أولى

الحديث عن العدوان أشدّ فاعلية منه؟

بالتوازي يسير الحديث عن ضربة واسعة على لبنان مع زخم تفاوضيّ للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب في غزة، لم يعُد بنيامين نتنياهو يرفض تضمينه إنهاء الحرب، لكنه أضاف إليه شروطاً تحاول إفراغ نصر المقاومة من محتواه تحت شعار تلبية المطالب بشروط، منها الانسحاب الكامل من غزة بنشر مراقبين عرب ودوليين في نقاط كان يريد الاحتلال الاحتفاظ بها مثل نتساريم وفيلادلفيا ومعبر رفح، وقبول الإفراج عن الأسرى القادة بشرط إبعادهم عن الضفة الغربية، ومعالجة إدارة غزة بعد الانسحاب على القطعة، حيث يمكن أن يتم تشكيل مجالس محلية وحيث لا يمكن فلتكن فتح أو السلطة، وحيث تقيم شركات الإعمار تنشأ ميليشيات وهيئات ملحقة بها، وما تبقى لحماس فليبق لها.
المقاومة ترفض تسلم مقترحات نتنياهو، وفي الكيان كثيرون يقولون إن مقترحات نتنياهو قد تؤدي إلى إفشال المسار التفاوضي وينضم وزير الحرب يوآف غالانت الى هؤلاء. ولا يمكن تصديق الكلام عن امتعاض أميركي من طروحات نتنياهو، لأن اجتماع جنيف للوسطاء كان مصمماً لتلقي هذه الطروحات بعدما تم إنضاجها في واشنطن في لقاءات نتنياهو بالمسؤولين الأميركيين، وفق معادلة خطاب الحرب والتهديد بتوسيعها من قبل نتنياهو يبقى ورقة ضغط لتسويق مقترحات نتنياهو ورؤية ما يمكن تحقيقه منها.
اتفاق واشنطن ليس منفصلاً عن سعي إدارة الرئيس جو بايدن لتعطيل كلٍّ من المصالحة السورية التركية والانسحاب الأميركي من سورية والعراق، وفي ذلك مصلحة أميركية إسرائيلية. وإذا تعذر التعطيل والتأجيل لمنع تزامن اتفاق غزة مع انتصارات يحققها محور المقاومة بهذا الحجم، والتأجيل يتيح التفرغ للضغط للتلاعب باتفاق غزة بالحد الأقصى، لكن على قاعدة عدم إضاعة الفرصة لأن الحرب صارت مقتلة لجيش الاحتلال.
يصير السؤال عن جدية ذهاب جيش الاحتلال إلى عمل عسكري كبير ضد المقاومة في لبنان مشروعاً، مع إدراك ما ينتظر الاحتلال إذا ذهب لحرب صغرى أو كبرى مع المقاومة في لبنان، والتبعات سوف تكون في الحالتين فوق قدرة الكيان على التحمّل والنتائج كلها خسائر، مع التحذير من تسمية ذلك بالردّ على مجزرة مجدل شمس، لأن الاحتلال هو الذي قتل وارتكب الجريمة وربما بصورة مخطّط لها لتخديم سياق التصعيد من جهة، وسياق التلاعب والعبث بشرائح المكون الدرزي في فلسطين ولبنان وسورية، وهو ما تمّ تعطيله بوعي أبناء مجدل شمس العربية السورية المقاومة، وبالموقف الشجاع والوطني لزعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي كان مطلوباً انضمامه إلى المشروع ليتاح له النجاح.
يصير السؤال مشروعاً، هل الحديث عن الحرب أشد فعالية وأكثر أماناً من خوض غمارها، وتوظيف مناخ التهديد بالعدوان في المسار التفاوضي، وصولاً إلى إنتاج الاتفاق والقول إن الأمر انتهى وتوقفت الحرب على كل الجبهات، وإلا لكانت “ضربة لم يعرف حزب الله مثلها من قبل” في الطريق، لكن الحرب توقفت، فما العمل؟

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى