بلينكن إرهابي قانوناً
وفق تعريف القانون الدولي للإرهاب فهو «استخدام العنف ضد المدنيين من أجل تحقيق غرض سياسي»، وأعادت الجمعية العامة للأمم المتحدة تأكيد هذا التعريف في (القرار 60/43) الصادر في كانون الثاني/ يناير 2006 والذي يُعرِّف الأعمال الإرهابيّة بأنها “أعمال إجرامية يقصد أو يُراد بها إشاعة حالة من الرعب بين عامة الناس أو جماعة من الأشخاص أو أشخاص معينين لأغراض سياسية».
ليس من حاجة لإثبات أن الحال التي فُرضت على الفلسطينيين في قطاع غزة في ظل القتل والتدمير بلا ضوابط وبلا مقاييس، وهو ما دفع بدول عديدة للمشاركة في دعوى اتهام “إسرائيل” بارتكاب جرائم الإبادة الجماعيّة بحق الفلسطينيين، هي تجسيد نموذجيّ لما قصده النص التعريفي للإرهاب بصفته “إشاعة حالة من الرعب بين عامة الناس لأغراض سياسيّة”.
المفاوضات الدائرة للتوصل الى حل سياسي بين حركة حماس وكيان الاحتلال يفترض أن تراعي معايير القانون الدولي، خاصة أن الراعي الأول لهذه المفاوضات هو دولة عظمى وعضو دائم في مجلس الأمن الدولي المسؤول عن تطبيق القانون الدولي ومراعاة أحكامه، وبالتالي على الوسيط التفاوضي في هذه الحالة أن يحرص على الحؤول دون استخدام الطرفين لمعاناة الناس على ضفتي الحرب، أي حرب، كورقة تفاوضيّة، خصوصاً ما يتصل بتعريض حياة المدنيين للخطر أو تقييد وصول المواد الضروريّة للحياة إليهم، وعموماً يفترض ضمان وقف الأعمال الحربيّة وتأمين تدفق المواد الضروريّة للمدنيين كشرط للقيام بالوساطة التفاوضيّة بين المتحاربين.
بالأمس قال وزير الخارجية الأميركيّة أنتوني بلينكن، إن أقصر الطرق لوقف إطلاق النار وتأمين دخول المساعدات إلى غزة هو قبول حماس بالصفقة، وهو بذلك يقول إن حياة المدنيّين معرّضة لخطر الموت قتلاً أو مرضاً أو جوعاً، حتى تعلن حماس قبول الصفقة. وهذا التهديد للناس بالموت طلباً لتحقيق هدف سياسيّ هو الإرهاب بعينه، وهو مجافاة لشروط الوساطة المنصفة في حال الحرب، وشروط التفاوض الذي يمنع استخدام المدنيين وحياة المدنيين ووصول الإغاثة إليهم أدوات تفاوضية.
في حروب كثيرة مضت حدث ما يحدث في غزة من استخدام المدنيين وحياتهم وإغاثتهم لابتزاز طرف سياسيّ وإجباره على تقديم تنازلات، لكن من الصعب أن يكون قد حدث أن الوسيط التفاوضي كان يصرّح باعتبار ذلك الابتزاز هو جوهر مهمته، مجسّداً التوصيف الذي يطلقه القانون الدولي على الفعل الإرهابي، وهذا بالضبط ما فعله بلينكن، الذي لو كانت لديه دائرة قانونيّة نزيهة لقالت له إن هذا الاتهام له صحيح قانوناً وليس مجرد خصومة سياسية وتحريض سياسي.
التعليق السياسي