أيلول طرفه بالتسوية مبلول…
حمزة البشتاوي
بعد جولتين من المفاوضات في الدوحة وبعيداً عن الأجواء الإيجابية التي تبثها الإدارة الأميركية حول مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، يُتوقع ان تمارس الإدارة الأميركية ضغطاً حقيقاً هذه المرة على بنيامين نتنياهو، الفاشل في تحقيق نصر موهوم في الحرب، وان تدفعه خلال الجولة المقبلة من المفاوضات في القاهرة نحو الاتفاق على تطبيق المرحلة الأولى من الصفقة التي تتضمّن هدنة تمتدّ إلى 42 يوماً، وتوقفاً مؤقتاً للعمليات العسكرية وانسحاب جيش الاحتلال الاسرائيلي شرقاً وبعيداً عن المناطق المكتظة بالسكان. لتتركز على الحدود في جميع مناطق قطاع غزة بما فيها وادي غزة (محور نتساريم) والإيقاف المؤقت للطيران الحربي والاستطلاعي الاسرائيلي في قطاع غزة يومياً لمدة 10 ساعات و 12 ساعة في أيام تبادل الأسرى، إضافة الى عودة النازحين الى مناطقهم السكنية،
كما تتضمّن أيضاً هذه المرحلة إدخال المساعدات والوقود والمعدات اللازمة لإزالة الركام وإعادة تأهيل وتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية.
ويحاول نتنياهو في هذه المرحلة الحصول على أكبر عدد من الأسرى الإسرائيليين في القطاع مقابل سحب قواته من محوري نتساريم وفيلادلفيا، كما سيعمل نتنياهو بموافقة أميركية على إطالة امد المفاوضات في المرحلة الثانية التي سيتمّ في نهايتها التوصل الى وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب شامل لقوات الاحتلال، وذلك الى ما بعد الانتخابات الأميركية وتسلّم الإدارة الجديدة، وهذا يعني انّ نتنياهو ما زال يريد هدنة مؤقتة والمقاومة تريد وفقاً دائماً لإطلاق النار. وبين هذين الموقفين تعمل الإدارة الأميركية حالياً للوصول الى اتفاق يقضي بتطبيق المرحلة الأولى، واستمرار المفاوضات على تطبيق المرحلة الثانية، وفيها تريد المقاومة ان تحقق مطالبها بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب شامل لقوات الاحتلال وتبادل الأسرى، ومن ثم رفع الحصار وإعادة الإعمار في المرحلة الثالثة.
وهذا سوف يتحقق بسبب فشل جيش الاحتلال في تحقيق أهدافه المعلنة منذ بداية الحرب، وتصاعد الضغوط الداخلية والخارجية على نتنياهو إضافة لمحاولته بتوجيه من الإدارة الأميركية، تجنّب او تأجيل الردّ على جريمة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد اسماعيل هنية والقائد الجهادي في حزب الله الشهيد فؤاد شكر، وهذا ما قد يدفع الإدارة الأميركية الى كسر شروط نتنياهو المتعلقة باستمرار الحرب بعد الهدنة وتبادل الأسرى وعدم الانسحاب من كامل قطاع غزة والبقاء على سيطرة لجيش الاحتلال على محوري نتساريم وفيلادلفيا، وهذا الكسر لشروط نتنياهو كي لا تخرج الأوضاع في المنطقة عن السيطرة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في شهر تشرين الثاني المقبل.
ورغم استمرار حرب الإبادة واستخدام جيش الاحتلال لسلاح التجويع وارتكاب المجازر ضدّ النازحين في الخيام ومراكز الإيواء في ما تسمّى المناطق الآمنة، وهذا ما يعتبره نتنياهو قوة تفاوضية، يتوقع ان تشهد الجولة المقبلة للمفاوضات في القاهرة اتفاقاً على تنفيذ المرحلة الأولى بداية شهر أيلول المقبل مع استمرار المفاوضات حول المرحلتين الثانية والثالثة، بعد ان شهد قطاع غزة عشرات الجولات من المفاوضات في الدوحة والقاهرة وباريس وروما، ولم تسفر كلّ تلك الجولات سوى عن هدنة واحدة استأنف بعدها جيش الاحتلال الحرب التي أصبحت الكلمة العليا في ميدانها للمقاومة في غزة والضفة الغربية وكافة جبهات الإسناد التي ستفرض بمعادلات القوة والصمود نهاية الحرب الأطول والأعنف والأشرس في تاريخ الصراع.