«مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية» أحيت الذكرى الـ 50 لرحيل سابا زريق
أحيت “مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية”، الذكرى الخمسين لرحيل شاعر الفيحاء سابا زريق، فأقامت ندوة للمناسبة في مسرح “مركز الصفدي الثقافي” في مدينة طرابلس، في حضور مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام، رئيس أساقفة طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس المطران إفرام كرياكوس، رئيس أساقفة طرابلس والشمال للروم الملكيين المطران ادوار ضاهر، وحشد من ممثلي الهيئات والفعاليات والأندية والجمعيات ومهتمين.
وكان تعريف من الأديب الدكتور جان توما الذي تولى تقديم المتحدّثين، وقال: “أنا سابا زريق أتوه في أرض القصيدة مشاء، أرقب نجوم أبياتها، والتحف السماء. أعود إليكم، وفي قلبي فرح الجد ورجفة شريان الذكرى، يعود بي الحفيد لاهياً بين يدي كأيام ود سكرى، كقصيدة ما قالها منشد، وكموال يمتد كالحي العتيق في ليالي الفيحاء، أو كشاعر قال فيها ألف موشح ومليون زهرة ليمون، لسان حاله: أن تكون طرابلسياً أو أن لا تكون”.
أنا سابا زريق الآتي من بادية العرب، تعمّدت برمل النزوح، وغسلت عيني بماء رجاء الواحات، وبما قطر والدي قيصر، الصيدلي القانوني فيهما مما جاء في الكتب حتى صرتها أبجدية، ناطقاً بالضاد انتماء إلى أرومة فصيحة آتية من قلب الجزيرة العربية، ممتدة من خليج عمان إلى نهر الفرات والمحيط الأطلسي، ومن الإسكندرونة إلى خليج عدن، فما كانت قصائدي إلا رواة أجدادي تعلقاً بنخيل العرب، وسرداً لما أرتجيه من منى، تروح كقصائد جريحة ولكن بعزة، من طرابلس إلى صمود الجنوب وجراح غزة».
صاري
ثم تحدث القاضي المتقاعد مع مرتبة الشرف نبيل صاري عن الجانب التربوي للمكرم فقال: “سابا قيصر زريق، شاعر الفيحاء إبن طرابلس المؤمن بالله والوطن الواحد عبّر بالشعر عن أوجاع مدينته وصاغ شعراً التزامه الوجداني إضافة إلى رئاسة تحرير مجلة الحوادث، وامتطى سيف التعليم لإيفاء بلده ما يستحقّ.
وتابع: “ما يهمنا في هذه العجالة التركيز على دوره في إقامة صرح التعليم الرسمي في طرابلس وشاركه في هذه المسيرة الراحلون جورج صراف والحاج فضل المقدم والحاج صالح ميقاتي والمدير حسن الحجة ومن بعده السيدة فاطمة الحجة وإيفون غازي وأندريه نحاس وعبد الله ميقاتي وسعدي خياط وكوستي بندلي وفخر قرحاني وحنا السمعاني وأحمد جمال عويضة ورباح الشعراني”.
الحلوة
وتحدث الأديب الدكتور مصطفى الحلوة عن أولى خطواته في التعرف إلى الشاعر زريق والتي بدأت من بوابة النثر: “في 20 نيسان 2013، كنت أحد ثلاثة مشاركين في ندوة أقيمت حول “الآثار الكاملة” لشاعر الفيحاء. يومها أكببت على مقاربة نص له نثري عنوانه “كل الحب لطرابلس”، استعرض فيه مدينته، ستينيات القرن الماضي وقدمها لنا كأجمل المدن الرابضة على الساحل الشرقي للمتوسط. هذه المدينة التي راحت مع توالي الأيام، تفقد الكثير من دورها ومن نضارتها وألقها وغدت الصورة النقيض لطرابلس سابا زريق، طرابلس الزمن الجميل”.
يمق
وتحدث رئيس بلدية طرابلس الدكتور رياض يمق، فقال: نحن في ذكرى شخصية فذة من بلادي أعطت الكثير من التضحيات الجسام التي شكلت في مرحلة ما من يوميات طرابلس الفيحاء انموذجاً قيادياً يُحتذى به لتنوع نجاحاته وإنجازاته، فكانت مجموعة من أوسمة الشرف ليس على صدره فحسب، بل على صدر كل طرابلسي وشمالي ولبناني”.
وختم: «لا شكّ في أنه جسّد بذلك كل صفات الإداري القائد الهادئ الذي يتمتع بأخلاق حميدة ويلتزم بالوعود والصدق والنزاهة والوفاء. كما كان فذاً في الإبداع والابتكار، الى جانب تواضعه والابتعاد عن الغرور والاهتمام بالآخرين».
الأدهمي
وتحدّث الكاتب والإعلامي مايز الأدهمي، ناشر جريدة “الإنشاء” الطرابلسية ورئيس تحريرها، عن “الظروف التي جمعته بالكاتب والشاعر سابا زريق الذي استهوته الصحافة إضافة إلى ممارسته التربية والتعليم والكتابة الأدبية وغاص في تفاصيل هذه الهوايات التي ما لبث أن احترفها حيث اختاره صاحب “الحوادث” لطف الله خلاط الذي سلمه رئاسة تحرير الجريدة”.
حيدر
وتناول المربي شفيق حيدر موضوع “ارثوذكسية سابا زريق وعروبته: إيمان مستقيم وانفتاح عروبي”، وقال: “عرفنا سابا زريق مؤمنا ارثوذكسيا، كنا نلقاه ونحن صغار في الكنيسة يصلي مع الجماعة ويتحلق معها في منزل صديقه لطف الله خلاط صاحب جريدة الحوادث، وقد أطلق الملتقون اسم “الكونغرس” على اجتماع الأحباب هذا، وحديثهم كان يدور حول شؤون الكنيسة ورجالاتها في الأبرشية وإنطاكية كلها، كما أن قضايا مدينة طرابلس شغلتهم أيضاً”.
زريق
وفي الختام تحدّث رئيس “مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية” الدكتور سابا زريق، فقال: “أبيت أن ينصرم نصف قرن على مغادرة شاعر الفيحاء دنيانا الفانية، دون أن أثبت هذه الذكرى في لقاء مع محبيه ومحبي أدبه.
إن المواضيع المتنوعة التي تصدّى لها منتدونا الكرام حول شاعرنا في هذه الأمسية المباركة لم تكن قطعاً وليد ابتكاري، بل ألهمها الرئيس نبيل صاري، على هامش مكالمة هاتفية جرت بيني وبينه منذ أشهر عدة. قال لي الرئيس صاري في تلك المكالمة: “الكل يتحدث عن أدب شاعر الفيحاء، فهنالك من قد يكون أفضل منه في هذا المجال وهنالك من ربما يكون شعره أقل جودة من شعره، غير أني لم أسمع أحداً يتناوله كمربٍّ، تميّز بأسلوبه وترك آثاراً حميدة في مجتمعه الطرابلسي”.
وأضاف: “أن كل من تكلّم عن سابا زريق عرفه شاعراً ومربياً وأديباً وصحافياً، جدي الحبيب، أرى أسارير طيفك الحنون منفرجة في ملكوت الخالق، إلى جانب الأبرار والصدّيقين، لما تمنحك فيحاؤك في كل مناسبة من التفاتات بارزة لعطاءاتك في ذاكرة المدينة الجمعية. أما أنا، فإن لم تورّثني إلا اللقب الذي رافقك طوال حياتك المديدة، أي “عاشق الفيحاء”، فإنك تكون قد أغدقت عليّ بمكرمة، لا تضاهيها كنوز الأرض”.
وختم: «اسمحوا لي أن أرسل إلى روح شاعر الفيحاء باسمنا جميعاً رسالة مطمئناً إياه بأن طرابلسه بأفضل خير، وبأن اللغة التي عشق هي بأمان في عهدة ورعاية العشرات من أبنائها المجلّين، يرعونها ويحافظون عليها كما هو أراد».