فاروق القدومي… ثبات المبادئ وتباين تحت سقف الوحدة
معن بشور
الكثير الكثير يمكن أن يًكتب عن رحلة العمر والنضال التي عاشها فقيد فلسطين والعروبة، عميد الدبلوماسية الفلسطينية والقائد المميّز في الربط بين الكفاح المسلح وبين العمل السياسي، فاروق القدومي العضو المؤسس في حركة التحرير الفلسطيني (فتح)، ورئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1973.
لكن المراقب يقف أمام أمرين بالغي الأهمية في تجربة هذا القائد المؤسس في الثورة الفلسطينية، أوّلهما التزامه الشديد على مدى عقود بمبادئه الوطنية والقومية والحفاظ على ثوابت فلسطين والأمّة، رغم أنّ موقعه القيادي كرئيس للدبلوماسية الفلسطينية خلال خمسين عاماً كان يضغط عليه لكي يساوم في ثوابت آمن بها منذ أن كان عضواً فاعلاً في خمسينيات القرن الماضي، في واحدة من أبرز الحركات القومية العربية، هي حزب البعث العربي الاشتراكي وقبل أن يشارك مع رفاقه قادة (فتح) ومؤسّسيها في أواخر الخمسينيات، وفي طليعتهم الرئيس الشهيد ياسر عرفات في تأسيس واحدة من أبرز حركات الكفاح المسلح الوطني الفلسطيني المعاصر، وهي حركة فتح.
أما الأمر الثاني الذي لا يمكن الحديث عن أبي اللطف دون التعرّض له هو تلك القدرة على اتخاذ أشدّ المواقف اعتراضاً على اتفاقية «أوسلو» عام 1993، مع حرصه الشديد على الالتزام بوحدة حركة فتح، وبمنظمة التحرير الفلسطينية بوجه كل محاولات الأعداء لضربها وتقسيمها.
كما عُرف عنه التزامه بالمقاومة المسلحة كإطار من أشكال المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني، ليس في فلسطين وحدها، بل في كل أرض عربية، فكانت له المواقف المشهودة ضدّ احتلال العراق، والعدوان على لبنان، والحرب على سورية، ومؤامرة الناتو على ليبيا، وتقسيم السودان، والتحالف الاستعماري ضد اليمن.
ولا ينسى المقاومون اللبنانيون، وقفته إلى جانبهم يوم اتخذ وزراء الخارجية والداخلية العرب قرارات بتصنيف حزب الله منظمة إرهابية، كيف لبّى دعوة المؤتمر القومي العربي إلى مؤتمر كبير انعقد في بيروت في 16/7/2016، تحت عنوان «المقاومة اللبنانية ليست إرهاباً»، وهو مؤتمر شارك فيه المئات من أبرز الشخصيات العربية، وكان له دور في عدم موافقة الرئاسة الموريتانية على إدراج بند تصنيف حزب الله منظمة إرهابية في قمة نواكشوط بعد أسابيع من العام ذاته.
ويومها شنت قوى رسمية عربية واستعمارية حملة مقاطعة وحصار وشيطنة ضدّ المؤتمر القومي العربي والمؤتمرات المتآخية معه في «المؤتمر العربي العام».
يبقى عزاؤنا في رحيل أبي اللطف بعد أسابيع من رحيل رفيقة عمره أم اللطف المناضلة الراحلة نبيلة النمر، أنّ أبا اللطف قد أغمض عينيه للمرة الأخيرة وهو يرى المقاومة، التي كان من مؤسّسيها، تحقق الانتصار تلو الآخر على الاحتلال، ويرى التضحيات غير المسبوقة لشعبه تكشف للعالم كله، زيف الرواية الصهيونية، وزيف ادّعاءات داعميها في الغرب وحديثهم عن حقوق الإنسان والشعوب.
رحم الله أبا اللطف الصديق والحبيب والقائد المميّز في حياة النضال الفلسطيني والعربي والأممي.
والمجد للشهداء والنصر لفلسطين ولكلّ مقاومة على طريق فلسطين.