مقالات وآراء

الردّ الحاسم: أراضي 48 لا أمان لكم

 خضر رسلان

وماذا بعد…؟!
عشرات الآلاف من الشهداء ومئات الآلاف من الجرحى… تدمير المستشفيات وكلّ مظاهر الحياة بما فيها من بشر وحجر، سحق الأطفال، إبادة عائلات بأكملها، استباحة الضفة الغربية وزجّ الآلاف منهم في السجون وقتل الكثيرين من أصحاب الأرض بدم بارد وسط إطباق كامل وصمت دولي على اعتداءات من قبل كيان تمّ اصطناعه على أرض محتلة وفق القرارات الدولية ومواثيق الأمم المتحدة رغم ما اقترفته يداه من قتل وسفك وإبادة للشعب الفلسطيني واستعماله لكلّ الوسائل المحرمة دولياً، فقد دخل نتنياهو القاتل الى الكونغرس الأميركي دخول الفاتحين وتمّ استقباله بحفاوة قلّ نظيرها في رسالة لا يُفهم منها سوى المباركة والمشاركة في كلّ ما اقترفت يداه ولا تزال من قتل وسفك للدماء.
ماذا بعد نفي الكثير من زعماء العالم حصول انتهاكات بحق الشعب الفلسطيني من قبل الاحتلال «الإسرائيلي» رغم امتلاء الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي بصوَر المجازر غير المسبوقة في التاريخ، كما حال مجزرة النصيرات، وهي مجزرة ارتكبتها «إسرائيل» عبر سلاحها الجوي الأميركي الصنع وبالشراكة مع سلاح المدفعيّة والسلاح البحري يوم 8 حزيران/ يونيو 2024 وراحَ ضحّيتها المئات من الفلسطينيين العزل والتي شاهدها العالم على الهواء مباشرة، ثم يأتي رئيس الولايات المتحدة الأميركية التي تزوّد الكيان بكلّ ما يحتاجه من سلاح فتاك يتمّ إفراغه في الأجساد الفلسطينية مدافعاً بقوة عن الكيان المجرم وخاصة بعدما طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ووزير حربه، مدّعياً أنّ القوات «الإسرائيلية» لم ترتكب إبادة جماعية في حملتها العسكرية على قطاع غزة.
ماذا بعد الجولات الماراثونية لما يسمّى مفاوضات وقف إطلاق النار وإطلاق الأسرى وسط محاولات واضحة للوقوف على خاطر الجهة التي تُمعن في القتل والحصار والتجويع دون أيّ وازع ولا رادع، وحتى عندما استجاب الطرف الذي تُستباح أرضه ويُقتل شعبه على صيغة قد تمّ طرحها من قبل الرئيس الأميركي وفق إطار باريس الموافق عليه «إسرائيلياً» يتنصّل بكلّ سهولة ورعونة بنيامين نتنياهو منه ضارباً به عرض الحائط وسط عدم اكتراث دولي لما يجري من استباحة وقتل بحق الشعب الفلسطيني في كلّ لحظة لا يسري فيها وقف للنار؟!
ماذا بعد التمادي «الإسرائيلي» في انتهاك سيادة الدول سواء في الاستباحة اليومية للسيادة اللبنانية والمتقطعة للدولة السورية والتي منها الإغارة على القنصلية الإيرانية، ومن ثم الانتهاك الفاضح لأمن الجمهورية الإسلامية الإيرانية واغتيال القائد إسماعيل هنية وسط غطاء تمظهر في حدّه الأدنى في الاستعداد الكامل من أميركا وعدد من حلفائها في الوقوف سداً منيعاً في صدّ الردود الثأرية على العدوان الصهيوني، وهذا ما ظهر جلياً في عملية الوعد الصادق التي نفذتها الجمهورية الإسلامية ضدّ الكيان الإسرائيلي المعتدي والغاصب؟!
ماذا بعد تهافت الوفود الغربية او من يأتي متكلماً باسمهم في محاولة لثني محور المقاومة عن تنفيذ عمليات انتقامية وثأرية على ما اقترفته إدارة نتنياهو وجيشه من انتهاكات وجرائم؟!
أسئلة تمّ طرحها خلال مناقشة مجموعة ممن يتصدّون للخطاب الإعلامي والسياسي والذي خلص الى انّ المقاومة ومحورها ليست في وارد او في مقام ردّ الفعل بل هذا المحور هو الفعل بذاته وانّ أميركا و»إسرائيل» هما اللتان تقومان بالردود بعدما نجحت الجمهورية الإسلامية منذ انتصارها ومحور المقاومة عبر السنوات الماضية الى إسقاط كلّ المشاريع التي كان يُراد منها إسقاط القضية الفلسطينية ومن ضمنها إفشال مشروع إسقاط سورية وهزيمة المشروع التكفيري التفتيتي الى إسقاط «إسرائيل الكبرى والعظمى»، وأخيراً النجاح في زيادة العوائق المانعة لمشروع التطبيع الذي يبدو أنه أصبح صعب المنال.
في ختام ما تمّ التداول به كانت نظرية ماذا بعد مختلفة عما سبق وجوابها عبر الفعل الذي برعت فيه المقاومة ومحورها في صياغته والتي تمظهر قبل أيام من خلال إعادة تزخيم العمليات الاستشهادية بعد إعلان كتائب القسام وسرايا القدس، المسؤولية عن العملية الاستشهادية التي وقعت في تل أبيب، وقرار العودة الى هذا النوع من العمليات في ظلّ المجازر الوحشية التي يرتكبها العدو والتي تواكبها هرولة من قبل الولايات المتحدة الأميركية ومن يدور في فلكها الى نشر البوارج ومنصات الاعتراض لحماية الكيان المعتدي من حقّ تأديبه على انتهاكاته وجرائمه المتكررة.
لا شك انّ قرار إعادة تفعيل العمليات الاستشهادية التي رغم الإجراءات الحديدية التي تقوم بها قوات الاحتلال، فقد بلغت مجموع العمليات الاستشهادية في السنوات الأربع الأولى من انتفاضة الأقصى، 219 عملية، قتل فيها 650 بين جنود ومستوطنين للاحتلال، وأصيب جراءها 3277 آخرون.
فهل يكون هزّ الأمن الداخلي للكيان الغاصب لا سيما الأراضي المحتلة عام 1948 هو قرار الردّ الحاسم على الغطرسة «الإسرائيلية» وسياسة القتل والترهيب وسفك الدماء بعد عجز بل تواطؤ الكثير من الدول على سحق الفلسطينيين شعباً وقضية؟ سؤال برسم الآتي من الأيام…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى