الاحتلال يكسر قواعد الاشتباك ويستهدف الضاحية و«قائداً كبيراً» بتغطية أميركيّة / المقاومة تتريث في بيانها وردّها الرادع قيد الإعداد لفرض قواعد اشتباك جديدة / ترابط الاحتلال الأميركي مع حرب غزة يظهر في تزامن غارات بغداد وبيروت /
كتب المحرّر السياسيّ
خطا كيان الاحتلال خطوته الأهم نحو حافة الهاوية في اللعب بنيران الحرب الدائرة في المنطقة، فكسر قواعد الاشتباك السائدة منذ عشرة شهور، والتي رسمتها المقاومة وأجبرت جيش الاحتلال على التقيّد بها، وتم تصنيع عملية مدبّرة على أطفال مجدل شمس واتهام المقاومة بها، لمنح جيش الاحتلال موقع الدفاع في مواجهة هجوم كبير. وبعد عدوان أمس، على الضاحية لم يعد هناك شكّ بأن صاروخ مجدل شمس كان مدبّراً لتبرير هذا العدوان وكسب قدر من التغطية الدولية له، وتوفير الغطاء والذريعة للحماية الأميركية اللازمة لشن هذا العدوان، بحيث يحقق العدوان، التخلص من شخصية قيادية بارزة في المقاومة هي المقاوم القيادي فؤاد شكر، إذا نجح الاستهداف بالتخلص منه، وكسر قواعد الاشتباك التي تقوم على اعتبار استهداف الضاحية الجنوبية اقتراباً من حافة إشعال حرب كبرى، ووضع المقاومة بين خياري الذهاب للحرب الكبرى أو التأقلم مع هذا التعديل لقواعد الاشتباك.
المقاومة التي تريثت في إصدار معلومات تكشف مصير استهداف القياديّ شكر، لم تتردّد عبر توزيع أفلام مسجلة عبر تأكيد عزمها على الرد، والردّ الموجع الذي يُعيد رسم قواعد اشتباك جديدة تقول إن يد المقاومة هي العليا، وإن مَن عليه التأقلم هو جيش الاحتلال، والاستهداف من خارج المتعارف عليه والمتوقع هو في الطريق، سواء في العمق الجغرافي للأهداف أو أنواع الاسلحة النارية المستخدمة، ونقل السؤال إلى ملعب جيش الاحتلال حول الذهاب إلى الحرب الكبرى؟
اللافت كان تزامن استهداف بيروت وضاحيتها الجنوبية، مع تزامن جنوب بغداد، حيث قواعد الحشد الشعبي والمقاومة العراقيّة، بصورة كشفت الخلفية الفعلية للتغطية الأميركية للعدوان الإسرائيلي، وربما نوع وحجم الاتفاق الأميركي الإسرائيلي الذي أبرم خلال لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن برئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو، بربط معركة الدفاع عن بقاء قوات الاحتلال الأميركي في سورية والعراق بالتفاوض الجاري حول اتفاق إنهاء الحرب في غزة، ودور التصعيد الحالي في تظهير هذا الترابط من جهة، والسعي لإدخال تعديلات على اتفاق غزة تريح كيان الاحتلال من صورة الهزيمة الكاملة، وهو ما تضمّنته طلبات نتنياهو التفاوضية التي حملها رئيس الموساد إلى الوسطاء في جنيف.
لا شك في أن الاتصالات معظمها في الكواليس وبعضها سيخرج إلى الضوء، لإقناع حزب الله بدوزنة ردّه على «إسرائيل» التي استهدفت أمس، الضاحية الجنوبية، حيث نفّذت طائرة من دون طيار بـ 3 صواريخ عملية كبيرة في محيط مجلس شورى الحزب. وأسفرت الغارة العدوانية عن 3 شهداء وإصابة أكثر من 74 مدنيّاً بينهم 7 أطفال، في حصيلة أوليّة، فيما أعمال الإغاثة متواصلة بصعوبة بسبب تسوية 4 طبقات من المبنى السكني المأهول الذي استهدف بفعل العدوان الإسرائيلي.
وكانت المعلومات أفادت عن انهيار طابقين من مبنى «الربيع» الذي استهدفته الغارة في حارة حريك في محيط مستشفى بهمن.
إلى ذلك، أعلنت القناة 12 الإسرائيلية أن الهجوم العسكري على الضاحية الجنوبية انتهى ولسنا معنيين بفتح حرب. هذا وأشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن القرار بشأن هدف الهجوم على ضاحية بيروت الجنوبية تمّ اتخاذه يوم الأحد الماضي مع عودة نتنياهو من الولايات المتحدة.
وأفادت وسائل إعلام مقرّبة من حزب الله، أن «الحزب بدأ بالردّ على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت وأن سرباً من المسيّرات يدخل من لبنان باتجاه الجليل الغربي»…
وكانت تصدّت وحدة الدفاع الجوي في حزب الله أمس، للطائرات الحربية الصهيونية المعادية التي اخترقت حاجز الصوت فوق الأجواء اللبنانية، و«أجبرتها على الانكفاء والتراجع خلف الحدود داخل فلسطين المحتلة». وقصف الحزب أمس، مقر قيادة كتيبة «السهل» في ثكنة «بيت هلل» بصلية من صواريخ «الكاتيوشا». وقصف بقذائف المدفعية موقع جل العلام رداً على الاعتداء والاغتيال في بيت ليف جنوبي لبنان. وأعلن حزب الله أنّه أوقع قتلى وجرحى بهجوم بمسيّرات انقضاضيّة على موقع للجيش الإسرائيلي في مستعمرة كفريوفال.
إلى ذلك، أفيد عن إطلاق رشقة صاروخية من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة ومحيطها. على الأثر، أعلن الإسعاف الإسرائيلي: إصابة شخص بجروح حرجة إثر سقوط قذيفة صاروخيّة في بلدة هاغوشريم في الجليل الأعلى في حين أشارت معطيات صحافية إلى مقتله.
ويعقد مجلس الوزراء عند الساعة الثامنة والنصف من صباح اليوم جلسة في السراي الكبير للبحث في المستجدات الطارئة. ودان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي العدوان الإسرائيلي السافر على الضاحية الجنوبية. وقال: لم تشبع آلة القتل الإسرائيلية عن استهداف المناطق اللبنانية في الجنوب والبقاع وصولاً إلى عمق العاصمة بيروت، وعلى بعد أمتار من أحد أكبر المستشفيات في لبنان. وهذا العمل الإجرامي الذي حصل الليلة هو حلقة في سلسلة العمليات العدوانيّة التي تحصد المدنيين في مخالفة واضحة وصريحة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وهو أمر نضعه برسم المجتمع الدولي الذي عليه تحمّل مسؤولياته والضغط بكل قوة لإلزام «إسرائيل» بوقف عدوانها وتهديداتها وتطبيق القرارات الدولية.
أضاف: كذلك فإننا سنحتفظ بحقنا الكامل بالقيام بكل الإجراءات التي تساهم بردع العدوان الإسرائيلي.
وكان الرئيس ميقاتي استقبل في السراي، المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس -بلاسخارت وبحث معها في الأوضاع الراهنة والاتصالات الجارية لتمديد ولاية «اليونيفيل». وفي خلال الاجتماع دعت المسؤولة الأمميّة إلى التهدئة على كافة الجبهات، وطالبت الجميع بالالتزام بتطبيق القرار 1701 الذي هو الحل الوحيد لحل النزاع القائم.
وندّد وزير الخارجية عبدالله بو حبيب بالضربة على الضاحية الجنوبية، معلناً أن لبنان سيتقدّم اليوم بشكوى ضد «إسرائيل» إلى مجلس الأمن الدولي. وأعلن أن «إسرائيل» تعتدي على لبنان ولم تأخذ بعين الاعتبار كيف وأين تضرب. وأضاف بو حبيب: قلنا للمسؤولين الأميركيين والبريطانيين إننا لا نريد أي ضربة على لبنان والذين قتلوا في الجولان عرب وسوريون وتدخل «إسرائيل» غير قانوني. وتابع بو حبيب: «نتمنى أن يكون رد حزب الله متناسقاً حتى لا يكون هناك رد إسرائيلي معاكس».
وكان بوحبيب تلقى اتصالاً من نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي الذي عبّر عن وقوف المملكة الأردنية الهاشمية الى جانب لبنان في هذا الوقت الصعب كما في كل وقت، مؤكداً حرص الأردن على أمن لبنان وسيادته ورفضه للتهديدات الإسرائيلية. كما شدد الوزير الصفدي على عمل المملكة لمنع التصعيد والحؤول دون الانزلاق الى حرب واسعة واضعاً إمكانات بلاده في تصرّف لبنان.
ويزور وزيرا الخارجية والدفاع البريطانيان بيروت غداً الخميس، ويجتمعان مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي والوزير عبدالله بو حبيب وقائد الجيش العماد جوزيف عون، وذلك في إطار المساعي المبذولة للتهدئة ومنع الحرب الشاملة.
وسط هذه الأجواء، قال وزير خارجية بريطانيا: رسالتي لمواطنينا في لبنان غادروا الآن. أما الخارجية النيبالية فدعت مواطنيها في لبنان الى توخي الحذر والتزام الإجراءات الوقائية المطلوبة.
وحين اعتبرت روسيا أن الضربة الإسرائيلية على الضاحية تشكل انتهاكاً للقانون الدولي، نددت السفارة الإيرانية في بيروت، في بيان، بالعدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية، واصفة إياه بـ»الآثم والجبان». وأعربت دمشق عن تضامنها مع لبنان ووقوفها إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق في وجه ما يتعرّض له من عدوان غاشم. وأشارت وزارة الخارجية السورية إلى أن هذا الاعتداء السافر يأتي بعد جريمة الاحتلال النكراء في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل. وأشارت إلى أن الكيان الإسرائيلي ما زال يختلق الذرائع لسياسته القائمة على التصعيد وتوسيع العدوان في المنطقة.
واعتبر الحزب السوري القومي الاجتماعي أنّ «هذا العدوان الغاشم يمثل تطوراً خطراً في مسار المواجهة المفتوحة مع العدو، ذلك لأنّ العدوان الصهيوني على ضاحية بيروت، يُعدّ كسراً للخطوط الحمراء، وهذا ما ستقابله المقاومة بردٍّ يكسر بمفاعيله كلّ الخطوط الحمر التي حاول حلفاء الكيان الغاصب رسمها خلال الأيام الماضية».
وأكد الحزب، بحسب البيان الصادرعن عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية أنّ «قوى المقاومة، وفي طليعتها حزب الله، تمتلك من الخيارات والقدرات ما يمكنها من القيام بردٍّ قاسٍ جداً، يتجاوز بنتائجه توقعات قادة الكيان الغاصب، فلدى المقاومة بنك أهداف محدّث، ولديها الاستعدادات كافة لمواجهة كلّ الاحتمالات وردع العدوانية الصهيونية».
وفي المقابل رفض نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، التعليق على الاعتداء الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية. وقال باتيل إن «لا تعليق على أنباء انفجار الضاحية الجنوبية»، مكرراً الموقف الأميركي «الثابت» بوقوف الولايات المتحدة إلى جانب «إسرائيل»، ودعمها «بكل ما تحتاج إليه». وأكد، في الوقت عينه، مواصلة بلاده «التركيز على الدبلوماسيّة»، مشيراً إلى أنّها تسعى لـ»تجنّب أي نوع من التصعيد بين «إسرائيل» وحزب الله».
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، إنه «ليس لدينا تعليق في هذا الوقت الحالي»، مجددةً اعتقادها أن الحرب الشاملة «ليست حتمية ويمكن تجنبها».
في المقابل، قال رئيس مجلس إدارة شركة «طيران الشرق الأوسط» محمد الحوت من السراي الحكومي: من الضروري التوضيح أننا نؤخر خمس أو ست رحلات تصل بعد منتصف الليل او فجراً، الى صباح اليوم التالي لأسباب تقنية تتعلق بتوزيع مخاطر التأمين بين لبنان والخارج، لأننا لا نريد خلال ساعة معينة صباحاً وجود عدد كبير من الطائرات في المطار، إذا لا سمح الله حصل شيء، وهو أمر غير متوقع، ولكن هذا التدبير من باب الاحتياط لتستمر الشركة في ممارسة أعمالها وإكمال عملياتها. ورداً على سؤال، نفى الحوت أن يكون مطار رفيق الحريري قد تلقى اي تهديدات او معلومات من اي مصدر بأن هناك ضربة للمطار.
وأعلن رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمرفأ بيروت عمر عيتاني في بيان، أن «المرفأ وضع طاقمه في جهوزية تامة، والعمل سيكون 24/24 لتسهيل كل ما يتطلب، لدى الوزارات والإدارات المعنية، لإنجاز معاملات السلع الغذائية المستوردة الموجودة داخل المرفأ».