أولى

هل يستطيع الكيان الصهيوني الاستمرار وتحمّل ضغوط المقاومة؟!

د. جمال زهران*

سبق أن قلت، وسأظلّ أقول إن استمرار الحرب بين فلسطين المحتلة، في غزة والضفة ومعها جبهات الإسناد في جنوب لبنان، وفي العراق، وفي اليمن، رغم كل الأعباء، وبين الكيان الصهيوني وداعمه الأكبر أميركا الاستعمارية (الشيطان الأكبر)، هو الطريق للنصر الكامل وتحرير فلسطين. ولعل السبب الرئيسي في ذلك هو حالة الاستنزاف المستمر للكيان الصهيوني، على كافة الأصعدة، العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
أقول ذلك بمناسبة الضربة الكبرى المتوقعة والحتمية المقرر توجيهها من حزب الله، بسبب اغتيال القائد المجاهد/ فؤاد شكر، ومن إيران، بسبب اغتيال القائد المجاهد/ إسماعيل هنية، على أراضيها، ومن اليمن المقاتلة، بسبب الضربة الصهيونية لميناء الحديدة، وقد تكون قد تحققت ونفذت هذه الضربة بشكل فردي أو جماعي، رغم أنها أضحت حتمية، عند نشر المقال. حيث إن الحالة التي يعيشها المجتمع الصهيوني كاملاً، مع سياسيين وعسكريين، هي حالة بائسة، حيث تملأه حالة الفزع والرعب والارتباك، منذ اغتيال القائدين المجاهدين، في 31 يوليو/ تموز الماضي، أي على مدار أكثر من عشرة أيام، يعيش الصهاينة على أرض فلسطين المحتلة، ينتظرون الضربة ولا يعرفون وجهتها، ومنهم من يتوقعون الموت، وهم في حالة موت حقيقي بطيء!
وكما قال السيد حسن نصر الله، إنّ توقع الصهاينة للضربة سواء أكانت انفرادية من كل ساحة، أو من الساحات كلها في وقت واحد من محور المقاومة، والقلق يسود هؤلاء، فهو جزء من استراتيجية العقاب لهذا الكيان وحكومته. وإذا كان الوضع هكذا، وبهذا القلق والتوتر والدخول إلى الخنادق، وحتى النتن/ياهو وعصابة الحكم معه، يعقدون جلساتهم في أماكن وحجرات تحت الأرض، وكل المجتمع يعيش في حالة استنفار شامل، فقولوا لي بالله عليكم، كيف ينتصر هؤلاء المرجفون، الخائفون، المذعورون، القلقون، على أحوالهم؟! إنهم مهزومون في الواقع العملي، ولا يفعل فعلتهم هذه، بالاغتيالات العمدية لقادة المقاومة، وهم الخصوم لهم، إلا المهزومون، الراغبون في انتصار وهمي!
لذلك هم يعيشون في حياة بائسة منذ قرّرت الساحات في لبنان وإيران واليمن، الرد على هذه الاغتيالات، فأصبح الكيان الصهيوني، وقد تحوّل إلى مأتم كبير، نتيجة الخوف والرعب.
كما أن السيد/ حسن نصر الله، في خطابه الأخير يوم الثلاثاء 6/ أغسطس (آب)، قال إنّ الصهاينة كانوا يقفون على «رجل ونصف»، جراء ما يحدث في الشمال الفلسطيني المحتل، والمقاومة القوية من حزب الله، في جنوب لبنان طوال العشرة أشهر الماضية، أما الآن وبعد حوادث الاغتيالات، أصبح الكيان الصهيوني كله، يقف على «رجل وربع»!! أي أصبح المجتمع الصهيوني كله، أفراداً، وكيانات، ومؤسسات، وحكومة، في ذعر جماعي، وخوف شامل، دون معرفة بما يمكن أن يحدث.
أليس ذلك، جزءاً من العقاب الجماعي لهذا الكيان، فرضه محور المقاومة، الذي قبل التحدّي، وألزم نفسه من كل ساحة بحتمية الرد على ما أصابه من جراء التصرفات الهمجية والإجرامية والتي لا يقدم عليها إلا قطاع الطرق والبلطجية، وهم كذلك، الذين يسمون أنفسهم حكومة الكيان الصهيوني؟!
ولذلك فإن السؤال الطبيعي، في هذا السياق، هو: هل يمكن لهذا الكيان الصهيوني، أن يستمرّ تحت هذه الضغوط؟! الإجابة هي: بالقطع لا.. وألف لا، وذلك على خلفية حتمية انهياره من الداخل، طبقاً لعوامل سبق شرحها. وهنا تبرز قيمة عملية «طوفان الأقصى»، التي فرضت المقاومة العسكرية كخيار نهائي وحتمي، لغرض الهزيمة والانكسار على هذا الكيان، على طريق التسريع بعملية إزالته. فقد ساهمت هذه العملية، في تسريع الوقت، بدلاً من ترك انهيار الكيان في الطريق الطبيعي العادي، وهو إلى زوال حتمي. فقد ساهمت أيضاً في تعجيل الانهيار الداخليّ، وبدلاً من تطويل فترة الانهيار الداخلي، فإنّ تقصير هذه الفترة، كانت من تداعيات عملية طوفان الأقصى. ولذلك فإننا من اللحظة الأولى، وبعد الاستماع لأول كلمة من شهيد الطوفان (القائد/ إسماعيل هنية)، تأكدت – وصدقت توقعاتي – أن عملية الطوفان مستمرة، بلا توقف، وستدخل مرحلة الاستنزاف، للكيان الصهيوني، ثم الانتقال للحرب الشاملة، وانهيار الكيان وزواله.
الآن، فإن مشهد الكيان الصهيوني، بائس للغاية، يقف على «قدم وربع»، ينتظر الضربة تأتي له من كل ناحية. فالشمال الفلسطيني المحتل ينتظر ضربة حزب الله الشاملة والتي قد تصل إلى تدمير مصانع ومشروعات تم تأسيسها في (34) سنة، بتكلفة تصل إلى (156.5) مليار دولار، أعلنها السيد/ حسن، أنها لا تحتاج إلى تدميرها إلا لساعة واحدة أو نصف ساعة! والشرق الصهيوني، ينتظر الضربة الشاملة من ساحة العراق، ومن إيران، وقد تصل إلى كل جزء في الكيان، سواء العاصمة (تل أبيب/ يافا)، أو غيرها. والجنوب الصهيوني، ينتظر الضربة اليمنية رداً على ضرب ميناء «الحديدة»، حيث يمكن أن تطول العاصمة أيضاً، وإلى ميناء (أم الرشراش/ إيلات)، وقد يطول صحراء النقب ومفاعل ديمونة! والصحيح أن الجبهتين المصرية والأردنية، معطلتان مؤقتاً وإلى حين!! وهو وضع لن يطول.
فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل بقدرة الكيان الصهيوني، أن يتحمّل الاستمرار، في ظل كل هذه الضغوط، وحده أو بالدعم المباشر، والذي قد يصل إلى الاشتراك الفعلي لدول استعمارية (أميركا وشركائها)، أم سينتقل إلى مرحلة الانهيار مهما استمر في مواجهة ضغوط المقاومة، وحصارها؟ بالطبع لا يجب نسيان جبهتي غزة والضفة الغربية، المستمرتين في المقاومة وبتصاعد، ولديهما القدرة على الثأر من اغتيال النتن/ياهو، للقائد/ هنية.
ولذلك فإنني أخلص إلى ضعف إلى حدّ انعدام فرص التحمّل من الكيان الصهيوني، لكل هذه الضغوط، وهو في سبيله إلى الانهيار السريع من الداخل والخارج بفعل المقاومة. ولذا فإن قول السيد/ حسن، بأن أهم هدف الآن هو منع الكيان الصهيوني من تحقيق أي انتصار أو تمكينه من القضاء على المقاومة الفلسطينية، وذلك بإضافة مني، أنهما السبيل إلى التعجيل بانهيار الكيان الصهيوني، وحتميّة زواله، وهو آتٍ وقريب للغاية، فاستبشروا خيراً، بالنصر الشامل بإذن الله…

*أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية
جامعة قناة السويس، جمهورية مصر العربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى