أولى

الحكومة مطالَبة بأن توضح للناس الأسباب الحقيقية للعتمة والقضاء بمحاسبة من تثبت مسؤوليته / الحسنية لـ «البناء»: حذارِ التماهي مع مشاريع الخصخصة وتقويض دور المؤسسات العامة وتشريع المافيات

خاص “البناء”

منذ أسبوع، دخل لبنان في العتمة الشاملة، وأعلنت مؤسسة كهرباء لبنان أنّ السبب نفاذ مادة الفيول في كلّ محطات توليد الكهرباء، في حين قدّم رئيس حكومة تصريف الأعمال إخباراً إلى النيابة العامة التمييزية حول هذا الموضوع، علماً أنه قبل هذا الإعلان الرسميّ عن توقف عمل المحطات، كانت ساعات التغذية الكهربائية، بالكاد تلبّي احتياجات بعض محطات ضخ المياه، بينما ساعة أو ساعتين بالحدّ الأدنى من التغذية الكهربائية غير كافية لتحرير المواطنين من سطوة كارتيلات المولدات الخاصة ومافياتها. وفي هذه الحالة على المواطن أن يدفع فاتورتين، واحدة لأصحاب المولدات، وأخرى لمؤسسة كهرباء لبنان.
والكهرباء العامة المقطوعة عن لبنان، هي أحد أوجه سياسات الخصخصة التي ترمي إلى تقويض أسس العدالة والرعاية الاجتماعية، وتزيد من اتساع مساحة الفقر والعوز. تُضاف إليها الاحتكارات وفوضى الأسعار المرتفعة من دون حسيب أو رقيب.
إعلان العتمة الشاملة في لبنان لم يحرّك ساكناً لدى المسؤولين، ولولا بعض المزايدات والتمريكات لكان الإعلان مرّ كغيره من الأزمات المستفحلة. فالكهرباء في لبنان، ومنذ عقود هي طيّ وعود وخطط خلّبية ومعلقة على خطوط التوترات السياسية العالية، وهي منذ سنوات ملطوشة نتيجة ماس ثورجي، أحدث حريقاً مفتعلاً لم تقتصر أضراره على الكهرباء بل طالت الاقتصاد برمّته، محاصراً الناس بلقمة عيشها. وهذه حقيقة جلية، لكنها لا تنفي على الإطلاق بأنّ السبب الرئيس في كلّ المشكلات، هو النظام الطائفي الذي شرّع سياسات اقتصاديّة تقوم على فكرة خصخصة القطاع العام، وتحويله إلى وكالات حصرية طائفية ومذهبية، وعلى مقاسات ديوك الأحياء والزواريب.
نعم، ما كان أحد ليتحدّث عن العتمة الشاملة وتداعياتها الكارثية، لولا أنّ دولة الجزائر بادرت مشكورة إلى تقديم شحنة فيول مجانية لإعادة تشغيل المحطات، الأمر الذي أظهر تقصيراً فاضحاً من قبل المؤسّسات والمسؤولين المعنيين في لبنان، ووضع علامات استفهام كثيرة حول أسباب الخلل في الالتزامات التي تعيق وتعطل آلية استيراد الفيول سواء من الجزائر أو من العراق. وهنا اللائمة ليست على “الطليان”، كما جرت العادة. علماً أنّ الطليان صاروا مستنسَخين في لبنان، ولهم أسماء حركية كثيرة، لن يتكبّد اللبنانيون عناءً في معرفة أسمائهم وصفاتهم وعناوينهم ومشغليهم.
وعليه، فإنّ الحكومة معنية بأن توضح للناس الأسباب الحقيقية للعتمة والقضاء معني بمحاسبة من تثبت مسؤوليته، كما على الحكومة أن توضح أيضاً ماذا يعني أن يكون لدى الشركات الخاصة مخزوناً يفيض لتأمين احتياجات المولدات الخاصة التي تعمل 24 /24 ساعة، في حين أنّ مؤسسات الدولة لا تستطيع تأمين ساعتين يومياً من التغذية الكهربائية رغم قيامها بأعمال الجباية الدورية من المواطنين؟

الحسنية

وحول الانقطاع التامّ للكهرباء في لبنان، أكد نائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية لـ “البناء”، أنّ العتمة الشاملة ليست بالبساطة التي يعتقدها البعض، بل هي تحدّ خطير يواجه اللبنانيين، خصوصاً أنها تأتي في ظلّ تصاعد العدوان الصهيوني على جنوب لبنان، وفي ظلّ احتمالات تصاعد المواجهة، ما يطرح أسئلة جوهرية حول مدى جهوزية المؤسسات الرسمية اللبنانية وعن خططها واحتياطاتها ومخزونها للتعامل مع التطورات والأحداث ومواجهة التحديات التي تتهدّد لبنان. وهذه الأسئلة نضعها برسم الحكومة ووزارة الطاقة ومؤسسة الكهرباء، وكلّ الوزارات والمؤسسات المعنية.
أضاف الحسنية: على الوزارات والمؤسسات المعنية أن تتحمّل مسؤولياتها، وأن تبذل جهوداً جبارة لتعزيز دور وفاعلية مؤسسات الدولة، لا سيما في قطاعات الكهرباء والاتصالات والصحة والغذاء وغيرها، ونحذر من خطورة التماهي مع مشاريع الخصخصة التي تقوّض دور المؤسسات العامة، وتشرّع المافيات على كلّ المستويات.
وقال الحسنية: وراء كلّ خصخصة للقطاع العام، مشروع مشبوه خارجي لتقويض أسس الدولة الواحدة وتحويلها محميات وفدراليات يقوم عليها أمراء وديوك، وهذا تحدّ سنواجهه بالمزيد من التمسك بوحدة لبنان والعمل لوحدة اللبنانيين والدفاع عن حقوقهم المشروعة، وهذه مسؤولية لن نتخلى عنها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى