أولى

السودان وليبيا… وفلسطين

وفق تقديرات مجموعة الإنقاذ الدولية التي تتخذ من نيويورك مقراً لها فإن عدد القتلى في حرب السودان يزيد عن 150 ألفاً وعدد المهجرين يزيد عن عشرة ملايين، ووفقاً لتقديرات موازية حول عدد قتلى الحرب في ليبيا فإن العدد يناهز الـ 100 الف مع ثلاثة ملايين مهجر، هذا مع العلم أن في البلدين ثروات هائلة وكانت فيهما بنى حكومية خدميّة فاعلة. واليوم يعاني السودان بصورة خاصة من غياب الخدمات بصورة شبه كاملة، كهرباء وهاتف ومشافٍ وجامعات ومخابز.
الذين يتخذون من عدد الشهداء والحالة الإنسانية في حرب غزة سبباً للمطالبة بتحميل قوى المقاومة المسؤولية عن عذابات الشعب الفلسطيني، ويصلون إلى القول إن لا معاناة في المنطقة ليس لقوى المقاومة ومن خلفها إيران يد فيها، مطالبون بأن يقدموا لنا تفسيراً عن إحجامهم المريب عن التحدث عن حربين كبيرتين في دولتين عربيتين هامتين، وقد دمّر البلدان، وسقط ربع مليون ضحية وتهجر أكثر من عشرة ملايين. وهل من جهة يمكن تحميلها المسؤولية عن هذه المآسي، طالما ان ليس لأي من قوى المقاومة أو لإيران أي حضور أو دور أو وجود فيهما؟
السؤال البديهي الذي يخطر في البال أمام البكائيّات التي نسمعها من المغرمين بأميركا والتطبيع والمنبهرين بالقوة الإسرائيلية، وهم يتحدثون عن غزة ومأساتها، ليست تضامناً مع مظلومية شعب غزة، ولا شعوراً بالقهر لما يعانيه الناس فيها، بل محاولة خبيثة لتوظيف المعاناة للنيل من المقاومة وتحميلها المسؤولية.
في السودان تمويل عربيّ للحرب ومصادره على الضفتين ليست بعيدة عن أصحاب البكائيّات على غزة، والتحريض ضد المقاومة، وربما الجهات العربية ذاتها تقف على ضفتي الحرب في ليبيا أيضاً. والسؤال البديهي لهؤلاء هو، أليس الأجدر بهم وقف هذا النزيف في السودان وليبيا بدلاً من تكريس الوقت والجهد والمال والإعلام للتحريض على المقاومة بذريعة البكائيّات المفتعلة على غزة؟
الدم عربي حيث يُراق، يبقى الفارق أنه في غزة يراق دفاعاً عن قضية خذلها سائر العرب، رغم اعترافهم في كل بياناتهم أنّها قضيتهم المركزية، وأنها تستحق التضحية بالغالي والنفيس، وهذا ما يفعله أهل غزة، لكن هلّا تفضلتم وشرحتم لشعب السودان وشعب ليبيا القضية التي تموّلون الحرب لأجلها والتي عليهم تقبّل الموت في سبيلها؟

التعليق السياسي

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى