«التوأمان آيسل وأيسر أبو القمصان»
شيماء الدرة
أقصر مسافة زمنية بين شهادة الميلاد وشهادة الوفاة… آخرها التوأمان آيسل وأيسر أبو القمصان…
آلة الحرب الإسرائيلية تواصل حصد الرضّع في قطاع غزة، لم تدم حياتهم سوى 90 ساعة فقط، إذ قتلهما جيش الاحتلال برفقة والدتهما جمانة، التي لم تتعافَ بعد من متاعب وآلام الولادة.
استشهدت الدكتورة الصيدلانية جمانة فريد عرفة وطفليها التوأم حديثي الولادة آيسل وآسر أبو القمصان؛ ووالدتها ريم البطراوي، في قصف مدفعي «إسرائيلي» لشقة سكنية في أبراج القسطل شرق مدينة دير البلح، دون سابق إنذار.
إغتيال الفرحة
فمع ساعات الصباح تبدّلت تفاصيل عائلة أبو القمصان من فرحة الوالدين بالتوأم حيث كان الأب ينهي إجراءات استخراج شهادات الميلاد لتتحوّل تلك الشهادات الى نقطة أخيرة في حياة آيسل وأيسر ووالدتهما التي احتضنت طفليها أمام قصف المدافع والطائرات، ولكنها حلقة جديدة في سلسلة جرائم الاحتلال المستمرّة في قتل الأطفال واستباحة دمائهم ضمن ما يسمّيه الاحتلال بنك أهدافه أمام مرأى ومسمع العالم.
وقال أبو القمصان، وهو ينظر إلى الشهادة الرسمية التي تثبت قدوم مولودَيه: «قبل قليل أصدرت شهادة الميلاد لآيسل وأيسر، فقد ولدا قبل يومين فقط».
وأضاف: «آيسل وأيسر هما أول فرحتي وآخرها، حتى فرحتي كانت منقوصة ولم تكتمل، حسبي الله ونعم الوكيل».
وأكد محمد أنه يكاد لا يصدق ما حدث، فبعد حمل صعب لزوجته استمرّ 9 أشهر، تخللها أكثر من رحلة نزوح، ومعاناة كبيرة، فرح بولادتها، وبدء تعافيها، برؤية طفليه، وفجأة ودون سابق إنذار ذهبوا جميعاً دون أن يعرف لماذا، وكيف؟
وأوضح أبو القمصان أنه فقد كلّ شيء، بيته في شمال القطاع، وعائلته، والشقة التي كان يقيم فيها في مدينة دير البلح، وأصبح وحيداً بلا مأوى يواجه الحزن، ومرارة الفقد، ومعاناة النزوح.
قهر الرجال
وعلى مقربة من الوالد المكلوم على فقدان توأمه وزوجته، وقف شقيق زوجته محمود عرفة يبكي بحرقة والدته ريم جمال البطراوي (50 عاماً)التي قضت هي الأخرى بينما كانت ترعى ابنتها وتوأمها.
ويقول الشاب وهو يحتضن جثمان والدته وينظر إلى جثمان شقيقته وطفليها: «هؤلاء أوّل أحفادنا، أول فرحتنا في البيت، لم نفرح بقدومهما بعد، لقد ولدا قبل يومين فقط». ويتساءل: «ما ذنبهم؟! لماذا قصفهم الجيش الإسرائيلي؟»
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، ارتفاع عدد الرضع الذين وُلدوا وقُتلوا في حرب الإبادة الجماعية على القطاع إلى 115 طفلاً.
قالت الوزارة في بيان مقتضب إنّ الأطفال «عاشوا لحظات قصيرة من الحياة قبل أن تُزهق أرواحهم تحت وطأة القصف والعدوان».
آيسل وأيسر والكثير غيرهما في المهد اغتالهم الاحتلال عنوة، يعلمون أنهم ستكبرون لتثأروا لكلّ هذا الدم المسكوب في الطرقات، كم من طفل سرقت منه الحرب أباه وعائلته بقيَ عالقاً أمام سؤال: أين هم؟ لا بل كم طفل صار يتيماً من دون آباء وأمّهات استشهدوا منذ السابع من أكتوبر…؟