بلينكن أسوأ وزير خارجية أميركي… وفرصته الأخيرة!!

 د. جمال زهران*

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن، هو أسوأ وزير خارجية أميركي، وهذا ما قلته في قناة «الميادين»، مع المذيع البارز الأستاذ كمال خلف، في تغطية خاصة تتعلق بصفقة الفرصة الأخيرة بين الكيان الصهيوني، وحركة حماس التي تتحدث باسم جميع حركات المقاومة، وذلك صباح الخميس 22/ أغسطس (آب) 2024م، في تمام الساعة الواحدة، ولمدة ساعة، في حوار عاصف وقويّ وجاد.
فلماذا قلت ذلك، بشأن هذا الشخص؟ الإجابة حاسمة، لعلها تتلخّص في:
ـ أنه الوزير الذي كشف عن يهوديته وصهيونيته وانحيازه التامّ والكامل للكيان الصهيوني بعد «طوفان الأقصى»، في السابع من أكتوبر 2023م.
ـ أنه الوزير الذي يأتي للمرة التاسعة للمنطقة، منذ طوفان الأقصى، وفي كلّ مرة يزور الكيان الصهيوني، نفاجأ بزيادة ومضاعفة وتيرة المجازر التي يرتكبها جيش هذا الكيان، الأسوأ في التاريخ في قتل الأطفال والنساء كما سجلت ذلك منظمة الأمم المتحدة العالمية! وهي كارثة بكلّ الأبعاد، تؤكد تشارك هذا الوزير في معارك ومجازر الدم على أرض فلسطين في غزة، وارتكاب جرائم بلا حدود، وغير مسبوقة في التاريخ، بمعنى أنه يعطي الضوء الأخضر لارتكاب هذه المجازر.
ـ أنه الوزير الذي يعلن أنه يؤيد رئيس الوزراء (النتن/ياهو)، في كلّ ما يقترحه، وكأنّ وزارته – التي يدفع تكاليفها الشعب الأميركي، ويدفع هذا الشعب أجوره وكلّ العاملين معه، تعمل في خدمة رئيس وزراء مجرم، وليس في خدمة الكيان الصهيوني، كمشروع استعماري فحسب!
ـ أنه وزير يتسم، بالكذب الفاضح، وبدون مواربة، وينتقل بين عاصمة الكيان الصهيوني، ويلتقي بنظيره، ورئيس وزرائه، ووزير الحرب ورئيس الأركان (الصهاينة) ليتلقى منهم الرأي والتعليمات، ويخلص إلى كذبة يريد أن يسوّقها للمنخدعين به، كأن يقول: لقد أقنعت رئيس وزراء الكيان (النتن/ياهو)، وقادة حكمه، بتنازلات، وهي في الأصل إعادة صياغة لاتفاقات سابقة ما قبل 2 يوليو/ تموز، التي وافقت عليها حماس، مع شروط جديدة، من النتن/ياهو، يتبناها هو بنفسه. وبمجرد انتهاء مقابلاته في الكيان، نفاجأ بتصريحات النتن/ياهو، التي تنسف كلّ شيء، ويعلن أنه اتفق مع وزير خارجية أميركا على ذلك. ومن ذلك: أنه لم يوافق على أيّ انسحاب من غزة، أو من رفح، أو من فيلادلفيا! ولم يوافق أيضاً على أيّ وقف لإطلاق نار دائم، بل مؤقت حتى يعود أسراه سالمين! إلى الكيان، ثم يواصل الحرب!
ـ أيّ خداع ذلك؟! الذي نقبله من هذا الوزير التائه، الذي يبحث عن مخرج من أزمة، صنعتها أميركا (الشيطان الأكبر)؟ ثم نفاجأ بتصريحات أخرى، عندما يزور القاهرة، والدوحة، ويجري اتصالات مع بعض قيادات الإقليم، بالكذب والخداع أيضاً!
ـ أنه الوزير المخادع، الذي يعلن تقدّم المفاوضات، والوصول إلى نتائج إيجابية، وذلك في أولى جلساتها في الدوحة، وثانية جلساتها في القاهرة وبينهما أسبوع (15، 22/ أغسطس – آب)، في حين أنّ الواقع يشهد بالفشل، وعدم حدوث أيّ تقدّم، أو أيّ استخلاصات، أو نتائج محدّدة، ولعلّ تصريحات النتن/ياهو، تؤكد هذا الفشل الذريع.
وقد أحسنت الأطراف العربية في المفاوضات (مصر وقطر)، حين لم تصرّح بأيّ تقدم، أو الوصول إلى النتائج، حتى أصبحت العاصمتان، مكاناً للقاءات التفاوض، وليس أطرافاً في التفاوض، حيث أنّ المتحدث الرسمي للمفاوضات، هو الطرف الأميركي، ووزير الخارجية (بلينكن)، الذي يشيع التفاؤل ويحتكر الحديث وإصدار البيانات الشكلية، وبتوقيع مصر وقطر، دون أي نتيجة حقيقية، للأسف!
تحوّل هذا الوزير، من «وسيط»، إلى الانحياز الكامل للطرف الصهيوني، ففقد مقوّمات الوساطة من ناحية، في مقدمتها الوسيط النزيه، والمنزّه عن الغرض والهوى، ولذلك فهو فاشل، ومحكوم على كلّ ما يقوم به، بالفشل الذريع. ولم يتوقف عند هذا الحدّ، بل مارس عنجهية القوة، وانعدام الحياد، إلى حكم يوجه الاتهامات إلى حركة حماس المقاومة، بأنها هي السبب في إعاقة المفاوضات وعدم تمكين «المتفاوضين»، من الوصول إلى نتائج إيجابيّة، وهدّدهم، بأنها «الفرصة الأخيرة»، ولن تكون هناك فرصة أخرى للتوصل إلى اتفاق، وليكن ما يكون! هذا ما قاله الوزير الفاشل، والأفشل في التاريخ الأميركي!
في ضوء ذلك، فإنّ بلينكن، قد وقع على وثيقة فشله، وانتهاء مستقبله السياسي في الحزب الديموقراطي، أو حتى في الصهيونية! وذلك بيده، وبمجهوده المتواضع للغاية. فلو نجحت كاميلا هاريس، في انتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر المقبل، فإنه مؤكداً لن يكون في فريقها العامل داخل البيت الأبيض، وربما يكون مستشاراً لدى النتن/ياهو، في أيامه الأخيرة!
فقد عاد بلينكن إلى واشنطن، بعد انتهاء جولته التاسعة، منذ «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر 2023م، دون إنجاز يذكر، ويحمل مع نفسه الفرصة الأخيرة له، وليس للمنطقة، أو للمقاومة، وربما يفاجأ بضربات محور المقاومة، إلى الكيان الصهيوني، فيضطر إلى المسارعة بالحضور للمنطقة، ليعيش فشلاً جديداً، ويرى بأمّ عينيه، ثمرة هذا الفشل، في انتهاء الكيان الصهيوني، ومعه انتهاء وظيفته الاستعمارية في الإقليم.
فقد حان وقت انتهاء الكيان الصهيوني، وحانت المعركة الكبرى، وحانت الضربة القاتلة ضدّ هذا الكيان، لينتهي عصر كامل من الطغيان والاستعمار الغربي والأميركي للمنطقة، ولتتحرّر فلسطين من النهر إلى البحر، وهو أمر لا نشكّ في أنه قريب، رغم أنصاف المحللين المدّعين بأنهم استراتيجيون…!

*أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة قناة السويس، جمهورية مصر العربية