واشنطن تعزّز حشدها العسكريّ وتعلن تسليم الكيان مزيداً من الطائرات والقذائف/ نيويورك تايمز: نتنياهو يضع شروطاً إضافيّة للتفاوض… وواشنطن تهمّها الصورة/ الخارجيّة الإيرانيّة قدّمت مطالعتها الختاميّة عن حق الرد الرادع… والأمر للميدان
كتب المحرّر السياسيّ
تبدو واشنطن وقد نقلت كل جيوشها ومعداتها الحربية إلى المنطقة، وكأن ما ينتظرها حرب وجودية تخصّها وليست مجرد عملية تكتيكية لتقديم المؤازرة لحليفها الإقليمي كيان الاحتلال ببعض المعدات اللازمة لتعزيز قدراته الدفاعية في مواجهة مع إيران، فحاملات الطائرات صارت ثلاثاً والمدمرات والغواصات والسفن الحربية بالعشرات، والطائرات بالمئات، وقواعد الصواريخ الدفاعيّة بالمئات، بينما تعلن وزارة الخارجية عن تسليم كيان الاحتلال عشرات الطائرات وآلاف القذائف بمبالغ قُدّرت بأكثر من 20 مليار دولار.
التصريحات الأميركية الصادرة عن الرئيس جو بايدن ووزارتي الخارجية والدفاع ومجلس الأمن القومي، اتخذت لغة التحذير بوجه إيران وقوى المقاومة من عواقب استهداف كيان الاحتلال وإلحاق الأذى به، واعتبار مجرد الدعوة لجلسة مفاوضات تعقد غداً الخميس حول غزة، سبباً كافياً لصرف النظر عن الرد على الكيان، بينما تنشر صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية تقريراً يقول إن بنيامين نتنياهو وضع مجموعة شروط إضافية تتكفل بإفشال المفاوضات، وفقاً لما يقوله مسؤولون في الوفد المفاوض للكيان، بينما اكتفى مكتب نتنياهو بتأكيد الخبر عبر نفيه بالقول إن ما وضعه هو مجرد إيضاحات لا بدّ منها لضمان حسن التنفيذ.
واشنطن ليست مهتمة بأكثر من صورة جلسة المفاوضات والقول إنها بدأت وإن أمامها فرص التوصل الى اتفاق، للقول بأن الرد المقرّر من إيران وقوى المقاومة سوف يعطل هذه الفرص، بينما تقول حركة حماس أن المطلوب الحصول أولا على موافقة نتنياهو على النص الذي وافقت عليه حماس، والذي تضمنه قرار مجلس الأمن الدولي في تبنيه لمبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن، وعندما يمكن البحث بآليات التنفيذ، كما قال البيان الأميركي المصري القطري المشترك.
على الضفة الإيرانية تأكيد على أمرين، حقّ الرد الرادع بعد تكرار الاعتداءات والقناعة بأن الردّ السابق في نيسان لم يكن كافياً لإفهام القيادة في الكيان بصرف النظر عن استفزاز إيران واستهداف مؤسساتها ورموزها السيادية، وقد بلغت ذروة الاستفزاز مع الاعتداء الذي طال العاصمة طهران وأدّى الى اغتيال ضيف كبير هو القائد الفلسطيني الكبير إسماعيل هنية، الأمر الثاني هو أن إيران فعلت كل ما عليها لإيضاح موقفها على الصعيد الدبلوماسي سواء في الاتصالات المباشرة أو في توجّهها إلى مجلس الأمن الدولي أو عبر مشاركتها في العديد من المؤتمرات وتقديم المذكرات التي تؤكد أن القانون الدولي الى جانبها في ممارسة حق الرد الرادع للدفاع عن سيادتها. وهذا كان مضمون مؤتمر صحافي لوزير الخارجية الإيرانية بالنيابة علي باقري كني شكل خاتمة المطالعة الدبلوماسية الإيرانية، فيما وصفته مصادر متابعة بإخلاء الساحة للميدان، وانتقال الراية للقادة العسكريين المعنيين بوضع الخطط وتحديد التوقيت ومستوى الرد، المحدّد بعنوان تحقيق الردع.
تتجه الأنظار الى زيارة الموفد الأميركي أموس هوكشتاين المتوقعة اليوم الى بيروت، لمعرفة ما يحمل من طروحات او افكار تجاه التهدئة، علماً ان هوكشتاين يأتي الى لبنان بعد زيارة الى تل ابيب عشية انطلاق المفاوضات لوقف النار، ويلتقي هوكشتاين اليوم الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وايضاً قائد الجيش العماد جوزيف عون.
وقال البنتاغون إن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط بريت ماكغورك سيتوجه إلى القاهرة والدوحة، بينما سيتوجه أموس هوكشتاين إلى بيروت للعمل على اتفاق وقف النار وخفض التصعيد. وأشار إلى أن “هجوم إيران على “إسرائيل” أمر محتمل ولا نستطيع تخمين موعده وعلينا أخذ ذلك على محمل الجد”.
وأشارت المعلومات إلى أن الدبلوماسي الأميركي يحمل رسالة صارمة إلى المسؤولين الإسرائيليين والمسؤولين اللبنانيين مفادها أن “لا مجال للمناورة والحرب ستؤذي الطرفين وإن لم تذهبوا اليوم للتفاوض، فذلك سيكلفكم الكثير من الدماء والدمار. وفي النهاية كلّ حرب تنتهي بالتفاوض فلتذهبوا اليوم إلى المفاوضات بدل تكبيد البلدين دماراً إضافيًّا”. من جهتها، قالت وكالة تسنيم الإيرانية نقلاً عن مصادر لبنانية: هوكشتاين يعود إلى بيروت في محاولة لمنع حزب الله من الردّ على “إسرائيل” ولا يحمل أي حل للأزمة.
الى ذلك تلقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاً من وزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي تمّ خلاله البحث في العلاقات بين لبنان وبريطانيا والوضع في لبنان والمنطقة. وفي خلال الاتصال قال الوزير البريطاني: “إنّها لحظة حاسمة بالنسبة للاستقرار في الشرق الأوسط، ولا يمكن أن يكون هناك المزيد من التأخير، بل يجب أن يتوقف القتال الآن”. وشدّد “على ضرورة قيام كل الأطراف بتهدئة الوضع بشكل عاجل وفوري”. وقد شكر رئيس الحكومة الوزير البريطاني “على اهتمام الحكومة البريطانية الدائم بلبنان وحرصها على حفظ الاستقرار فيه”.
وتتكثف الجهود الحكومية لرفع مستوى الاستعدادات والإجراءات الاحترازية تحسباً لاحتمال توسّع الحرب. وواصل ميقاتي عقد سلسلة اجتماعات في السراي، في إطار متابعة خطة الطوارئ التي أعدتها الحكومة. وشدّد رئيس الحكومة خلال الاجتماعات “على أن الهم الأوحد الذي يجمع اللبنانيين في هذه المرحلة، هو مواجهة التهديدات الإسرائيلية المستجدة والعدوان المستمر على لبنان منذ أشهر”. وأكد رئيس الحكومة، وجوب قيام المجتمع الدولي والهيئات والمنظمات الدولية بواجبهم تجاه لبنان ودعمه في هذه الظروف الصعبة، خصوصاً أنه يرزح تحت أعباء كبيرة جداً بفعل النزوح السوري”. وقال “إن العدوان والتهديدات الإسرائيلية يجب أن يشكّلا حافزاً إضافياً وأساسياً للتضامن بين اللبنانيين وعدم فتح سجالات جانبيّة ليس أوانها حالياً”، مشيداً “بالمبادرات الأهلية لاستقبال اللبنانيين النازحين”. وأكد “أن مجلس الوزراء سيناقش اليوم بشكل مفصل التدابير والإجراءات المتعلقة بخطة الطوارئ الوطنية، وملف النازحين السوريين”. وكانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء وزعت اليوم ملحقاً إضافياً لجدول أعمال جلسة مجلس الوزراء عند التاسعة والنصف من قبل ظهر اليوم.
واجتمع الرئيس ميقاتي، في حضور منسق لجنة الطوارئ الوطنية الوزير ناصر ياسين، مع منسّق الأمم المتحدة في لبنان للشؤون الإنسانية عمران ريزا.
واستقبل رئيس الحكومة عضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور الذي قال: لبنان يقوم بحملة اتصالات دبلوماسية وسياسية كبيرة جداً الهدف منها تفادي اندلاع حرب، وهذه الاتصالات بعضها يجري على المستوى الدولي، وأيضاً هناك توقعات لزوار ومبادرات قد تأتي من الخارج نأمل ان تقود هذه المبادرات الى خفض التوتر. وفي النهاية فإن الحل النهائي هو وقف إطلاق النار في غزة، واذا ما حصل وقف لإطلاق النار هناك، فهذا يقود الأمور في المنطقة بشكل عام الى تخفيف التوتر ولجم الاندفاعة الإسرائيلية نحو الحرب”.
وسأل عضو “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب علي فياض: “كيف يعبّر الأميركيون أمام العالم بأكمله أنهم يريدون وقفاً لإطلاق النار ولا يريدون تصعيداً وأنهم يختلفون مع نتنياهو، ثم يقدّمون له مساعدة مالية بقيمة ٣،٥ مليار دولار لشراء الأسلحة”؟. ولفت إلى أن “هدفنا من معركة الإسناد لغزة هو الضغط على العدو لإيقاف العدوان على غزة، وهذا مسار تمضي به المقاومة وفق حساباتها ومعادلاتها المعروفة”. وختم فيّاض “أما مسار الردّ على اغتيال القائد الجهادي الكبير فؤاد شكر والقائد الفلسطيني الكبير إسماعيل هنية، فهو مسار آخر، والرد فيه آتٍ لا محالة، وأما التأخر في الردّ فهذا جزء مدروس من أداء المقاومة وإدارتها للمعركة”.
ميدانياً، نفذ حزب الله هجمات مختلفة بالمسيّرات والرشقات الصاروخيّة ضدّ قوات الجيش الإسرائيليّ ومواقعه العسكريّة. وسُمع دوي انفجارات في الجليل الأعلى، تبين لاحقًا أنها ناجمة عن إطلاق صاروخ بركان من جنوب لبنان على “مرغليوت” في إصبع الجليل. فيما أعلن الحزب وفي بياناتٍ متتالية استهدافه للتجهيزات التجسسيّة في “مسغاف عام” بالأسلحة المناسبة محققًا إصابات مباشرة. كما وأشار في بيانٍ آخر عن استهدافه لتجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة “ميتات” بالأسلحة الصاروخيّة وتمت إصابته إصابةً مباشرة. فضلًا عن استهدافه لانتشار جنود إسرائيليين في محيط موقع السماقة في تلال كفرشوبا اللّبنانيّة المحتلة، بقذائفٍ مدفعيّة محققًا إصابة مباشرة، حسب ما جاء في البيان..
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيليّ، “اعتراض” مسيّرتين أطلقتا من لبنان في منطقة الجليل الأعلى. وقال في بيان: “اعترضت الدفاعات الجوية بنجاح مسيّرة اخترقت من لبنان نحو منطقة الجليل الأعلى”. وأضاف: “كما تم اعتراض مسيّرة أخرى داخل الأراضي اللبنانية”.
في المقابل، استهدف قصف مدفعيّ إسرائيليّ أطراف مركبا وعيتا الشعب وكفركلا. كما تعرّضت أطراف بلدتي طيرحرفا وزبقين في القطاع الغربيّ لقصف مدفعي بالقذائف الانشطارية. وخرق الطيران الإسرائيلي جدار الصوت في صور وصيدا والزهراني ومنطقتي النبطية وإقليم التفاح. وحلّق الطيران الحربي والاستطلاعي الإسرائيلي، فوق قرى قضاءي صور وبنت جبيل. وأطلق جيش العدو الإسرائيلي القنابل المضيئة فوق القرى الحدودية المتاخمة للخط الأزرق. واستهدفت مسيّرة إسرائيلية سيارة على طريق بيت ياحون برعشيت، ما أدّى الى استشهاد عنصرين من حزب الله.
وحذرت الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر حكومة تصريف الأعمال المستقيلة والناقصة الشرعية، من القيام بتهريبة تعيينات إدارية مخالفة للميثاق والدستور والقوانين، في ظل انشغال اللبنانيين بالمخاطر الوجودية، ذلك أن إجراء هذه التعيينات هو إمعان في ضرب الشراكة والاعتداء على رئاسة الجمهورية داعية “بكركي وقوى المعارضة، والوزراء الذين اتخذوا موقفاً مبدئياً من رفض التعيينات في ظل الشغور الرئاسي، إلى تحمّل مسؤولياتهم الوطنية بالتصدّي لهذا الاعتداء”.
وأكدت الهيئة أن “الالتزام الحزبي بنظام التيار هو اساس الانتماء، وبالتالي لا حاجة لوساطات أو مبادرات من خارج الانتظام العام، وأن المقبول فقط هو الالتزام بسياسة التيار وبالنظام الداخلي وأصول العمل من ضمنه”، منوّهة بما أظهره التيار لجهة تماسك القاعدة التيارية وتضامنها في مواجهة مؤامرة ضرب التيار من الداخل خدمةً لأهداف لم تعُد خافية على أحد، مشيدة بتماسك التياريين ووعيهم لمخاطر ما يجري.