الطائفية لعبة الطائفيّين ومقتل الوطنية
نور خنيصر
تشهد الساحة السياسية والاجتماعية في لبنان خطاباً طائفياً ومذهبياً مقيتاً يتصاعد مع تدرّج الأحداث والتطورات. وأصحاب هذا الخطاب هم بعض السياسيين والمؤثّرين الموتورين على مواقع التواصل الاجتماعي يمتهنون إثارة النعرات الطائفية والمذهبية، ويستعيدون أحداثاً مأساويّةً أو غير مثبتة سابقة، لاستعراض بطولاتهم الوهميّة كمجموعة طائفيّة، في حين أنّ كلّ فعل منطلقه طائفي ومذهبي، ليس ببطولة، بل دليلُ عارٍ وسوءُ فهمٍ للبطولةِ والوطنية، خاصة إذا كان يرمي إلى التنابذ والشقاق والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد والمجتمع الواحد. وعلى هؤلاء ينطبق قول سعاده: «العداوة هي الهواء الذي تتنشّقه الحزبية الدينية»!
إنّ بث الأحقاد والاستعراضات الطائفية من قبل بعض السياسيين والمؤثرين هو تأجيج للخلافات والانقسامات وتقويض للوحدة، وهذا ليس خيراً للبلد وأهله. وأخطر مشاهده يتمثل بالتحريض في بعض المناطق على عدم استقبال النازحين من بيوتهم في جنوب لبنان والضاحية الجنوبيّة لبيروت، ورفع قيمة بدلات الإيجار بشكل جنوني!
في الظرف العصيب، ألف باء الوطنية أن تسود روحية الوحدة والتضامن والمحبة والإلفة، بدل الأحقاد والفتن والتحريض الطائفي والسياسي.
العدوانية الصهيونيّة والحصار الغربيّ عندما يتصاعدان لن يطالا الجنوب والضاحية فقط، بل كلّ مناطق لبنان، وللتذكير فإنّ العدو الصهيونيّ حين غزا لبنان في العام 1982، لم يقتصر غزوه على الجنوب بل اجتاح بيروت والجبل، ولم يفرّق في مجازره بين اللبنانيين على مختلف طوائفهم ومذاهبهم ومناطقهم.
العدو يرانا واحداً ويهدّد كلّ يوم باستهداف جميع المناطق اللبنانية والبنى التحتية والمقار والقطاعات الرسمية والحكومية، فلماذا لا نرى بعضنا واحداً، أو بالأحرى لماذا يُصرّ الطائفيون على تصديع وحدتنا، ويطالبون بالفيدرالية لجعل التقسيم أمراً واقعاً؟!
إنّ هؤلاء هم أنفسهم مَن يتغنون بـ «لبنان الـ 10452 كم مربع» وبشعار «لبنان أولاً» ويتهمون الآخرين بعدم انتمائهم للبنان. هم يقولون الشيء ونقيضه، ويتقيّأون دجلهم السياسي وحقدهم الطائفي وينشرون سمومهم في أوساط الشعب مستعملين وسائل التواصل الاجتماعي المتطورة لإعادة الناس إلى عصور الجهل والظلمة والتخلف والشرذمة.
رغم كلّ هذا، ورغم كلّ الطائفيين الموتورين والمؤثرين على الأغبياء وعميان القلوب ومغفلي العقول، سنظلُ نردِّدُ مع زعيمنا سعاده: «لبنان يفنى بالطائفيّة ويحيا بالإخاء القومي»، لعلَّهم يستفيقون.