أولى

تغريدة حمد وحلول دي ميستورا

غرّد رئيس الحكومة ووزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم آل جبر فقال “أعتقد أنه من الأفضل أن تطلب الآن إيران وقفاً فورياً دائماً لإطلاق النار وإعادة النازحين في قطاع غزة إلى جميع مناطقهم، وتبادل الأسرى. فهذا خير من رد لن يحقق أي نتيجة في الوقت والظروف الراهنة سوى خدمة خطوات نتنياهو التصعيديّة، وسياسات حكومته المتطرفة الهادفة إلى إطالة بقائه في السلطة. هذا رأيي الشخصي وأنا أعرف أن كثيرين سيهاجمونني بسببه، ولكني أعلم أن إسماعيل هنية رحمه الله لو كان حياً بيننا اليوم لتمنى وقف إطلاق النار الدائم بالشروط سابقة الذكر حتى يتوقف سفك دماء الفلسطينيين وجرائم الإبادة الوحشيّة ضده».
بالتوازي مع تغريدة منسّق غرفة عمليات الحرب الأميركية الإسرائيلية العربية التي نفذتها الجماعات الإرهابية بتمويل وفتاوى عربية وقدّمت لها تركيا أرضها قاعدة انطلاق وقدّمت مخابراتها لها السلاح والتدريب، انطلقت حركة دبلوماسية أردنية مصرية نحو طهران تدعو لضبط النفس والردّ المحسوب بصورة أقرب الى رفع العتب تحت شعار الإفساح في المجال لتقدم المفاوضات حول حل في غزة، ودعوة طهران للتفاوض حول هذا الحل بالنيابة عن المقاومة الفلسطينية، ولا نعلم إذا كان قد سقط سهواً من تغريدة رئيس الحكومة القطرية السابق طلب الانسحاب الكامل للاحتلال من غزة وفك الحصار بصورة نهائية عنه، أم أن التفاوض يدور فقط على وقف الحرب وعودة النازحين وتبادل الأسرى؟
لا نبالغ إذا قلنا إن الحديث العربي عن حل سياسي لم يظهر له أي أثر خلال عشرة شهور، ولم يكن الموقف العربي أكثر من غطاء لما يريده الأميركي، وعندما احتاج الأميركي الى مشاركة عربية في حماية كيان الاحتلال لم يجد لديه مشكلة في الحصول على الموافقة العربية لاستخدام جغرافية عدد من الدول العربية في خطته لحماية الكيان.
مجدداً الجغرافيا العربية في خدمة الخطة الأميركية لحماية الكيان، رغم أن الرد الإيراني هذه المرّة للثأر لأهم قائد عربي فلسطيني معاصر، وليس رداً على قصف منشأة إيرانية كما كان الحال المرة الماضية. ومجدداً المساعي السياسية العربية لا تنفصل عن مسعى أميركي لإجهاض الرد الذي قرّرت إيران وقوى المقاومة تجهيزه لردع كيان الاحتلال ورسم موازين القوى التي تتيح تسريع حل يحقق مطالب المقاومة في فلسطين. وهذا المسعى هو الوجه الآخر للعدوان الذي لم يكن بنيامين نتنياهو يجرؤ على القيام به دون ضوء أخضر أميركي وفرته التصريحات المتلاحقة عن حق مزعوم للكيان اسمه الدفاع عن النفس.
يذكرنا كلام حمد بن جاسم بكلام شريكه في مشروع الحرب على سورية، الدبلوماسي مثله، المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الذي تفتقت عبقريّته أثناء معارك حلب عن حل سياسيّ، يقول إنه ينهي الحرب، ومضمون الحل كان يقوم على تسليم الجماعات الإرهابية المسلحة عبر مجالس تابعة لها نوعاً من الإدارة الذاتية للمناطق التي تسيطر عليها من حلب.
ما يمكن قوله في هذا المقام، هو أن في المنطقة قادة لا تمرّ عليهم هذه الألاعيب والمناورات، ويعرفون كيف يديرون الصراع والتفاوض بمهارة وإتقان وحسم وذكاء. وكما قالت نتائج حرب سورية التي كانت في المقام الأول حرب عقول، تقول حرب فلسطين منذ يوم طوفانها الأول، إنها حرب عقول، وإن قوى المقاومة قد ربحتها وهي تربحها، وسوف تأتي النهايات على قدر التضحيات والآمال والتوقعات. وكما أفلتت الطريدة من يد الحلف الذي أراد إسقاط سورية، وفقاً لكلام بن جاسم، سوف تفلت الطريدة مجدداً!

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى