دبوس
والآتي أعظم…
أحياناً، ليس هنالك من داعٍ لأن تتواجد فيزيائياً مع المتآمرين في غرفهم المغلقة، المظلمة، السوداء، فقط تطلّع بعد ذلك وراقب ما يحدث على أرض الواقع، لتحلّل بعد ذلك بالهندسة العكسية ما جرى، وما قيل، وما تآمر به المتآمرون، وتفسيراً لذلك من الناحية العملية، ولما حدث فعلاً لهذه الأمة على مدى القرون الفائتة، يكفي أن ترى المسلمين يتنادون ويهبّون فرادى وجماعات، تسبقهم صرخات “الله أكبر”، ويندفعون لا يلوون على شيء للتضحية بالغالي والنفيس في حروب أميركا و”إسرائيل”، وحينما يُذبح شعب مستضعف برجاله ونسائه وأطفاله وشيوخه أمام مرأى العالم وسمعه، يكتفي نفس هؤلاء المسلمين بإدارة الظهر والتمتمة ببعض الكلمات البلهاء، والاستمرار في إعمال المسواك بأسنانهم العفنة، ويكبرون ويبسملون ويتحدثون عن مبطلات الوضوء، وموجبات التحلل من الصيام، وكيفية الولوج إلى المرحاض لأداء الحاجة، أبِالرجل اليسرى أم باليمنى أم قفزاً بالاثنتين معاً، إعلم ساعتئذٍ أنّ أمراً عظيماً قد حدث في ماهية هؤلاء الناس، وأنّ شيطاناً رجيماً قد فعل فعله في إسلامهم، وأحال كلّ ذلك الخير والفضيلة والتسامي والأخلاق والحب ونصرة المستضعفين إلى مزق من المفاهيم البالية، والكراهية، والخطاب الشعبوي الضحل، والضلال الذي ليس بعده ضلال،
نحن أمةً فعل بها أعداؤها ما يشاؤون، وما كان إنشاء هذا الكيان اللقيط إلّا تحصيل حاصل بعد ان دكدكت هذه الأمة تماماً، وقطّعت أوصالها، ووضع عليها أرذالها، ممّن لا انتماء لهم ولا دين ولا أخلاق، تمّ اختيارهم بذكاء شديد، غرائزيون رغائبيون، لا منتمون، ديدنهم الدولار والكرسي والسطوة والرغبة بالتملّك، جاهزون لتنفيذ ما يؤمَرون به طالما عجائزهم ملتصقة بقوة على كراسي حكم لا يستحقونه، فلتتوقع هذه الشعوب النائمة كوارث أكبر بكثير مما رأوا حتى الآن انْ ارتضت بهؤلاء الحكام، بل لتتوقع الفناء والزوال طالما هي رازحة بلا مقاومة تحت هذا الواقع.
سميح التايه