الذين يهوّلون بالحرب الكبرى
– ضمن جوقة منظمة خرجت أصوات سياسية وإعلامية تدبّ الصوت على اللبنانيين بنغمة واحدة، مضمونها أن قرار الحرب على لبنان قد اتخذ وأن الأيام وربما الساعات المقبلة سوف تشهد انطلاق هذه الحرب. والسياق المنطقي الذي يرسمه هؤلاء يقوم على موجة التصعيد التي تشهدها جبهة جنوب لبنان وشمال فلسطين، وكلام وزير حرب الاحتلال يوآف غالانت عن الاستعداد لنقل تركيز ثقل الحرب من الجنوب في غزة إلى الشمال مع لبنان.
– كل شيء على الجبهة يقول إن لا مؤشرات على استعدادات بحجم حرب، أي حشود لعمل بري، وعلى كل حال فإن تجربة جيش الاحتلال في غزة لا تشجّع قيادته على اختبار تجربة أشد قسوة مع حزب الله، وما جرى في حرب تموز 2006 عندما كان جيش الاحتلال بكامل قوته ومعنوياته وكان حزب الله لا يملك على كل الأصعدة إلا بعضاً مما لديه اليوم، تقول إن جيش الاحتلال الذي فشل في الحرب البرية يومها فشلاً ذريعاً، أعجز من أن يخوض اليوم حرباً برية.
– إذا كان المقصود بشنّ الحرب على لبنان هو استهداف العمق اللبناني، او العمق الذي يشكل البيئة الحاضنة للمقاومة أسوة بما جرى في حرب تموز 2006، فإن قيادة الكيان تعلم أن أفضل ظرف لديها لخوض مثل هذه الضربات كان كما قال غالانت نفسه في 11 تشرين الأول بعد طوفان الأقصى مباشرة، عندما كان مجلس وزراء الكيان يعتقد بفرص الفوز بحرب غزة سريعاً، ما يتيح الذهاب لحرب على لبنان بقوة النصر على غزة، وهذا الظرف كان الأفضل لجهة الحشد الدولي والتأييد السياسي وتماسك الرأي العام، وقوة وحضور وحجم البنية العسكرية ومعنوياتها. ومنذ ذلك اليوم تزداد الرغبة بالحرب لكن القدرة على خوضها تتراجع.
– عملياً يملك حزب الله، وتعرف قيادة الكيان ذلك معرفة اليقين، ما يكفي لتدمير مطار مقابل مطار وميناء مقابل ميناء، ومحطة كهرباء مقابل محطة كهرباء، وبرج سكنيّ مقابل برج سكنيّ ومدينة مقابل مدينة، والمقاومة لا تقدم على فعل ذلك ابتداء لأنها تدرك أن الكلفة باهظة وهي ان يفعل الاحتلال المثل رداً، والاحتلال يعلم أنه إذا بادر لفعل ذلك ابتداء فسوف يحرّر المقاومة من هذا الحساب وسوف لن تتردد بفعل المثل، وهذا هو توازن الرعب الذي يمنع التدمير المتبادل للأعماق السكنية والمدنية.
– التهويل بالحرب هو جزء من الحرب النفسية التي كُلّف بخوضها بعض السياسيين والإعلاميين كجزء من عملية تهدف للتشويش على توقيت الرد المرتقب من حزب الله على الاعتداء الذي تعرّضت له الضاحية الجنوبية لبيروت واستشهد خلالها القيادي الكبير في المقاومة فؤاد شكر، بعدما بدا أن فشل المفاوضات قد يحرر قيادة المقاومة لجهة اختيار توقيت الرد من حسابات انتظار نتائج المفاوضات حول غزة.
التعليق السياسي