مانشيت

واشنطن وتل أبيب لتصعيد تفاوضي تحت سقف لا حرب كبرى وفق تحذير بوتين/ مجدل شمس متمسكة بهويتها رغم الكذب الإسرائيلي… وجنبلاط: نحن مع المقاومة/ تحذيرات أميركية للطيران والميدل ايست توقف رحلاتها مؤقتاً وإجماع ضد العدوان

كتب المحرّر السياسيّ

كشف التحذير المبكر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خطر تصعيد في المنطقة ووقوع سورية في قلبه، خلال استقباله الرئيس السوري بشار الأسد، وجود معلومات استخبارية روسية مؤكدة عن توافق أميركي إسرائيلي على جولة تصعيد في المنطقة تواكب المفاوضات الجارية، سواء حول اتفاق غزة، أو حول الانسحاب الأميركي من العراق وسورية، أو حول المصالحة التركية السورية، ووفقاً للكلام الأميركي الإسرائيلي فإن هناك إدراكاً لخطورة التدحرج نحو حرب كبرى يعرفان أنّها فوق طاقتهما وأن مخاطر اتساعها قائمة، وأن مقدرات المقاومة كفيلة بجعل الخسائر متوازية في تسببها بالألم على جبهتي الحرب، وفق معادلة “تدمّرون مباني ندمّر مباني، تقتلون ألفاً نقتل ألفاً، موانئكم مقابل موانئنا، ومطار عاصمتكم مقابل مطار عاصمتنا ومحطات الكهرباء عندكم مقابل محطات الكهرباء عندنا”. وإن دخل الأميركي على خط العدوان فكل مصالحه وقواعده أهداف، ودخول قوى المحور بما فيها إيران على خط الحرب يصير حتمياً.
تحت سقف تفادي الحرب الكبرى يقول الأميركيون والاسرائيليون إن ضربة بذريعة الرد على حادثة مجدل شمس في الطريق، ومجدل شمس الجريحة والحزينة لفقد شبابها وفتيتها الذين حوّلهم صاروخ القبة الحديدية أشلاء، رغم كل الكذب الإسرائيلي ودموع التماسيح التي حاول بتسلئيلسموتريتش ذرفها قبل أن يطرده أهالي الضحايا من بلدتهم مجدل شمس، ورغم الضخ الإعلامي لاتهام حزب الله بالوقوف وراء صاروخ ملعب مجدل شمس، يؤكد الأهالي تمسكهم بهويتهم وخياراتهم مع المقاومة، وهم الذين رفضوا الجنسية والجندية ووقفوا بوجه الكيان وجيشه، ولم تكن عقلية التلاعب الإسرائيلية بالعقول والقلوب خافية على نخب مجدل شمس ووجهائها، الذي تحدّث كثير منهم عن محاولة لتوظيف الطائفة الدرزية في الجليل والجولان والسويداء وصولاً إلى لبنان كدرع بشرية بوجه المقاومة، ولذلك أعرب هؤلاء عن تقديرهم لموقف زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي عطّل فتيل الفتنة التي كان إشعالها يحتاج مشاركته، فوقف بقوة يؤكد الوقوف مع المقاومة بوجه العدوان، وتصدّى للمبعوث الأميركي أموس هوكشتاين، الذي بلغه تهديدات الاحتلال.
العدوان المرتقب بعدما أقرّ تفاصيله المجلس الوزاري المصغر، بعد عودة بنيامين نتنياهو من واشنطن، حضر في تحذير أميركي من احتمالات تغيير وجهة رحلات نحو مطار بيروت، حيث قرّرت شركة الميدل ايست تعليق رحلاتها مؤقتاً، بما بدا أنه محاولة لتفادي أن يتسبب العدوان بالأذى للطائرات والرحلات وربما للمطار.
المواقف السياسية في الداخل اللبناني كانت على مستوى التحديات، حيث ظهر الإجماع على الوحدة الوطنية والوقوف بوجه العدوان، ومن لم يخرج بمواقف على هذا المستوى عبّر عن شعوره بهيبة الموقف بالصمت، لأن الظرف لا يحتمل تسجيل النقاط وكل كلام يحمل النيل من المقاومة هو اصطفاف مع العدوان.

لم تكن المرة الأولى التي تخطئ صواريخ البطاريات والقبب الحديدية الإسرائيلية وتلتفّ لتضرب أرض مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، بيد أنّ ما استدعى التوقف عنده التوقيت واستهداف المدنيين وحجم الانفجار، ومسارعة العدو الإسرائيلي في سلسلة مواقف لمسؤوليه إلى تهديد لبنان بالمزيد من التصعيد وبرد قويّ وثمن باهظ وبحرب شاملة. وتظهّر ذلك مع تأكيد مصادر دبلوماسية أن واشنطن تعمل على أن تكون الضربات الإسرائيلية محدودة في الحجم والمكان وتجنب المدن الكبيرة حيث الاكتظاظ السكاني والمدنيين.
وفيما شيّع أهالي مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، شهداء الاستهداف الإسرائيلي لملعب كرة القدم أمس السبت، عبر صاروخ اعتراضي، أُطلق من القبة الحديديّة ذهب ضحيته، 12 شهيداً من قرية مجدل شمس، بالإضافة إلى إصابة نحو 30 آخرين بينهم حالات حرجة، نقلت وكالة “رويترز” عن مصدرين أمنيين، أن “حزب الله في حالة تأهب قصوى وأخلى بعض المواقع الرئيسية في شرق وجنوب لبنان تحسباً لأي تصعيد إسرائيلي”.

وقال الجيش الإسرائيلي إنّه “يستعدّ للرد” على حزب الله الذي نفى من جهته الادعاءات التي أوردتها عدة وسائل ‏إعلام إسرائيلية، ومنصات إعلامية متعددة، بشأن استهداف مجدل شمس في الجولان السوري المحتل. وأكّد حزب الله، في بيان، أنّ لا علاقة ‏له بالحادث على الإطلاق، نافياً نفياً قاطعاً كل الادعاءات الكاذبة في هذا ‏الخصوص.‏ ونقل موقع “أكسيوس” عن مسؤول أميركي قوله إن “مسؤولين في حزب الله أبلغوا الأمم المتحدة” أن “الحادث في مجدل شمس كان نتيجة سقوط صاروخ إسرائيلي اعتراضي مضاد للصواريخ على ملعب لكرة القدم”. وشدّدت المقاومة أن على العدو الإسرائيلي أن يعي جيداً أنّ أي خطأ في التقدير سيقابـَل بالويل وسيصبّ جام الغضب على كامل الكيان.

وأكّد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب الحاج محمد رعد أنّ “نهاية الكيان الصهيوني ستكون في ذهابه إلى خيار شن حرب واسعة ضد لبنان الذي ربما ينزلق إليه العدوّ، والمقاومة له بالمرصاد».
في المقابل، توقعت صحيفة العدو “يديعوت أحرونوت” بأن يُقرّ “الكابينيت” رداً قوياً على حزب الله يقود إلى أيام من القتال تتجاوز قواعد الاشتباك. ولفتت الى أنه لا يتوقع أن يكون هناك رد يقود إلى حرب شاملة، والمجتمع الدولي يضغط لمنع التصعيد نحو حرب شاملة.
وتحدّث مسؤول أميركي لموقع “أكسيوس” عن “قلق إدارة الرئيس جو بايدن من أن يؤدي ما حدث إلى “حرب شاملة بين “إسرائيل” وحزب الله”. وقال المسؤول الأميركي إنّ “ما حدث قد يكون المحفّز الذي كنّا نشعر بالقلق بشأنه، وحاولنا تجنبه مدة 10 أشهر”.
وادّعت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون في بيان “أن الهجوم نفذه حزب الله والصاروخ انطلق من منطقة يُسيطر عليها”، مضيفة أن “البيت الأبيض يُجري محادثات مستمرة مع المسؤولين الإسرائيليين واللبنانيين منذ وقوع الهجوم وتعمل الولايات المتحدة أيضاً على إيجاد حل دبلوماسي على امتداد الخط الأزرق من شأنه أن ينهي جميع الهجمات نهائياً ويسمح للمواطنين على جانبي الحدود بالعودة بأمان إلى منازلهم”.
وفي وقت سابق، شدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على أنه لا يريد رؤية تصعيد في الصراع. وقال بلينكن إن واشنطن تجري محادثات مع “إسرائيل” حول هجوم الجولان، وإن المؤشرات تدلّ على أن حزب الله هو من أطلق الصاروخ، وفق “رويترز”.
وأشار الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية دونالد ترامب، إلى أن “”إسرائيل” تعرّضت لهجوم قوي من حزب الله، وما كان يجب أن يحدث ذلك”، موضحاً أن “حزب الله لا يحترمنا”. وقال ترامب خلال تجمع انتخابي في ولاية مينيسوتا الأميركية إنَّ “هجوم حزب الله ضدّ مجدل شمس نُفّذ بصاروخ إيراني”.
في المقابل، استنكرت الخارجية السورية في بيان، تحميل وزر جريمة مجدل شمس للمقاومة الوطنية اللبنانية، وحمّلت الاحتلال “المستمر بارتكاب المجازر يومياً الواحدة تلو الأخرى” المسؤولية الكاملة عن “هذا التصعيد الخطير للوضع في المنطقة”، إضافةً إلى استنكارها محاولات الاحتلال “المفضوحة لاختلاق الذرائع لتوسيع دائرة عدوانه”. وأكدت الجمهورية العربية السورية أن الشعب السوري في الجولان المحتل “الذي رفض على مدى عقود من الاحتلال الإسرائيلي أن يتنازل عن هويته العربية السورية” لن تنطلي عليه “أكاذيب الاحتلال واتهاماته الباطلة” للمقاومة الوطنية اللبنانية بأنها هي التي قصفت مجدل شمس.
وقد حذرت وزارة الخارجية الإيرانية من جهتها، “إسرائيل” من “أي مغامرة جديدة” ضد لبنان بذريعة حادثة مجدل شمس في الجولان. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، إن “أي هجوم إسرائيليّ متهوّر ضد لبنان يمكن أن يؤدّي إلى توسيع نطاق عدم الاستقرار وانعدام الأمن والحرب في المنطقة”. وأضاف أن “الكيان الإسرائيلي هو المسؤول الرئيسيّ عن العواقب غير المتوقعة لمثل هذا السلوك الأحمق”، داعياً “الولايات المتحدة إلى الالتزام بمسؤوليّاتها الدوليّة والأخلاقيّة تجاه السلام والأمن الدوليين”. وقال كنعاني إن “الكيان الإسرائيلي العنصريّ يحاول تشويش الرأي العام العالمي وتبرير جرائمه في فلسطين عبر سيناريو كاذب مزيّف”، مؤكداً “أن دعم الاستقرار والأمن في لبنان والمنطقة مقابل الاعتداءات الصهيونية مهمة كل المجتمع الدولي ولا سيما مجلس الأمن”.
ومحلياً، أجرى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سلسلة اتصالات ديبلوماسية وسياسية، في إطار متابعة الأوضاع الطارئة المستجدّة والتهديدات الإسرائيلية المتكرّرة ضد لبنان.
وشدّد رئيس الحكومة خلال الاتصالات على أن “الحل يبقى في التوصل الى وقف شامل لإطلاق النار والتطبيق الكامل للقرار الدولي الرقم 1701، للتخلص من دورة العنف التي لا جدوى منها وعدم الانجرار الى التصعيد الذي يزيد الأوضاع تعقيداً ويؤدي الى ما لا تحمد عقباه”.
كما جدّد ميقاتي التشديد على موقف الحكومة بـ”إدانة كل أشكال العنف ضد المدنيين، وأن وقف إطلاق النار بشكل مستدام على كل الجبهات هو الحل الوحيد الممكن لمنع حدوث مزيد من الخسائر البشرية، ولتجنب المزيد من تفاقم الاوضاع ميدانياً”. وشدّد على “أن الموقف اللبناني يلقى تفهماً لدى جميع أصدقاء لبنان، وأن الاتصالات مستمرة في أكثر من اتجاه دولي واوروبي وعربي لحماية لبنان ودرء الأخطار عنه”.
وقد اطلع رئيس الحكومة من وزير الخارجية عبدالله بو حبيب على حصيلة الاتصالات الجارية في هذا السياق أيضاً.
وقال بو حبيب إن أي حرب على بلاده ستتحوّل إلى حرب إقليمية. وأضاف: “يجب تشكيل لجنة دولية للتحقيق في مصدر الهجوم على مجدل شمس في الجولان المحتل، ويمكن التعاون مع اليونيفيل (قوات حفظ السلام الدولية على الحدود)”.
وتابع: “نجري اتصالات واسعة لمنع التصعيد. وحكومة لبنان تدعو دائماً إلى ضبط النفس”، في إشارة إلى المخاوف من اتساع رقعة الصراع وقوته. واستبعد بو حبيب فرضية أن يكون حزب الله قد نفذ الهجوم على قرية مجدل شمس في الجولان المحتل لكونه منذ بدء النزاع في الجنوب لم يستهدف مواقع مدنية بل عسكرية فقط.
وتابع رئيس مجلس النواب نبيه بري تطوّرات الأوضاع الميدانيّة في الجنوب، ولهذه الغاية تلقى اتصالاً من المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيسبلاسخارت، أكد خلاله أنّ “لبنان وبالرغم من هذه الانتهاكات الإسرائيلية الفاضحة والصريحة لمندرجات القرار 1701 إلا أن لبنان ومقاومته ملتزمان بهذا القرار وبقواعد الاشتباك بعدم استهداف المدنيين”. وقال: “وما نفي المقاومة لما جرى اليوم في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل يؤكد بشكل قاطع هذا الالتزام وعدم مسؤوليتها ومسؤولية لبنان عن ما حصل”.
وتلقّى الرئيس الأسبق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط اتصالاً هاتفياً من الموفد الأميركي الى منطقة الشرق الأوسط أموس هوكشتاين الذي أعرب عن قلقه من تطورات الوضع على جبهة جنوب لبنان في ضوء حادثة مجدل شمس، وأعلن أن “إسرائيل” ستقوم بعملية واسعة في لبنان، غير ان جنبلاط ذكّره بأنه وسيط وليس ناقلاً لتهديدات “إسرائيل”، ودعاه لـ”العودة إلى وظيفته الأساسية وهي السعي للتوصل إلى وقف لإطلاق النار”.
وقال جنبلاط إنه يعوّل على جهود رئيس مجلس النواب في التوصل مع المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين لوقف إطلاق نار جدي في جنوب لبنان، وفق استعادة سيادة لبنان المطلقة على أرضه، وأكد أن الادعاءات الإسرائيلية بأن “حزب الله” هو المسؤول عن حادثة مجدل شمس كاذبة.
وأشار عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية، إلى أن استهداف المدنيين السوريين في مجدل شمس المحتلة، يقع ضمن سلسلة الجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق أبناء شعبنا. وقال: إن هذا الاستهداف هو محاولة للتعمية على المجزرة الإرهابية التي ارتكبها العدو في مدرسة خديجة غرب مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وأدت إلى استشهاد نحو أربعين مدنياً جلهم من الأطفال وإصابة العشرات. واعتبر عميد الإعلام، أن لدى المقاومة بنك أهداف يشمل مواقع ومنشآت الكيان الغاصب العسكرية، وهذا ما بيّنه مسح “الهدهد” لهذه المواقع. لافتاً إلى أنّ المقاومة تخوض مواجهة مع العدو الصهيوني دفاعاً عن أبناء شعبنا الذين يضعهم العدو أهدافاً لإجرامه وإرهابه وعنصريته.
ويصل وفد حكومي بريطاني لبنان، مساء الأربعاء المقبل آتياً من الدوحةـ حيث سيلتقي الخميس رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي بتكليف من رئيس الحكومة الجديد كير ستارمر، ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب وعدداً من المسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين.
وأعلنت شركة طيران الشرق الأوسط عطفًا على البيان السابق الصادر عنها حول تعديل مواعيد بعض الرحلات المقبلة الى بيروت في 28/29 تموز 2024 لأسباب تقنية تتعلق بتوزيع المخاطر التأمينية على الطائرات بين لبنان والخارج، عن تعديل بعض رحلاتها من بيروت وإليها ليوم 29 تموز 2024.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى