أبعاد وتداعيات اغتيال إسماعيل هنية وتداعياته في طهران
يستحق القائد الكبير الشهيد إسماعيل هنية أن تخصص مقالات للحديث عنه، لكن اللحظة التي ولّدها اغتياله وارتقاؤه شهيداً خلال زيارته إلى طهران، فرضت أولوية الإجابة عن أسئلة كبرى بحجم فهم العملية ومحاولة فهم ما سوف يترتب عليها.
بغض النظر عن التفاصيل التقنية لكيفية تنفيذ عملية الاغتيال، فإن هذه التقنيات جاءت بفعل تعاون أميركي إسرائيلي، وثمّة إشارات كافية لاستخلاص ذلك، منها أن العملية تمّت بعد زيارة بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، رغم زيارات متكررة للقائد هنية إلى طهران، ومنها مغزى الكلام الذي قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تصعيد مقبل على المنطقة قبل انفجار صاروخ مجدل شمس، ما يجعل عمليات استهداف بيروت وطهران وبغداد تشكل سياقاً متصلاً للتصعيد الذي تحدّث عنه بوتين خلال زيارة نتنياهو لواشنطن.
الأهم هو أن واشنطن التي كانت تحذّر كيان الاحتلال وقادته علناً من التورط بعمل يؤدي الى مخاطر انفجار حرب مع لبنان، وتصف ذلك بتهديد أمن “إسرائيل” ومستقبلها بالخطر، كما قال بيان وزارة الخارجية الأميركية، وتقول إنها غير قادرة على تقديم المساندة في حال اندلاع مثل هذه المواجهة مع حزب الله، كما قال الجنرال تشارلز أبرامز رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية، وإذ بواشنطن تبتلع لسانها بعد تصنيع مشهد صاروخ مجدل شمس، وتقول إن لـ”إسرائيل” حق الدفاع عن النفس مع استهداف ضاحية بيروت الجنوبية والقائد المقاوم فؤاد شكر، وترفض التعليق على اغتيال القائد هنية في طهران، وهي التي أمسكت على يد قادة الكيان ومنعتهم من الرد على الرد الإيراني، بل إن واشنطن تقول بلسان وزير الدفاع لويد اوستن إنها سوف تقدّم لـ”اسرائيل” المساندة اللازمة في أي مواجهة مقبلة.
ما تسعى إليه القيادة الأميركية هو إيصال رسالة واضحة لمحور المقاومة الذي استأنف عملياته ضد الاحتلال الأميركي في سورية والعراق، أن هذه القوات ستبقى وأن قواعد الاشتباك سوف تتغيّر إذا تم التمسك بالسعي الى إخراجها من سورية والعراق، لأن هذا الانسحاب سوف يخلق واقعاً جيواستراتيجياً جديداً في المنطقة، لا تقوم قائمة للنفوذ الأميركي بعده، ويقع الكيان في دائرة تأثيره بصورة تهدد قدرة الكيان على الصمود، ولذلك أعطي نتنياهو الضوء الأخضر للقيام بعمليات تمنحه صورة النصر التي يحتاجها بديلاً للفشل الميداني في الحرب. وهي عمليات تقول إن بالإمكان الذهاب الى اتفاق حول غزة بعدها إذا بقيت دون رد وتوقفت الضغوط الميدانية لفرض الانسحاب الأميركي، وإن الرد هو المخاطرة بالذهاب الى حرب كبرى.
بعد كلام مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران والقائد الأعلى لقواتها المسلحة عن حتمية الرد العقابي على اغتيال القائد هنية في طهران واعتباره عدواناً على السيادة الإيرانية، لا حاجة للنقاش حول الفرضيات، وهنا عودة الى مناخ عشية الردّ على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق. والسؤال هل سيكون هناك رد إسرائيلي على الرد بحجم يرتب الرد الأقسى الذي حذّرت منه إيران يومها وحذرت واشنطن من الشراكة كي لا تكون شريكاً بدفع الثمن، وإن كان ذلك كله فماذا يبقى بيننا وبين الحرب الكبرى؟
عملياً نحن على عتبة تطورات كبرى، يمكن للتصاعد أن ينتهي معها بإعادة حساب أميركي صعب، محوره التسليم بالانسحاب من سورية والعراق، أو يتطور نحو مواجهة كبرى تفتح الباب لطرح مستقبل القواعد الأميركيّة في كل المنطقة ومعه مستقبل الكيان وقدرته على التحمّل لتداعيات الحرب الكبرى بمفهوم محور المقاومة لها، وهي حرب العبور وليست حرب تبادل النيران فقط؟
التعليق السياسي