مجرمو القيادة الأميركية الصهيونية على أرض فلسطين
المحامي عمر زين*
إنّ توجيه زعماء الكونغرس الأميركي الأربعة: رئيس مجلس النواب وزعيمي الديمقراطيين والجمهوريين في مجلس الشيوخ وزعيم الديمقراطيين في مجلس النواب دعوة رسمية لمجرم الحرب نتنياهو لإلقاء خطاب فيه يعني بوضوح وبشكل قاطع أنّ هذه الدعوة تعبّر عن المشاركة الفعلية في جرائم الإبادة، وجرائم ضدّ الإنسانية التي ترتكبها سلطات الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين، وتعني أيضاً الدعم والمشاركة في الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني التي اقترفها ويقترفها جيش الاحتلال الهمجي البربري الصهيوني بدءاً من 8 تشرين الأول 2023 كما ويحمل هذا الموقف المعاني التالية:
أولاً: إنّ القيادة الصهيونية في العالم هي أميركا الرسمية بمواليها ومعارضيها، وانّ الصهاينة في فلسطين هم الأداة في تنفيذ قراراتها التي تعبّر عن مصالحها في كل الكرة الأرضية.
ثانياً: إنّ تزويد الكيان الصهيوني بالمال والسلاح منذ ما قبل احتلال فلسطين وبعده تأكيد صارخ على أنّ واضع وصاحب الفكر الصهيوني هو الدولة العميقة في أميركا وليس أحداً سواها حيث أنّ الشعب الأميركي براء من الصهيونية.
ثالثاً: إنّ استعمال حق الفيتو الأميركي الدائم ومنذ احتلال الصهاينة لفلسطين هو لحماية المشروع الأميركي المفهوم والواضح والمعلن لوضع اليد على ثروات الأمة العربية ومنع توحدها، وإثارة كلّ أنواع الخلاف وتعزيز التحارب بين شعوبها.
رابعاً: إنّ اللوبيات الصهيونية الأميركية وعلى رأسها الايباك والهاسبارا هي من صناعة الجمهوريين والديمقراطيين الاميركان، ويتنازع الاثنان من ضمن الحركة الصهيونية وذلك لخدمة مشاريع كل منهما في المنطقة العربية وسواها.
خامساً: إن ما شاهدناه من تصفيق حاد ومتواصل رافقه جلوس ووقوف الموجودين في القاعة عدة مرات لمجرم حرب الإبادة والحرب ضد الإنسانية، يدل على مدى التحريض والمشاركة بالجرائم التي هي بالفعل ضد الإنسانية جمعاء، فبدل اعتقاله ومحاكمته يبدو انهم منذ زمن بعيد تخلّوا عن شرعة حقوق الإنسان، وحق تقرير مصير الشعوب، وحريتها وسواها من المواثيق الدولية، وذلك ضد المبادئ الأميركية التي يعتنقها الشعب الأميركي وفي مقدمتها الحرية وحقوق الإنسان.
سادساً: تقتضي الإشارة إلى أن الشعب الأميركي ليس كله صهيونياً وبالتالي لا بدّ من الفصل الواضح في التعامل الوطني والسياسي والقومي مع هؤلاء.
من ذلك كله نبدي:
اولاً: على المؤسسات والمراكز الفكرية والإحصائية العربية والإسلامية بوضع لوائح بأسماء الشركات الأميركية التي تساعد الكيان الصهيوني بالمال والسلاح وعلاقة الذين حضروا في الكونغرس بها وذلك لمحاسبتهم ومقاطعتهم كأشخاص ومؤسسات للصناعة والتجارة والزراعة وغيرها.
ثانياً: لا بدّ أيضاً من إحصاء دقيق بأسماء النواب وأعضاء مجلس الشيوخ الأميركي الذين لم يحضروا هذه التمثيلية البشعة في الكونغرس لوعيهم وإدراكهم في ضرورة الوقوف بوجه تصرفات الصهيونية وقادتها وأذنابهم المجرمون الموزعون في العالم، كما علينا واجب تقدير هذا الموقف من منظماتنا وأحزابنا واتحاداتنا وذلك بمواقف مماثلة تجاه الوطنية الأميركية غير الصهيونية.
ثالثاً: علينا في بلادنا العربية رفض زيارة أيّ مبعوث أميركي، أو من أيّ دولة أخرى يهودي صهيوني لدولنا لأنه بالتأكيد ينفذ سياسة الصهيونية العالمية، وعلينا إرغام هذه الدول بإرسال من يمثّل شعوبها في مبادئها السامية ويحترم كرامتنا وعنفواننا، ونشير هنا إلى أنه لما كانت الدولة أية دولة توافق على سفير أو قنصل دولة من الدول ليباشر عمله فيها، فإنه يقتضي موافقة دولنا على ممثل أي دولة في بلادنا أو أي مبعوث لها، ولا يجوز استقبال ممثل للأعداء وبذلك نؤكد على استقلالنا الحقيقي وليس المزيف، وعدم التهاون بأي شكل من الأشكال بهذا الخصوص، وهذا ما يفرض علينا الوقوف بوجه ذلك بالوسائل المتاحة بكل أنواعها أينما كانت هناك مخالفة لمبادئنا ولسياساتنا الوطنية.
هذا وانّ ما جاء في بيان الحزب الشيوعي الأميركي خير دليل على ما نقول ونورد هنا نصه:
«بيان الحزب الشيوعي الأميركي حول خطاب نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي 25 يوليو/ تموز 2024
إنّ خطاب نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي لا يكشف فقط عن إجرام النظام الذي يحتلّ الولايات المتحدة وما يسمّى بالنظام العالمي «القائم على القواعد»، بل يكشف عن طابعه العدواني المتزايد.
إنّ التجاهل الصريح للاتفاقيات الأساسية للقانون الدولي يشكل سابقة خطيرة، مما يزيد من تعريض أمن المجتمع الدولي وأمن الشعب الأميركي نفسه للخطر.
مع تفاقم الأزمة الداخلية التي تواجه الإمبريالية الأميركية، خاصة على المستوى الاقتصادي، بدأ نوع من الجنون يسيطر على أكثر السياسيين والمثقفين والمعلقين «مرموقة « و»سمعة طيبة»، وغيرهم من الشخصيات الرئيسية في الحياة العامة الأميركية: جنون يتميّز بالحماس لحروب التدمير الذاتي والإبادة الجماعية على نطاق عالمي.
إنّ الترحيب الحار الذي حظيَ به مجرم الحرب نتنياهو مجرم الإبادة الجماعية من قِبَل الكونغرس الأميركي يشكل سابقة خطيرة تقوم على التجاهل الصريح للاتفاقيات الأساسية للحضارة. ولم يعد هناك أيّ سبب للاعتقاد بأنّ نفس الأساليب الإجرامية التي يستخدمها الكيان الصهيوني ضدّ الفلسطينيين لا يمكن استخدامها أيضًا ضد الشعب الأميركي نفسه الذي يقاوم بشكل قانوني نظامه المحتل.
إنّ نضال الشعب الفلسطيني يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالنضال من أجل السيادة وتقرير المصير على المستوى العالمي.
ولذلك، فإننا كحزب شيوعي أمريكي، نودّ أن ننتهز هذه الفرصة لإبداء موقفنا الرسمي بشأن الدولة الفلسطينية:
الحزب الشيوعي الأميركي لا يعترف بالكيان غير الشرعي المسمى «إسرائيل».
إنّ المشروع الصهيوني، الذي أصبح طابعه الفاشي واضحاً للعالم منذ زمن طويل، كان دائماً مخالفاً بشكل أساسي للعملية التاريخية التي تكتسب بها الأمم وجوداً مشروعاً وأصيلاً.
وهكذا يعرب الحزب عن اعترافه وتضامنه مع الشعب الفلسطيني، مهما كانت صفة نضاله من أجل تقرير المصير الوطني.
المجلس التنفيذي للحزب الشيوعي الأميركي (ACP)»
آن الأوان أن تعي شعوبنا، وان تعمل وفق مصالحها الوطنية مهما كان الثمن، ولا يكون ذلك إلاّ بالمقاومة السياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية والاجتماعية وتطبيق قول الزعيم جمال عبد الناصر: «ما أُخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة».
* الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب