شركاء في العدوان والهزيمة…
وفاء بهاني
على قدر ما تدّعي الولايات المتحدة الأميركية أنها ديموقراطية على قدر ما تمارس التوحش والإرهاب بل وأكثر، فالإدارات الأميركية المتعاقبة بجناحيها الجمهوري والديموقراطي ليست سوى إدارات عوراء ترى أنّ الديموقراطية في فنزويلا وسورية والعراق وإيران ولبنان واليمن «حق مشروع» عملت من خلاله على تدمير تلك الدول وإغراقها في أتون الحروب الإرهابية، أما في فلسطين فإنّ نظرة الولايات المتحدة معاكسة تماماً حيث تلعب دور الشريك الأساسي في مواجهة وقمع وإبادة الشعب الفلسطيني تكريساً لحليفها الأساسي في المنطقة الكيان الصهيوني.
وقد تصاعدت نسبة التوحش الأميركي في غزة بعد السابع من أكتوبر، وتجلّى المشهد واضحاً من خلال الدعم الذي تقدّمه الإدارة الأميركية على المستويات العسكرية والاقتصادية واللوجستية وحتى المالية. في حين أنها لها الحظ الأكبر في إبادة الشعب الفلسطيني من خلال دعمها للإرهابي بنيامين نتنياهو لتحقيق أهدافه المشؤومة والقضاء على المقاومة واستمرار حرب الإبادة بحق المدنيين والأطفال على مرأى من العالم أجمع والذي شاهد عبر وسائل الإعلام مباركة الإدارة الأميركية للإجرام والتوحش الصهيوني ودعمها له من خلال خطاب نتنياهو في الكونغرس الذي سيبقى وصمة عار تلاحق أميركا وكلّ من شارك في ذلك الحفل المشؤوم.
فقد ألقى نتنياهو، قاتل الأطفال، خطاباً مليئاً بالأكاذيب دون أيّ حقائق، موجهاً الاتهامات لكلّ من يعارض أو يقف في صف المقاومة، بينما لم يفعل الحاضرون سوى التصفيق وكأنهم ليسوا بشراً بل آلات تصفيق دون تمييز. فما الفرق بينهم وبين الأنعام؟
الكونغرس الذي يدعم نتنياهو في إبادته للأطفال والعزل، يصفق ويشيد باتهاماته لإيران بأنها «بؤرة الإرهاب في الشرق الأوسط»، وأنها السبب في زعزعة استقرار المنطقة. لكن ماذا عن صفقة التبادل؟ ماذا عن وقف إطلاق النار الذي يتعرّض له المدنيون منذ أكثر من 10 أشهر؟
لم يتطرق نتنياهو للحديث عن ذلك لأنه لا يريد حلّ الخلاف بشكل سياسي. فوقف الحرب يعني نهاية مسيرته السياسية ومحاسبته على فشله طيلة هذه الأشهر وعدم تحقيقه لأيّ أهداف!
تتحدى الولايات المتحدة الأميركية العالم كله باستقبال مجرم صدرت بحقه مذكرات توقيف من المحكمة الدولية باعتباره مجرم حرب، وبدلاً من محاكمته تمّ تكريمه في الكونغرس، لتؤكد أميركا من خلال تلك السياسات على شراكتها الأزلية مع الكيان الصهيوني لتشكيل حلف إرهابي بغض نظر طبعاً من المنظمات الأممية والدولية ودول الغرب، لتخوض حروبها التدميرية باسم «الشرعية» و»الديموقراطية» وتحت عناوين وشعارات مختلفة وملتبسة، متسبّبة في تدمير وقتل وتهجير وتشريد الآلاف في اكثر من 72 دولة في العالم عربية وغير عربية، دعماً لأنظمة ديكتاتورية تسلب حريات الشعوب.
فـ أيادي أميركا الخبيثة كانت وراء قلب نظام الحكم والانقلاب على الشرعية في العديد من الدول مثل فنزويلا. وهي التي تنهب خيرات الشعوب في سورية والعراق ولبنان، وتفرض العقوبات الظالمة على دول أخرى لتسلبها حقها في الحرية، كما هو الحال مع اليمن الجميل. وتقف بالمرصاد لإيران منذ 45 عاماً وتلقي عليها التهم جزافاً لدعمها المقاومة، بينما تموّل وتدعم الكيان الصهيونية وكلّ كيان مستبدّ.
إنّ بقاء الكيان الصهيوني يعتمد على دعم الغرب له، سواء من أميركا أو غيرها من الدول، ودعم أميركا له بالسلاح. وسيطرة الكيان الصهيوني على مراكز اتخاذ القرارات في أميركا تجعل من الصعب على أيّ مسؤول أميركي الضغط على الكيان لوقف الحرب أو حتى إيقاف الدعم له.
لكن اليوم نجد حالة مختلفة في الشارع الأميركي، الذي بات ينبذ هذا الكيان ويرفض تمويله. لذلك شهدنا عدداً ليس بالقليل من المتظاهرين أمام الكونغرس الأميركي يندّدون بسياسة الكيان الصهيوني ويدعمون فلسطين. كما غاب العديد من أعضاء الكونغرس عن خطاب نتنياهو، بالإضافة إلى غياب المرشحة الرئاسية كامالا هاريس التي كان من المفترض أن تدير الجلسة.
هذا يعكس حالة من عدم الرضا، سواء على المستوى السياسي أو الشعبي، عن دعم هذا الكيان القاتل. وقد استغلّ نتنياهو الكونغرس جيداً لإخفاء جرائمه والهجوم على المقاومة وخصومه. فألقى بالأكاذيب التي صفق لها الحاضرون، مثل زعمه قتل 12 ألفاً من المقاومين، وأنّ الكيان الصهيوني لم يقتل المدنيين. كما ألقى التهمة الزائفة على المقاومة بأنها تسرق المساعدات وتستخدم المدنيين كدروع بشرية.
ولم يكتفِ بذلك، بل أشار بوضوح إلى أنه يخوض الحرب نيابة عن أميركا، واصفاً إياها بحرب التحضّر ضدّ التوحش. كما أشار إلى من يسمّيهم زعماء العرب المطبّعين، مؤكداً أنّ مصيرهم مرتبط بمصير الكيان الصهيوني، خاصة في ظلّ التحديات الكثيرة في المنطقة، خصوصاً مع النظام الإيراني.
يتأكد دائماً أنّ هذا المحتلّ المغتصب لا يعرف سوى لغة السلاح والقوة، ولا شيء غيرها سيجدي معه نفعاً…