ماذا بعد استشهاد هنية؟!
محمد حسن الساعدي
ربما تعتبر «إسرائيل» أنّ اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس القائد اسماعيل هنية، والقائد الجهادي الكبير في حزب الله السيد فؤاد شكر، بمثابة «إعلان نصر» على محور المقاومة في المنطقة، وربما يسعى من خلال هذا «النصر» الى التحرك نحو إنهاء الحرب، أو الذهاب نحو التصعيد وجرّ الولايات المتحدة الى هذا الصراع بفتح حرب ومنافسة إقليمية مع إيران وحزب الله، وهو الأمر الذي استوعبته طهران والحزب، رغم الضغوط الهائلة من أجل الردّ والذي بالتأكيد سيفتح احتمالات التصعيد…
بعد عملية الاغتيال كثرت الأسئلة والتكهّنات حول الخطط الاستراتيجية التي يعمل عليها بنيامين نتنياهو، والتي بحسب القراءات الأولية تتركز حول أساسين…
الأول: انّ عمليات الاغتيال هي البداية لعمليات أخرى سيقوم بها نتنياهو لاغتيال قادة حماس وحزب الله، وكذلك العمل على إيجاد ضربة لطهران وبيروت في نفس الوقت، وذلك لإطلاق رسالة «أننا متماسكون أمام العالم»، وكذلك عكس صورة الصلابة أمام الجمهور الإسرائيلي الذي يرى انه تورّط في هذه الحرب التي لن تنتهي إلا بنهايته، وهذا ما عبّر عنه الجناح المعارض داخل الليكود، والانتهاء من «إعلان النصر» وإنهاء الحرب في غزة من موقع القوة لا الضعف.
الثاني: التصعيد بشكل كبير ضدّ حزب الله وإيران وذلك من أجل إشعال حرب أكبر في المنطقة، وإيجاد مبرّر منطقي من أجل القيام بعمل واسع ضدّ حزب الله من خلال الاجتياح البري «المحدود» وفي نفس الوقت التصعيد مع طهران، ما يجعل واشنطن مجبرة على الدخول في هذه الحرب لصالح تل أبيب، ويبدو أنّ هذا الأمر قد تمّت مناقشته فعلاً أثناء زيارة نتنياهو لواشنطن، ولكن دون تحديد توقيت محدّد، وبغض النظر عن قبول الأخيرة من عدمه، وأيضاً بغضّ النظر عما إذا كان هذا الأمر قابلاً للتنفيذ في ظل أعلى درجات الجهوزية من قبل المقاومة لصد أيّ محاولة للهجوم الربي المعادي.
الزيارة التي قام بها نتنياهو الى واشنطن والتي حظي خلالها باستقبال وترحيب من قبل الكونغرس الأميركي حظيت باهتمام، ويدرك نتنياهو انّ الوقت ضيق لديه وانّ عليه الإسراع في حسم المعركة وتحقيق «النصر» على محور المقاومة قبل الانتخابات الأميركية، وبدأ يستشعر أن لا خيار أمام واشنطن سوى الوقوف مع «إسرائيل» في إطلاق الصاروخ الأول، ما يعني انّ طهران وبيروت… لن تقف مكتوفة الأيدي وستردّ بقوة استثنائية على هذا التصعيد، خصوصاً أنّ التقارير تشير إلى أنّ الرئيس بشار الأسد قد زوّد حزب الله بصواريخ جو متطورة جداً، ما يعني أن احتمالية استخدام «إسرائيل» للطائرات امر ضئيل جداً.
الضربة الاسرائيلية «الوقحة» على طهران والتي راح ضحيتها القائد اسماعيل هنية حطمت كلّ الاحتمالات لتعزيز أيّ «نصر» قد يحققه الكيان الصهيوني على غزة ولبنان، كما هو الحال بالنسبة لمحادثات وقف إطلاق النار في غزة والتي بالتأكيد تأثر كثيراً بعد عملية الاغتيال، خصوصاً أنّ اغتيال هنية أحرج واشنطن كثيراً والتي أتت بتوقيت زيارة نتنياهو الى واشنطن والتي انتهت بإعلان بايدن أنّ «إنهاء الصراع في غزة هو من أولى أولوياته» وهذا ما يعني ان المنطقة عموماً دخلت في منعطف جديد وتحوّل خطير قد يصعّد من الصراع الذي سيكون الخاسر الاكبر فيه هو نتنياهو.