مَن قتل أطفال مجدل شمس هو قاتل فؤاد شكر وإسماعيل هنيّة
ناصر قنديل
عندما وقع انفجار مجدل شمس الذي ليس لدينا أي إثبات أنه نتيجة سقوط صاروخ، والمصدر الوحيد كان ما قاله جيش الاحتلال عن الصاروخ الذي يقول أهالي مجدل شمس إنهم لم يروا بقاياه، ويضيف جيش الاحتلال وفق روايته التي لا دليل عليها أنه صاروخ إيراني الصنع، كان حدسُ أي شخص طبيعيّ غير ملوَّث وغير مصاب بالحقد على المقاومة، يقول له إن كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل الانفجار بيومين عن تصعيد كبير في المنطقة يدعو إلى التوجّس من أن يكون هذا الانفجار مبرمجاً ليكون فاتحة هذا التصعيد.
تجربتنا مع المقاومة وتجربتنا مع الاحتلال تدعو إلى تصديق المقاومة التي لا تُخفي خطأ إذا أخطأت وتملك شجاعة الاعتراف والاعتذار. وكانت تجربتنا مع المقاومة طيلة عشرة شهور عسكرياً تقول بدقة إصابتها إلى حد الإبهار واستبعاد فرضية الخطأ. ولما صدر بيانها بنفي علاقتها بالأمر لم تكن ثمة حاجة للتفكير والتدقيق قبل التصديق. بينما تقول تجربتنا مع كيان الاحتلال إنه يكذب بل يتنفس الكذب، وكثيرة هي المرات في هذه الحرب التي ارتكب فيها المجازر وأنكر مسؤوليته عنها رغم توثيق هذه المسؤولية من جهات دولية محايدة وأحياناً صديقة للكيان مثل الصحف الأميركية التي أثبتت مسؤوليته عن مجزرة مستشفى المعمداني. وتجربتنا مع الكيان أيضاً أنه يرتكب كثيراً من الأخطاء النارية وقد قتل جنوده وأسراه بالخطأ. وتقول إن صواريخ قبته الحديدية سقطت مراراً في مناطق سكنيّة وتسببت بأضرار بالبشر والحجر، لكن كانت الكلمة الفصل لرؤية هل للانفجار وظيفة أم هو مجرد خطأ ارتكبه الاحتلال وينكر مسؤوليته عنه؟
بدأ الاستغلال السياسي والإعلامي بدموع تماسيح الاحتلال على فتية مجدل شمس، ومَن يعرف تاريخ المدينة ومقاومتها الشرسة للاحتلال طيلة عقود يعرف أن الاحتلال وقادته يتمنون لو ينزل بها نيزك ويحرقها فكيف نصدّق أنهم حزنوا لمقتل فتيتها إن لم يكونوا هم مَن قتلهم، بالخطأ وربما عمداً؟ وإذ يصل بتسلئيل سموتريتش الذي يدعو لقتل كل عربي ليبكي فتية مجدل شمس، ثم يصل نتنياهو فور عودته من واشنطن، وتبدأ الحملة السياسية، فهل وضحت الصورة؟
بدأت حملة عنوانها الانتقام والتهديد بعمل عسكري رداً على ما حدث في مجدل شمس، ولحقه فوراً تصديق أميركي على حق الدفاع المشروع عن النفس، أمّا التحذير من خطر التصعيد فلم يوجه للكيان بل للمقاومة طلباً لعدم القيام بالردّ على أي عدوان للاحتلال لأنه يقوم بدفاع مشروع عن النفس، ثم جاءت العملية التي انتهت باغتيال القيادي الكبير في المقاومة الشهيد فؤاد شكر، وتمّ خرق خط أحمر كبير هو اختراق الضاحية الجنوبية من بيروت بعمليّة كبرى. وفوراً تعلن واشنطن أنها سوف تكون في موقع مساندة للكيان في حال نشوب مواجهة بفعل ما قام به من دفاع عن النفس.
بالعقل والمنطق نعرف أنه يستحيل ترتيب عملية بحجم اغتيال القائد فؤاد شكر غبّ الطلب، تلبية لحاجة الرد على حادث جرى قبل يومين في مجدل شمس. والمنطق يقول بالعكس إن العملية تحتاج ترتيبات ومتابعة وعمل متواصل لشهور، وعندما تنضج يمكن ترتيب تفجير مجدل شمس لاتخاذه ذريعة، كما لا يمكن اتخاذ قرار بحجم العملية واستهداف الضاحية بحسابات انتقام لو كان الذين سقطوا من المستوطنين الصهاينة، فكيف وهم عرب من الجولان السوري المحتل الذي يرفض الجنسية والجندية مع الكيان وجيشه. فالقرار بحجم حرب حساباته تتصل بكل مجريات الشهور العشرة الماضية، ومثله القرار الأميركي بتوصيف العدوان دفاعاً مشروعاً، وتقديم المساندة المطلوبة في أي مواجهة. هذه قرارات تتخذ بحسابات العقل البارد، وإن احتاجت الى تبرير نظرية الدفاع يتم ترتيب قتل فتية عرب ضناً بدماء المستوطنين، لأن الدم العربي رخيص على الكيان، واتخاذ الدم عذراً يقدمه الأميركي لتبرير مساندته للكيان، وفق نظرية الدفاع عن النفس.
هنا نفهم ما يلي، أنه خلال زيارة بنيامين نتنياهو إلى واشنطن كانت معطيات اغتيال فؤاد شكر وإسماعيل هنيّة أيضاً على الطاولة، وتم الاتفاق ووضعت الخطة، وتمّ تفجير مجدل شمس وقتل الفتية، وبالتوازي كانت الاستخبارات الروسية تلتقط المعلومات وترسلها للرئيس بوتين الذي رتب عقد قمة مع الرئيس السوري بشار الأسد محذّراً من تصعيد كبير مقبل إلى المنطقة، وها نحن في قلب هذا التصعيد،. فهل نصدق أنه نتيجة حزن نتنياهو على فتية مجدل شمس، أم أنه قرار اتخذه جو بايدن وبنيامين نتنياهو لتعديل شروط التفاوض حول اتفاق غزة ومصير القوات الأميركية في سورية والعراق، وتمّ قتل فتية مجدل شمس لاتخاذ دمائهم ذريعة؟