تشييع مليوني عابر للمذاهب لهنية في طهران… وتأكيد إيراني على الرد الرادع/ نصرالله في تشييع شكر: ننتقل من جبهات إسناد إلى المعركة الكبرى المفتوحة/ الردّ آتٍ وسيبكي الذين فرحوا بالاغتيالات… وسيعرفون أي خطوط حمر تجاوزوا
كتب المحرّر السياسيّ
أعلن بنيامين نتنياهو عبر تجاوزه الخطوط الحمراء التي ترسمها معادلات الردع لتجنب الذهاب الى الحرب الكبرى، أنه عاجز عن تحمل حرب الاستنزاف التي خاضتها المقاومة خلال عشرة شهور بكفاءة عالية أفشلت فيها أهداف الكيان وجيشه من حربه المفتوحة على غزة قتلاً وتدميراً ومحاولة إخضاع للمقاومة، فبقيت المقاومة وزادت قوة وفعالية وبقي الأسرى بين أيديها وفشلت محاولات السيطرة المحكمة على غزة، بينما نجحت جبهة لبنان بخلق مشكلة استراتيجية مثّلها المهجرون من مستوطنات الشمال وما يمثله ذلك من تحد لمزاعم التفوّق العسكريّ لجيش الاحتلال العاجز عن حمايتهم، وقالت جبهة اليمن المتشاركة مع المقاومة العراقية إن منع السفن الذاهبة إلى موانئ الكيان يفرض حضوره بقوة لحد إغلاق ميناء إيلات (أم الرشراش)، وإن القوة الأميركية البريطانية ومعها الغارات الإسرائيلية التي استهدفت المنشآت المدنية في الحديدة، دون مستوى القدرة على فتح الممرات المائية أمام هذه السفن بصفتها الشريان الحيوي للاقتصاد في الكيان.
خاطر نتنياهو بنقل المواجهة من مرحلة إلى مرحلة، فقتل قائداً للمقاومة في ضاحية بيروت الجنوبية مستهدفاً مبنى سكنياً وقتل عدداً من المدنيين، وقتل القائد السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية خلال حلوله ضيفاً على الجمهورية الإسلامية في إيران بمناسبة دستورية هي تنصيب رئيسها المنتخب.
خرجت إيران بموكب تشييع مليوني مهيب وراء جثمان القائد الشهيد إسماعيل هنية وخرج قادة إيران يتقدمهم المرشد الإمام علي الخامنئي، في رسالة للوحدة عابرة للمذاهب، موجّهة ضربة قاسية لكل مشاريع الفتن، وقالت القيادة الإيرانية إن من واجبها الثأر لدماء هنية لأن شرفها وكرامتها وسيادتها قد اعتُدي عليها جميعها، وإن الرد سيكون قاسياً ومؤلماً لكيان الاحتلال.
في بيروت تحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في تشييع القيادي الكبير في المقاومة فؤاد شكر، فأعلن الانتقال من مرحلة جبهات الإسناد إلى مرحلة المعركة الكبرى المفتوحة على كل الاحتمالات، لأن ما جرى كبير وكبير جداً، يقلب المعادلات، وعلى الذين خرقوا الخطوط الحمر أن يعرفوا أي خطوط حمر تجاوزوا، وعلى الذين فرحوا وضحكوا أن يستعدّوا لبكاء كثير ينتظرهم بعد ردّ أكيد من المقاومة، وهو رد جدي وليس رمزياً، كما حاول بعض الوسطاء أن يقول للمقاومة، والردّ قد يكون جماعياً من قوى محور المقاومة وقد يكون متفرقاً، فالكلمة الآن للميدان.
وختم السيد نصرالله بالقول «المقاومة في فلسطين لن تستسلم، وهذا موقف حماس بعد شهادة القائد هنية، ولا استسلام في كلّ جبهات المقاومة. ومن يريد تجنيب المنطقة ما هو أسوأ وأكبر عليه إلزام «إسرائيل» بوقف العدوان على غزّة. ولو قتلتم ودمرتم وذهبتم لأبعد الحدود بمعزلٍ عن ردّنا لن يكون هناك حل سوى بوقف العدوان على غزّة»، وأضاف: «ستعود جبهة الإسناد اللبنانية إلى ما كانت عليه من صباح الغد (اليوم). وهذا لا علاقة له بالرد على استشهاد السيد فؤاد، أمّا ردّنا فمحسوم على الاعتداء على الضاحية واستشهاد السيد محسن والمدنيين، وعلى العدوّ ومَن خلفه أن ينتظر ردنا الآتي حتمًا إن شاء الله لا نقاش في هذا ولا جدل. وبيننا وبينكم الأيام والليالي والميدان».
وأكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال كلمة له في مراسم تشييع القائد الجهادي الكبير الشهيد السيّد فؤاد شكر (السيّد محسن) في مجمع سيّد الشهداء أنّ «العدوّ الصهيوني أعطى عنوانًا لعدوانه على الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، واعتدى على منطقة مدنية وقتل مدنيين بينهم نساء وأطفال واستهدف قائدًا كبيرًا في المقاومة، مدّعيًا أنّه ردُّ فعل على ما حصل في مجدل شمس»، ولفت إلى أنّ «هذا ليس ردَّ فعل بل هذا ادعاءٌ وتضليل وهو جزء من الحرب ومن المعركة القائمة».
وقال السيد نصر الله: «نحن ندفع ثمن إسنادنا لغزّة، وهذا ليس أول ثمن فقد ارتقى لنا مئات الشهداء من بينهم قادة، ونحن نتقبل ثمن استشهاد السيد محسن ومَن معه وندفعه، لأننا دخلنا هذه المعركة من موقع الإيمان وبكل معاييرها، وجميعنا في لبنان تعاونَّا وتساعدنا وحملنا دماءنا على أكفّنا ولن نُفاجأ بأي ثمن ندفعه في هذه المعركة المفتوحة في كلّ الجبهات».
ولفت الى أن «العدوّ يتصور أن يقتل الشهيد هنية على أرض إيران وأن تسكت؟»، وقال: خطاب الإمام الخامنئي في شهادة القائد هنية كان أشدّ من خطابه حين اعتُدي على القنصلية في دمشق لأنه لم يُعتدَ على سيادتهم فحسب، بل مُسَّ بأمنهم القومي وهيبتهم وبشرفهم أيضًا».
وتوجّه السيد نصر الله لمجتمع الكيان بالقول: اضحكوا قليلًا وستبكون كثيرًا لأنكم لم تعلموا أي خطوطٍ حمرٍ تجاوزتم وإلى أين مضيتم وذهبتم، مؤكدًا أنّنا «نحن في كلّ جبهات الإسناد دخلنا في مرحلة جديدة، وعلى العدوّ أن ينتظر ثأر الشرفاء في المنطقة».
ولمن يراهن على ضعف المقاومة، قال السيد نصر الله: «حماس استُشهد مؤسسها وارتقى العديد من قادتها ويراهن العدوّ اليوم على شهادة القائد الضيف، ولكن خطها البياني تصاعديّ وكذلك الجهاد الإسلامي وحزب الله لأننا جماعات مؤمنة بالله وننتمي لعقيدة تزوّدنا بعزيمة وقدرة هائلة على تحمل الصعاب». وقال السيد نصر الله: «آلمنا استشهاد السيد فؤاد، ولكن ذلك لن يمسّ بعزيمتنا بل سيزيد من إصرارنا وثباتنا ويجعلنا نتمسك أكثر بصوابية الخيار الذي اتّخذناه»، قائلًا: «السيد محسن كان يأتي إلى مجمع سيد الشهداء ويشارككم ويقف معكم ويرفع يده معكم بتلبية الإمام الحسين «ما تركتُك يا حسين»، وتوجّه السيد نصر الله إلى السيد محسن بالقول: «أنتَ أديت الأمانة ووصلت إلى الحسين (ع)، ونحن معك على العهد».
وطمأن السيد نصر الله بيئة المقاومة وجمهورها بالقول: «حين يستشهد أحد قادتنا نحن نسارع لملء المكان بتلامذة هذا القائد المستعدّين لإكمال دربه»، لافتًا إلى أنّ «السيد محسن في إحدى الجلسات رغم صلابته المعروف بها حين يتحدّث عن الشهداء يبكي، كان يتمنى الشهادة وهي أمنية قادتنا، وآن الأوان لأن يلتحق برفاقه الأوائل. وأغلب الاستشهاديين ربّاهم السيد محسن وكان صديقهم وهو ضمن النواة الأساسيّة لحزب الله». وكشف السيد نصر الله أنَّ «قائد فريق حزب الله الذي ذهب إلى البوسنة هو السيد محسن عندما ذهب لنصرة المظلومين المستضعفين إلى جانب إخوانه الشهيد أبي طالب والشهيد علاء البوسنة ثمّ عاد بعدها إلى لبنان».
وقال: «المقاومة في فلسطين لن تستسلم. وهذا موقف حماس بعد شهادة القائد هنية، ولا استسلام في كلّ جبهات المقاومة. ومن يريد تجنيب المنطقة ما هو أسوأ وأكبر عليه إلزام «إسرائيل» بوقف العدوان على غزّة. ولو قتلتم ودمّرتم وذهبتم لأبعد الحدود بمعزلٍ عن ردّنا لن يكون هناك حل سوى بوقف العدوان على غزّة»، وأضاف: «ستعود جبهة الإسناد اللبنانيّة إلى ما كانت عليه من صباح الغد، وهذا لا علاقة له بالردّ على استشهاد السيد فؤاد، أمّا ردّنا فمحسوم على الاعتداء على الضاحية واستشهاد السيد محسن والمدنيين، وعلى العدوّ ومن خلفه أن ينتظر ردّنا الآتي حتمًا إن شاء الله لا نقاش في هذا ولا جدل. وبيننا وبينكم الأيام والليالي والميدان».
وتوجّه الى جمهور المقاومة «جبهة المقاومة تقاتل بغضب وعقل وبشجاعة وحكمة، وتملك القدرة، ونحن الذين نمشي ونختار، وقد اخترنا الرد، وعلى العدوّ أن ينتظر، والقرار في يد الميدان ونبحث عن ردٍ حقيقي ومدروسٍ جدًا وليس عن ردٍ شكلي».
ولفت خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية للبناء الى ان السيد نصرالله حمل مجموعة رسائل بأكثر من اتجاه أولها الحسم أن رد إيران على اغتيال القائد هنية ورد المقاومة في لبنان على اغتيال القائد فؤاد شكر حتميّ وثانياً أن الرد قريب وثالثاً رفع درجة التصعيد وبالتالي طبيعة الأهداف التي سيضربها في «إسرائيل» ستكون هامة وحساسة واستراتيجية وموجعة للعدو ولو أدّت الى رد إسرائيلي مقابل وتوسيع الحرب». وأخفى السيد نصرالله وفق الخبراء في طيات كلامه ايحاء بأن الحزب وجبهة المقاومة جاهزون للحرب الشاملة وقد تنزلق المنطقة إليها طارحاً فرصة أخيرة للأميركيين لانقاذ الموقف وتجنيب المنطقة الاشتعال من خلال الضغط الجدي لوقف الحرب في غزة. وألمح السيد نصرالله وفق الخبراء الى ان الرد قد يكون جماعياً من جبهات عدة وفي التوقيت نفسه. ويرجح الخبراء أن يشمل بنك الاهداف القواعد العسكرية والاستخبارية في شمال فلسطين المحتلة ومطارات ومصانع أسلحة وصواريخ في تل أبيب وموانئ في حيفا وشخصيات أمنية وعسكرية إسرائيلية رفيعة». وحذر الخبراء من ان بعد رد حزب الله وإيران ومحور المقاومة سنكون امام مرحلة جديدة وخطيرة وكل الاحتمالات قائمة من ضمنها توسيع الحرب. والأمر متوقف ومرهون أولاً على طبيعة رد محور المقاومة وعلى قدرة «إسرائيل» على ابتلاع الرد ام الذهاب الى الرد والرد المقابل ما سيأخذ المنطقة الى الحرب الشاملة.
وكان جمهور المقاومة تداعى الى قاعة مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت لوداع الشهيد فؤاد شكر.
وبعد كلام السيد نصرالله رفع كيان الاحتلال درجة الاستنفار وأعلن رئيس الوزراء في كيان الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتانياهو أن «إسرائيل» في «مستوى عالٍ جداً» من الاستعداد لأي سيناريو سواء «دفاعي او هجومي»، بعدما تلقت تهديدات بالردّ على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية والقيادي في حزب الله اللبناني فؤاد شكر.
بدوره، زعم المتحدث العسكري لجيش الاحتلال الإسرائيلي بأن: «جيشنا في ذروة الاستعداد جواً وبراً وبحراً ومستعدّ لكل السيناريوهات، وذلك إثر التهديدات بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية والقيادي في حزب الله فؤاد شكر».
وقال: «لا تغييرات في تعليمات الجبهة الداخليّة حتى الآن، والجيش في جاهزيّة عالية دفاعاً وهجوماً».
كما دعا مجلس الأمن القومي الإسرائيلي حاملي الجنسية الإسرائيلية إلى توخي الحذر الشديد عند السفر إلى الخارج، وقال إن إيران أو حليفتيها حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية «حماس» وحزب الله قد تستهدف مؤسسات إسرائيلية أو يهودية خارج البلاد.
وأفاد موقع «واللا» الإسرائيلي، بأنّ «الجيش الإسرائيلي ألغى إجازات الجنود بالوحدات القتالية ضمن حالة التأهب لردّ محتمل من إيران وحزب الله».
ومساء أمس، أعلنت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، عن «إطلاق عشرات الصواريخ باتجاه الجليل الغربي شمال البلاد لأول مرة منذ اغتيال فؤاد شكر».
ولفتت مصادر مطلعة على موقف المقاومة لـ»البناء» الى ان هذه دفعة أولى على الحساب المفتوح مع العدو وسيشهد ضربات أكثر إيلاماً للعدو.
أكد قائد حركة «أنصار الله» عبد الملك بدرالدين الحوثي، أن «جريمة العدوان على الضاحية الجنوبية واستهداف فؤاد شكر كانت عدواناً واضحاً وتصعيداً خطيراً».
وكانت المقاومة أطلقت عشرات من صواريخ الكاتيوشا على مستوطنة «متسوفا» ردًا على اعتداء العدو على بلدة شمع واستشهاد عدد من المدنيّين فيها.
ولفت الحوثي إلى أن موقف محور القدس والجهاد والمقاومة واضح، ولا بدّ من الردّ عسكرياً على الجرائم الخطيرة والتصعيد الإسرائيلي الكبير. واعتبر أن مستوى التصعيد والإجرام مرتبط بزيارة المجرم بنيامين نتنياهو لأميركا، وتزامن مع تحرّكات أميركية في الخليج والبحر الأبيض المتوسط.