عملية الثأر المقدّس وتفعيل السلاح الاستراتيجي الثوري…
رنا العفيف
اتفاق وطني هام في مرحلة جديدة دخلتها المقاومة الفلسطينية حيّز التنفيذ، أيّ رسائل حتمية موجهة للكيان «الإسرائيلي» وقياداته السياسية ومستوطنيه»
سرايا القدس وكتائب القسام تعلنان مسؤوليتهما عن تنفيذ العملية الاستشهادية التي وقعت ليلة الأحد في تل أبيب، وتؤكد المقاومة أنّ العمليات الإستشهادية في الداخل المحتلّ ستعود إلى الواجهة، طالما تواصلت مجازر الاحتلال وعمليات تهجير المدنيين، بالإضافة إلى استمرار سياسة الاغتيالات، ما هي رسائل وأبعاد هذة العملية في التوقيت وفي قلب تل أبيب؟
عملية الثأر المقدس أتت لتفتح الباب مجدّداً مع الإشارة المرتبطة بتفعيل السلاح الاستراتيجي للمقاومة الفلسطينية التي تؤكد على أنّ المقاومة لديها القدرة على الدخول إلى أيّ مكان وأيّ زمان لقلب مدينة تل أبيب ولا سيما قرار عودة العمليات الاستشهادية الذي دخل حيّز التنفيذ مع حدوث تغييرات استراتيجية في مسار المواجهة مع الاحتلال في خضمّ المعارك المتواصلة على قطاع غزة، إلا أنّ دلالات التوقيت تترجم لرفض الاحتلال «الإسرائيلي» وقف العدوان على غزة، وسط انكشاف الولايات المتحدة استراتيجية الهدوء والمفاوضات لتحقيق أهدافها، وبالتالي كان وما زال واضحاً أنّ المقاومة تقول بشكل صريح وواضح إنّ الهروب من المفاوضات يشي بأنّ الآتي سيكون أكثر إيلاماً للاحتلال «الإسرائيلي» بعد أن حاول إغلاق جميع سبل التوصل للحلول السياسية على مدار ثمانية عشر عاماً، وظنّ الاحتلال واهماً أنه أغلق بذلك فعل العمل المقاوم في الضفة وقطاع غزة ولكنه يُفاجأ اليوم بأنّ المقاومة لديها القدرة على اتخاذ القرار بتنفيذ أيّ فعل مقاوم ويكمن الأمر في اتخاذ القرار وهذا بحدّ ذاته يُعتبر إنجازاً هاماً في هذه المرحلة هذا من جانب…
أما من ناحية الدلالة في موضوع الإعلان عن العملية الاستشهادية في عمق الكيان «الإسرائيلي» ولأول مرة منذ أكثر من 17 عاماً يعني بذلك بأننا اليوم أمام نقطة تحوّل كبيرة في الصراع مع هذا الكيان المسرطن وأنّ التطوّر الملحوظ في المواجهة له دلالة سياسية يشير إلى أنّ الكيان على موعد مع أشرس المواجهات الأكثر إيلاماً، على اعتبار أنّ فحوى الرسائل الكثيرة من هذة العملية البطولية وصلت كما أرادت المقاومة إيصالها إلى الكيان وقيادته ومستوطنيه، وعنوان إحدى الرسائل «أن لا مكان آمناً في الآراضي المحتلة عام 48، وأن المقاومة ستصل إلى جميع المناطق حيث لا قبة حديدية ولا صافرات إنذار ولا غيرها تستطيع أن توقف أيّ عملية مقبلة».
أيضاً في خضمّ الرسائل والسياق نفسه عندما تتبنّى كتائب القسام وسرايا القدس هذة العملية ما يعني أنّ هناك قراراً وطنياً قد اتخذ بالإجماع في المواجهة المقبلة أو المرحلة الجديدة ينبع من إرادة صلبة لمواجهة الكيان دون تردّد، وقد نرى عمليات متتالية ومتطورة استبياناً لما خطت يد المقاومة كمقدمة بارزة في تركيزهم على عمق الكيان، وهذا بكلّ تأكيد مؤشر استراتيجي على انتقال المقاومة من مرحلة الدفاع إلى الهجوم البنّاء وتوسيع عملياتها نتيجة لاستمرار الكيان جرائمه الوحشية بحق الشعب الفلسطيني، واختيار العمق «الإسرائيلي» له معان كبيرة إذ يمثل مركز الثقل السياسي والعسكري والأمني ووصلت إليه المقاومة في ذروة الاستنفار ودخلت المكان بشكل غير مسبوق في حين كان الاحتلال ينتظر الردّ الإيراني واليمني واللبناني، إذ لهذا الاختراق حديث مختلف شكلاً ومضموناً يتجسّد بعنوان المرحلة الجديدة التي دشنها جيل معركة طوفان الأقصى الذي ترعرع على العبوات الناسفة النوعية وفعل المقاومة الثوري وهذه المشهدية تعيدنا إلى تسعينيات القرن الماضي التي شهدت انتفاضات بروح ثورية نضالية مكافحة شارك فيها جيل الشباب الفلسطيني الواعد،
أيضاً اللافت في هذا الأمر أنّ أجهزة الأمن «الإسرائيلي» لم تعرف بعد المكان الذي كانت فيه تلك السيارة المفخخة لتعتزم استهدافها، ووفقاً لما يقوله محللون في الشؤون «الإسرائيلية» في صحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنّ الخوف الأكبر في المنظومة الأمنية إدخال عبوات ناسفة ذات متفجرات عادية إلى قلب المدن الكبرى وقد يتسبّب هذا الأمر الكثير من الأضرار، وأخرون كثر من الخبراء في الشأن العسكري والاستراتيجي الإسرائيلي قالوا بأنّ توقيت العملية يعطي دلالة واضحة على قدرة المقاومة على الانتقال إلى أساليب أخرى، وهي قادرة على تنفيذها، وكذا نقلت وسائل الإعلام «خشية إسرائيلية كبيرة بأنّ منفذ العملية لم يعمل لوحده، وأنّ هذا العمل منظم، والأهمّ باعتراف «الإسرائيلي» أنّ تفاصيل هذه العملية لدى المقاومة وهي تفاصيل حساسة ودقيقة، وعلى «الإسرائيلي» أن يعي ماذا يعني أن تقوم المقاومة بتفعيل استراتيجية سلاح العمليات الاستشهادية في هذه المعركة، وعلى المستوطنين وقياداتهم أن يكتفوا بصورة الاختراق الذي حدث لكلّ منظومات الاحتلال، وأن تركز على كيفية تخطي المقاومة الحواجز العسكرية في ظلّ الاستنفار العسكري والأمني، لتكون الخطوات المقبلة جامعة بين العمليات الاستشهادية والتسلل ربما لطالما من يصل إلى مرحلة العمق «الاسرائيلي» والقاعدة الصلبة يستطيع أن يصل إلى قيادات وثكنات ومن ثم السيطرة إيعازاً بما يفعله الكيان من جرائم وتهجير وتشريد وتدمير بطريقة ممنهجة ووحشية قسرية بحق الشعب الفلسطيني وقضيته، لذلك على الجميع أن يركز في ملامح مفاصل المرحلة المقبلة لأنها تحمل ما يسرّ الناظرين ويثلج القلوب…