«إسرائيل» عدوة الإنسانية ومواجهتها واجبة…
منجد شريف
تتدحرج كرة اللهب التي يلعب بها العدو “الإسرائيلي”، والتي ستصيبه شظاياها حتماً من كلّ حدب وصوب، فبالرغم من مرور عشرة أشهر على عملية “طوفان الأقصى”، وعدم تحقيق أي من الأهداف التي أعلن عنها العدو، وعدم قبوله بوقف لإطلاق النار، استمرّ الدعم الغربي المطلق حافزاً لرئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، للمضيّ بحربه العبثية والمتمادية والغوغائية إلى ما شاءت الرغبات والمصالح عند العدو وحلفائه، والتي لا تميّز بين مدني وعسكري وبين طفل وإمرأة وشيخ.
إنها حرب إبادة توكل بها الاحتلال وجاد في حقده وجرائمه الموصوفة في الحجر والبشر، وذريعته استعادة الأسرى وفرض الأمن في غزة، بينما الحقيقة هي إخلاؤها بالحديد والنار وبالترحيل والتهجير إذا ما تسنّى لهم ذلك تنفيذاً لمخططات ديموغرافية واقتصادية كانت تدغدغ رؤوسهم منذ زمن طويل وواتتهم الفرصة لينفذوها تحت ذريعة الانتقام من عملية طوفان الأقصى.
اشتعلت بوجهه جبهات الإسناذ من فلسطين في الضفة الغربية ومن لبنان وسورية والعراق واليمن وإيران، لتثبت له أنّ الفلسطيني ليس وحيداً، وما أقدم عليه الاستعمار من خلال تمزيق المنطقة ببدعة خارطة سايكس بيكو، لم يعد ينطلي على أحد، وأنّ الوعي القومي والديني عند كلّ أبناء المنطقة، تجاوز تلك المسميات الاستعمارية، فالتحمت الجبهات لتشكل جبهة واحدة عنوانها الحق واسترداد الكرامة المطعونة من خلال التحرير الذي بات قاب قوسين أو أدنى، بعدما ثبت للعدو بأنّ جيشه الذي لا قيل إنه لا يُقهر بات جيشاً منهاراً ولا يلوي على شيء، وها هو تتمرغ أنوف جنوده وضباطه في تراب غزة وفي شمال فلسطين المحتلة، ولا يستطيع تغيير شيء في أرض الواقع وإستمرار مقاومته في كلّ شبر من أرض غزة كما في الضفة وفي الشمال، فإذ به يذهب إلى الولايات المتحدة الأميركية ليحصل على جرعة كبيرة من الدعم المعلن مع باقي الحلفاء من الدول الغربية، من أجل الخروج عن قواعد الاشتباك والهروب إلى الأمام، لتنفيذ أجندة اغتيالات غير محمودة العواقب، وهو لم يجرؤ على تنفيذها سابقاً لعدم تمكنه من تحمّل تبعاتها، وبعدما نال “بركة” الكونغرس وفي أكبر مسرحية في التاريخ، بعد زيارة السفاح الفاشي نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأميركية، وإلقاء كلمة الدجل والنفاق أمام أعضاء الكونغرس الأميركي والذين قاطعوه بالتصفيق 71 مرة خلال كلمة استغرقت 51 دقيقة، بدلالة أنّ الغالبية من أعضاء ذلك الكونغرس منضوية في الصهيونية وأهدافها في احتلال فلسطين وسياساتها التوسعية والقائمة على القتل والتدمير والإبادة، ولتصفيقهم لمجرم الحرب أثمان متفرقة ربما يتقاضونها من ممثليها في كلّ الولايات المتحدة الأميركية، ضاربين عرض الحائط ما يدعونه في دعم الحريات والديموقراطيات وحقوق الإنسان، فأثبتوا ولاءهم المطلق لمصاصي الدماء من الذين يدّعون الحق الديني والتاريخي في فلسطين، بينما الحقيقة هم يحرسون مصالح الدول الغربية الاستعمارية، ويشكلون جبهتها المتقدمة ليثنوا أيّ بلد عربي ضمن تركيبتهم المزعومة سايكس بيكو، عن التقدم، ولكي يستفردوا بأيّ من تلك البلدان تحت مسمياتها الجغرافية المصطنعة، لينالوا منها إذا ما خرجت عن شروطهم في الولاء والطاعة، بينما البلدان العربية هي بلد واحد وعدوهم واحد، وهذا ما ترجمته عملية “طوفان الأقصى” بالبرهان الحسي والملموس، فهبّت المشاعر القومية والدينية والإنسانية في سائر أرجاء العالم من دول عربية وغربية وإسلامية ومسيحية، رافضة ذلك الافتئات في حق الشعب الفلطسيني بالعيش بسلام وعادت قضية فلسطين إلى الواجهة بعدما دأب العدو ومن خلفه كلّ داعميه بطمسها ووضعها في غياهب النسيان، فكانت المظاهرات المندّدة في كلّ أصقاع العالم وشعاراتها المدوية لعودة الحق إلى أصحابه والخروج من لعبة التضليل ومسرحية المظلومية التاريخية لمحرقتي الأوشفيتز والهولوكست، والتي اِبتُزَت على أساسها ألمانيا وما زالت، وإذا ما توغلنا في ظروف تلك المحارق هي حتماً من فبركة الصهيونية، للنيل من يهود أوروبا بسبب عدم هجرتهم إلى الدولة المزعومة “إسرائيل”، كما فعلوا بالأمس في مجدل شمس لتكون ذريعة وغطاء لتنفيذ مخططهم الشيطاني في الاغتيالات وتوسيع رقعة الحرب للخروج بنصر وهمي يعيد لذلك العدو المهزوم شيئاً من اعتباره أمام جبهته الداخلية، وهو أمر محال لأنّ المحتلّ مهما تفنن في أساليبه لن يثني أبناء الأرض عن تمسكهم بأرضهم، وفي النهاية الأرض لأهلها مهما طال الزمان.
لا شك بأنّ الاغتيالات المتعددة والتي طالت نخباً من كوادر المقاومة في لبنان وفلسطين كما في اليمن والعراق وسورية وفي إيران، لن تثني الإرادة الصلبة لذلك المحور عن مواجهة هذا العدو الغاشم، ولا شك أيضاً بأن آخر جرائم الاغتيال التي نفذها العدو للقيادي الجهادي الكبير السيد فؤاد شكر “السيد محسن” ومعه أحد مستشاري الحرس الثوري الإيراني، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس القائد إسماعيل هنية، أثبت بأن التقنية التي يتبعها العدو في تنفيذ إغتيالاته هي نفسها التي دأب عليها سابقاً قبل عملية طوفان الأقصى، وكان متلطياً بعدم تبنيه لها، لتثبت طريقة الاغتيالات بالأمس وما سبقها، والمعتمدة بمجملها على الذكاء الاصطناعي من خلال البصمات الصوتية والصور الثلاثية الأبعاد وما تختزنه الهواتف الذكية المتشعّبة في مجتمعاتنا من محفوظات مربوطة بمجملها بمخزن الكتروني عبر الأقمار الصناعية المخترقة من العدو وحلفائه، وهنا يطول البحث للمختصين، لا سيما القمر الصناعي أفق 13 والمزوّد برادار يقوم بتحليل كلّ المعلومات الواردة إليه ليطابقها مع البصمات الصوتية المستهدفة وملاءمتها للصور الثلاثية الأبعاد لتقوم بعدها مُسيّرة من المُسيّرات المناوبة في الفضاء والتي تستطيع التحليق لمدة 40 ساعة متواصلة، بإصابة الهدف مباشرة بعد التأكد من مطابقة البصمة الصوتية أو الصور الثلاثية، ولا شك بأنّ المحور بأكمله غير غافل عن كلّ ذلك التطور في جيش العدو وحلفائه، وهو يعمل بإستمرار على تلافيها من خلال الإستفادة من كل تجربة، لكن ما زال هناك بعض الثغرات التي ينفذ منها العدو فيصطاد الفرصة ويقوم بعملياته مدعوماً بكلّ معلومات الإستخبارات الغربية والأميركية حول العالم، لأن المطلوب تصفية كل قيادات المقاومة والعقول المدبرة لها في لبنان وفلسطين وفي أيّ بقعة بالكون، وهذا ما يدلّ على أنّ كلّ الاغتيالات التي حصلت في السابق وقد تكون من ضمنها حادثة تفجير المرفأ في بيروت، واغتيال الرئيس رفيق الحريري، كلها من تنفيذهم بعدما كشفتهم العمليات التي تبنّوها وباتت شاهد عيان عليهم لتكشف كلّ ألاعيبهم ومخططاتهم الجهنمية للفتنة والسيطرة.
بناء على ما سبق تفنيده وشرحه، فإنّ المقاومة اليوم أمام تحدٍّ كبير ومسؤول، فلا رجعة إلى الوراء ولا مهادنة مع عدو لا يعرف سوى لغة القوة أسلوباً، وإذا كانت الخشية من اندلاع حرب إقليمية فها هي كلّ أسبابها قد توفرت، وماذا أكثر من اغتيال في نصف الضاحية الجنوبية لبيروت حارة حريك ذهب ضحيته أحد كبار القياديين مع أناس أبرياء، كما اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قلب العاصمة الإيرانية طهران، كي تصبح المنازلة قاب قوسين أو أدنى، فما أقدم عليه العدو الإسرائيلي يندرج في أمر من إثنين إما دعماً مطلقاً من أميركا والغرب لتعويم “إسرائيل” والحفاظ عليها كقوة وحيدة في منطقة الشرق الأوسط لتنفذ الأجندة الغربية في الحفاظ على مصالحهم، وهذا مرجح بعد زيارة السفاح نتنياهو إلى أميركا، أو هي مجازفة عسكرية غير محسوبة النتائج وهذا مستعبد، وفي الحالتين لا يجوز أن تمرّ جريمتا الاغتيال دون ردّ موازٍ في المكان والشخصيات المستهدفة، وحتى في أيّ من المصالح المؤلمة للعدو، فلم يعد هناك ما يجب الوقوف عنده وقد تمادى العدو في جرائمه ووحشيته كما تمادى المجتمع الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة في توقيع شيك على بياض لاستباحة كل الدماء الطاهرة في كل البلاد العربية لا سيما دول الطوق ومن يناصرها، آن الأوان لهذا العدو كي يُهزم ويندثر بعدما تسبّب بأذية كل البشرية، وصار أبناء فلسطين وكل العرب وكل من يتعاطف معهم مباحين له ويتفنّنون في تعذيبهم وقتلهم، مما دفع بالمقاومة في فلسطين ولبنان وفي سورية والعراق واليمن وخلفهم الجمهورية الإسلامية في إيران تقف لهم بالمرصاد، وستكون الكلمة الفصل لهم عما قريب ليدفع ذلك العدو السافل والجبان ثمن حقده وكراهيته وزيف ادّعائه بالأرض الفلسطينية وغيرها من الأراضي العربية وثرواتها التي يدّعي ملكيتها التاريخية، وكي تتخلص البشرية من ذلك الشر المستطير والمتكئ على بلدان مدينة له بالمال وهو يملي عليها بالقرارات، فأضحت “إسرائيل” المزعومة ملكة على العالم كما يروّجون في كتبهم بروتوكولات حكماء صهيون، وبالتالي تفعل ما يحلو لها وهذا ما سوف ينتهي عما قريب، لأنّ الزمن تغيّر وما تحققه المقاومة من إنجازات سيكون الطريق الصحيح نحو هزيمة “إسرائيل” وإحلال السلام في العالم، لأنّ “إسرائيل” عدوة السلام والإسلام والمسيحية وعدوة الإنسانية.