تداعيات الاغتيال واحتمالات الردّ
د. طلال ناجي
صدر عن قسم الدراسات المركزي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة تقدير موقف بعنوان تداعيات اغتيال القائدين الشهيدين اسماعيل هنية وفؤاد شكر، واحتمالات الردّ جاء فيه أولاً على لسان الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة د. طلال ناجي:
عرفتُ القائد إسماعيل هنية عن قرب، وهو قائد حريص على الوحدة الوطنية، والواجب أن نكرّمه بالثأر لدمه ولدماء الشهداء بتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.
مقدمة
تمثل عملية اغتيال الشهيد القائد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وعملية اغتيال الشهيد القائد السيد فراد شكر، أحد القادة الكبار في صفوف المقاومة الإسلامية في لبنان، تطوراً خطيراً في مسيرة الحرب على قطاع غزة، منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول عام 2013، وقد تفتح عمليات الاغتيال هذه الباب واسعاً أمام تصعيد كبير في المنطقة، بالتزامن مع الردّ الحتمي الآتي، وفق قواعد اشتباك جديدة يفرضها محور المقاومة، الذي يرى بأن عوامل التصعيد الإقليمية قائمة، طالما استمرت الحرب على قطاع غزة.
تداعيات الأغتيال
تؤكد كلّ التصريحات والمواقف التي صدرت، بعد عمليتي الاغتيال في طهران والضاحية الجنوبية لبيروت، بأنّ المنطقة قد دخلت مرحلة جديدة، سمتها البارزة هي التصعيد المفتوح على كلّ الاحتمالات، بما في ذلك الحرب الشاملة بمواجهة تجاوز كيان الاحتلال كلّ الخطوط الحمراء، وهذا ما سوف يدفع كلّ أطراف محور المقاومة إلى المزيد من التنسيق، في مسار الردّ، الذي يتوقع أن يكون بحجم الحدث وبحجم الاستهداف، مع احتمال أن تأخذ الحرب على قطاع غزة منحى جديداً، وتداعيات كبيرة تتصاعد في عدة ساحات خارج فلسطين.
احتمالات الردّ الآتي…
تشير تقديرات “إسرائيلية”، بأنّ الردّ سوف يكون عبر هجمات صاروخية، من لبنان باتجاه قواعد عسكرية وبنى تحتية، ومن داخل غزة يمكن أن تنطلق صواريخ باتجاه تل أبيب، ومن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يتوقع الإسرائيليون أن يكون الردّ شبيهاً بما حصل في نيسان من العام 2023 من خلال عملية الوعد الصادق، وربما أكثر من ذلك على المستوى الأمني والعسكري.
ويتوقع في إطار الردّ أن تتوسع رقعة الصراع مع الاحتلال عسكرياُ وأمنياً، وأن يتمّ وضع قواعد جديدة من قبل محور المقاومة ، تفشل المحاولات الأميركية، لتعديل قواعد الاشتباك خاصة على الجبهة الشمالية مع المقاومة في لبنان، ويتوقع أن يكون الردّ عسكرياً قوياً، يفرض على العدو “الإسرائيلي” قواعد اشتباك جديدة، يستنزف فيها جيش الاحتلال “الإسرائيلي”، الذي يخشى أن تتحوّل المواجهة على عدة جبهات من عمليات أسناد إلى حرب مفتوحة.
ويتوقع أن يكون الردّ على جريمتي الاغتيال من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مباشراً وقوياً، وكذلك من قبل كافة قوى المقاومة في لبنان وفلسطين، تحديداً من القدس والضفة الغربية.
وتوجد تقديرات “إسرائيلية” تتحدث عن سيناريوات متعددة، وردّ متزامن من عدة جبهات أو من إيران ولبنان، وهذا أدخل المستوطنين الإسرائيليين إلى الملاجئ رغم أنهم يتوقعون بأنّ الردّ لا يستهدف سوى قواعد ومراكز عسكرية، وتقول تقديرات بأنّ الردّ لن يمنع التوصل إلى اتفاق لينهي الحرب على غزة، رغم عدم اهتمام نتنياهو بذلك، ولكن الخيارات محدودة، فه وفشل في تحقيق أيّ من هدفي الحرب وهما القضاء على المقاومة وإطلاق الأسرى، في الوقت الذي تتزايد فيه ضغوط الشارع والجيش الإسرائيلي الذي يلحّ في طلب هدنة نتيجة الفشل والعجز والاستنزاف المستمرّ، وخوفه من توسع التوتر الذي حذر منه الرئيس الروسي بوتين خلال لقائه مع الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد، وهذا التحذير يشير إلى عدم صحة ما يروّج له الإعلام الإسرائيلي حول المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار وخلافات ما بين نتنياهو وقادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي تقف وراء هذه الأخبار، بينما تتواصل حرب الإبادة الوحشية على قطاع غزة.
خاتمة
في ظلّ هذه الأجواء التصعيدية الحالية بعد عمليات الاغتيال فإنّ معظم التقديرات تشير إلى احتمال اتساع رقعة الحرب، التي يكون فيها دور ومشاركة واسعة من قبل قوى ودول محور المقاومة الذي يقدّم قادة شهداء أرقوا جيش الاحتلال في حياتهم وفي شهادتهم أرعبوه، والمسيرة تبقى مستمرة حيث تخرج المقاومة بعد كل عملية اغتيال أقوى وأشد عوداً مهما حاول العدو “الإسرائيلي” الهروب من المبارزة في الميدان إلى الغدر والاغتيال، وعلى العدو أن ينتظر غضب وردّ وانتقام الشرف، في هذه الأمة، عاجلاً أم آجلاً…