامل بنشر قوات عربيّة ودوليّة في بعض نقاط غزة، وإبعاد الأسرى القادة المحرّرين عن الضفة الغربية، وفتح الطريق لإقامة كانتونات خارجة عن نطاق سيطرة المقاومة في غزة بعد نهاية الحرب، وبقدر ما يستدعي طرح هذه الطلبات إجراء المفاوضات على صفيح ساخن، فإن فصل مسار اتفاق غزة عن سعي محور المقاومة لفرض انسحاب القوات الأميركية من سورية والعراق وتعطيل مسار التلاقي السوري التركي، مصلحة أميركية تحتاج إلى التصعيد الإسرائيلي لطرحها على الطاولة، والإسرائيلي يدرك الارتباط العضوي بين أمنه الاستراتيجي وبقاء الاحتلال الأميركي في سورية والعراق وتعطيل المصالحة السورية التركية.
– أليس هذا ما قصده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بكلامه عن مخاطر تصعيد في المنطقة، ومنها سورية، خلال استقباله الرئيس السوري بشار الأسد، وتعمّده قول ذلك أمام الإعلام، والكلام قبل حادثة مجدل شمس التي تمّ تصنيعها او استغلالها لصناعة هذا التصعيد؟