أولى

خيار الاغتيالات وحتمية المواجهة الشاملة لزوال الكيان الصهيوني…

‬ د. جمال زهران

أنت وأنا والعالم من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، نشهد جميعاً أنّ ما يجري في غزة والأرض الفلسطينية المحتلة من الصهاينة والاستعمار الأميركي والأوروبي، منذ أكثر من عشرة أشهر، و(300) يوم، يؤكد أنّ المحتلّ هو مجرد “عصابة”، أو مجموعة من “قطاع الطرق” أو “البلطجية”، يمتلكون من أدوات القوة العسكرية والتكنولوجية والمال، التي يوفرها لهم الشيطان الاستعماري الأكبر، وهو الولايات المتحدة الأميركية، لتمكينهم من إثارة الرعب والفزع والقتل الممنهج، وهم في حماية من الحساب، تحت دعاوى زائفة، وهم المعتدون المجرمون، أصلاً!! فهذه العصابة التي تحكم كياناً يُسمّى “الكيان الصهيوني”، تتصرف خارج حسابات الرشد السياسي، وخارج قواعد النظام الدولي، وبانتهاك صارخ وصريح لدستور منظمة الأمم المتحدة، ومنظومة العدالة الدولية ممثلة في محكمة العدل الدولية، ومحكمة الجنايات الدولية. وقد خسفت هذه العصابة الحاكمة بسلوكياتها الماجنة، بكل المنظومة الدولية في الأرض، ووضعت دساتيرها وقراراتها، تحت الأقدام، حتى أصبحنا في غابة يحكمها المجانين الذين يحملون السلاح دون عقل، فيعيثون في الأرض فساداً!! ولعل آخر خيارات هؤلاء المجانين، وهم عصابة الحكم بقيادة البلطجيّ/ النتن/ياهو، ما قرّروه، من خيار سلاح الاغتيالات لشخصيّات كبرى نافذة في صفوف محور المقاومة، بحثاً عن صناعة نصر زائف! فتجاوزوا أعراف الحروب، وكسروا الخطوط الحمر، وحطّموا قواعد قوانين الحرب التي تقرّ بتجنّب المدنيين (نساء/ أطفال/ شيوخ) على وجه التحديد، بل وكل المدنيين، لأن الحرب بين سلاح وجنود، وآخرين متوازيَين معهم. أما ما عدا ذلك فإنّها فوضى، والمواجهات بين عصابات وهم أفراد الكيان الصهيوني الذين ليس لهم سقف أو قواعد، وهم أيضاً قطّاع طرق، لا يعنيهم سوى السرقة والنهب، وفي سبيل ذلك يقتلون كلّ ما يواجههم! لأن يمارسوا سلوك “البلطجية”!!
فقتلوا القادة الإيرانيين في القنصلية الإيرانية في دمشق، وهو اعتداء صارخ على سيادة الأرض الإيرانية، وقتل قادة كبار. ثم قتل واغتيال السيد/ إسماعيل هنية (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس) في إيران، أثناء تقديمه التهاني للرئيس الإيراني الجديد (مسعود بزكشيان)، وهو اعتداء صارخ على أرض إيران وسيادتها وعلى شرفها، بقتل ضيف غير إيراني، على أرضها، فيمسّها العار بعدم القدرة على حمايته! وهو تجاوز فوق التصوّر، وهو اعتداء وعدوان، تدينه كل الشرائع الدولية والدبلوماسية! ولكننا أمام عصابة قطّاع طرق وبلطجية، وليسوا رجال حكم لدولة. ولذلك يخطئ من يقول “دولة إسرائيل”، لأن هؤلاء هم عصابة، فكيف نسمّي ما يحكمونها بالدولة!
ثم كان الاغتيال الثالث الممنهج، للقائد العسكري في حزب الله السيد فؤاد شكر، وذلك بضرب العمارة التي كان موجوداً فيها، وفيها مدنيّون أيضاً، وعصابة الصهاينة والهجامة، لا تميّز وهم عمي البصر والبصيرة!! وللأسف تحقق لهم ما أرادوه، فاستشهد قياديان في خلال (48) ساعة وهما السيد/ إسماعيل هنية (فجر الأربعاء 31 يوليو 2024م، ومساء اليوم نفسه تأكد استشهاد السيد فؤاد شكر، وهما خسارة كبيرة بلا شك في سياق معركة ممتدّة، لا نهاية لها إلا بالنصر الكامل وتحرير فلسطين كاملة من النهر إلى البحر، وتحرير بيت المقدس، وطرد عصابات الهجامة وقطاع الطرق والبلطجيّة، الذين يدنّسون أرض فلسطين المقدّسة، بالدعم الأميركيّ المباشرـ والعلني، وبالتوحد بينهما، باعتبار أن هذا الكيان الصهيونيّ هو الولاية (51) لأميركا!!
وكما قال السيد/ حسن نصر الله، القائد.. الأمل.. في تحقيق تحرير فلسطين وبيت المقدس، بل هو صلاح الدين الأيوبي الجديد، أنهم الآن فرحون، فاتركهم يضحكون قليلاً، لأنهم سيبكون كثيراً وطويلاً. فالمؤكد أنهم فرحون، بما أنجزوه، ولكنها مجرد فرحة مؤقتة، نتيجة خيارات فاشلة من الأصل، سيدفعون ثمن ذلك، كبيراً وضخماً. فهم قد تعرّوا وانكشفوا أمام العالم، وسقطت كل حكاويهم وسردياتهم وقصصهم في صدد إنشاء دولتهم الربانية، فقد ثبت كذبهم وتأكدت أكاذيبهم، ولم يعد هناك ما يستر عوراتهم وجرائمهم في حق الشعب الفلسطيني والعربي والإسلامي، بل وفي حق كل أحرار العالم المحترمين، في اليمن بعد ضرب ميناء الحديدة، ومع إيران بعد اغتيال السيد/ هنية، على أرضها، ومع لبنان وحزب الله بعد اغتيال الحاج القائد/ فؤاد شكر، فضلاً عن استدعاء جبهتي سورية، والعراق، وجميعهم قد أكدوا الرد وحتميّاً وبلا تردّد، وسيكون رداً شاملاً وقوياً، وليس مجرد استعراض قويّ، كما ورد على لسان السيد/ حسن نصر الله في خطابه مساء الخميس الأول من أغسطس، وعلى لسان السيد/ عبد الملك الحوثي، في خطابه، عقب انتهاء خطاب السيّد/ حسن، وفي قرارات السيد/ خامئني وقيادات إيران (الرئيس الجديد، وقادة الحرس الثوريّ، وغيرهم)، أن ردّ محور المقاومة حتميّ وشامل. والأمر الذي دعا عصابة الكيان الصهيوني، أن تكون على استعداد تام، للمواجهة، والاستنجاد بأميركا، وبالدول الأوروبيّة، وبعض الشركاء المحسوبين على “العرب” – للأسف – لدعمها ومساندتها!
وخلاصة القول، إنّ خيار الاغتيالات، الذي انتهجه رئيس العصابة، وأعضاؤها، ضد دول محور المقاومة في آن واحد، هو خيار النهاية، وهو خيار “يوم القيامة”، على هذا الكيان، إيذاناً بانتهاء وجود هذا الكيان من الوجود تماماً. فقد أكدنا ذلك في كل مقالاتنا قبل 7/ أكتوبر واندلاع “طوفان الأقصى”، وبعده، وحتى الآن. حيث تأكد ما قاله لنا عبد الناصر، إن الصراع هو صراع وجود لا صراع حدود، حتى أن النتن/ياهو، يمارس أساليبه الإجرامية، هو وعصابته، على خلفيّة أن الصراع وجودي، ونحن ننظر له، هكذا، إذن فنحن في مرحلة النهاية، مواجهة وجوديّة شاملة تنهي، وجود هذا الكيان، والنصر لنا ولمحور المقاومة الذي نؤيّده من البداية. فالمقاومة كانت هي الحل ولا زالت وستظلّ، حتى تتمّ إزالة هذا الكيان الصهيونيّ العنصريّ، عساه قريباً جداً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى