مقالات وآراء

حقّ الردّ… «إسرائيل» في ميدان التعايش الاجباري أو الانتحار العسكري؟

نمر أبي ديب

كرَّست المقاومة بـ هندسات عسكرية متقدمة، استثنائية الردّ المحكم، في «أطر ومتدرجات استراتيجية»، أرست مع جملة العوامل الميدانية المضافة، ثقافة مواجهة متعددة الأبعاد، شملت إضافة إلى الدقة ونوعية الأهداف عناصر أساسية جديدة، تمثلت في ما قد يُعرف بـ وعي الرد، أو التبصّر والحكمة في إدارة المعركة،
ثانياً، التقدم بخطوة، ما يجعل من كيان الاحتلال الاسرائيلي، «ملحقاً تكميلياً» على مسار الحرب الطويلة، وهذا يتطلب قدرات عسكرية، وأخرى أمنية، وحتى لوجستية هائلة، تحتاج إلى ما هو أكبر من استراتيجيات الجيوش الكبرى لاحتوائها، مع ما تمثّل في الحضور العسكري من تكامل ميداني مع «منشأة عماد 4» و «هدهد 1 و 2 و 3»، بالتالي الحديث هنا يشمل الجزء «المكشوف أو المصرّح به من قبل المقاومة»، وهذا يفتح باب الاجتهاد الميداني كما الحديث عن إعجازات عسكرية مرافقة من زوايا مختلفة، لأبرز المراحل المكوّنة لهيكلية الردّ، التي باتت تشتمل نواحي عديدة أبرزها:
التخطيط الاستراتيجي، الدراية الميدانية وأيضاً خرق التحصينات الدفاعية، المرتبطة بشكل كامل ومباشر، بمجمل «الأقمار الاصطناعية من جهة، وأيضاً بكامل التقنيات الأميركية» المتطوّرة البحرية والبرية والهوائية، ما يضع «إسرائيل» اليوم، مع ما تمثِّل من شراكة أميركية وأخرى غربية، في ميزان التعايش العسكري مع موازين عسكرية جديدة، فرضتها المقاومة، أو أخذ خيار «الانتحار»، وخوض مواجهات عسكرية وجودية خاطئة، على عتبة الثمانين، تلك مجازفة حقيقية بوجودية كيان الاحتلال ومركزية الدور «الأمن اقتصادي» الذي ترى فيه الولايات المتحدة الأميركية ضمانة حضورها الدولي في أساسيات النظام العالمي الجديد.
تدرُّج الرسائل الأمن سياسية كما العسكرية، بلغ في كثير من الدقة والحرفية كيان الاحتلال الاسرائيلي، على أكثر من مستوى، بدايةً مع تعيين القائد يحيى السنوار، رئيساً لمكتب حماس السياسي، مروراً بـ «الهدهد» و»منشأة عماد 4»، وصولاً إلى قرار الردّ العسكري وإعلان أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله نتائج الرد على كيان الاحتلال الاسرائيلي، ما يؤكد عسكرياً سقوط الرهان الأميركي كما الدولي المتمثّل في تحقيق الكيان الاسرائيلي انتصارات مجانية تلغي بشكل كامل وأبدي، جملة النتائج الاستراتيجية لعملية «طوفان الأقصى».
في سياقٍ متّصل، رسم الحزب في اللحظات الأولى التي تلت عملية الردّ، ملامح مرحلة ما بعد الردّ حين أعلن في بيانه الأول، أنّ استهداف المدنيين من قبل الجيش الإسرائيلي سوف يقابل بردّ شديد، لا بل قاسٍ جداً، وهذا ما أكّد على حقيقتين الأولى تتمثّل بـ حتمية المواجهة المتدرّجة في مراحل ما بعد الردّ، ثانياً «غياب فرص التسوية»، بمعنى آخر ما بلغته الساحتان اللبنانية كما الفلسطينية لا يمكن انهاؤه بعمليات تفاوض عسكرية أو سياسية، على قاعدة ما بعد الردّ ليس كما قبله، والمنطقة دخلت بالتزامن مع كلمات وزير الحرب الإسرائيلي الذي أعلن من خلالها (أنّ الحرب على حزب الله سوف تأتي في المستقبل البعيد وليس الآن)، حالة من التكيُّف الأمني، كما العسكري، مع أمر واقع مقاوم، تخلله فرض ميداني لـ»قواعد اشتباك» عسكرية، وأخرى أمنية جديدة.
ما تقدَّم، عكس من حيث التطورات الميدانية المرتقبة، استراتيجية المراحل الحالية كما المقبلة التي دخلت من خلالها القوى الاقليمية مرحلة رابح/ خاسر بحكم التعنّت الإسرائيلي، ونسف بنيامين نتنياهو، كامل الظروف مع مقومات العناصر والعوامل المثبّتة لأيّ اتفاق فلسطيني «إسرائيلي»، يمكن أن يبصر النور في مرحلة حساسة لا بل دقيقة جداً من عمر الأزمة، والصراع العربي ـ «الاسرائيلي».
ما تقدَّم، يؤكد من حيث المتابعة العسكرية، على مراحل تصعيد مقبلة أحد أبرز عناوينها الميدانية كسر النمطية العسكرية المتبعة، وهذا يتوقف على السلوك الاسرائيلي العام، وكيفية تعاطي «كيان الاحتلال» الذي بات يتأرجح ما بين خيار التعايش مع قواعد اشتباك إقليمية جديدة، غير ضامنة اليوم لمستقبل «إسرائيل» العسكري كما السياسي والاقتصادي، وبين خيار المواجهة، الذي يضع «إسرائيل» على مسار الانتحار العسكري، ونهاية الكيان.
حملت مواقف السيد نصر الله، تأكيداً إضافياً على عناوين استراتيجية عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر.
ـ كسر «النمطية العسكرية» في أيّ حرب أو معركة مقبلة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، من خلال «الصواريخ البالستية»، وتلك معادلة مفروغ منها، وما سبق عملية الردّ من كشف ممنهج لـ «منشأة عماد 4»، وأيضاً «الهدهد 1 و 2 و 3»، يصبّ عسكرياً وحتى أمنياً في هذا الإطار، وهنا تجدر الاشارة إلى أنّ ردّ المقاومة ارتبط بمعادلات ردع استراتيجية، كرّست حقائق ميدانية عديدة من بينها قدرة الاختراق ونهاية ما كان يعرف بعصر القوة الاسرائيلية.
عملية الردّ انتهت، والانتقال الاسرائيلي السريع من التهديد والوعيد الذي رافق استراتيجية تحريف الوقائع إلى الإعلان المبكر عن إنهاء حالة الطوارئ والتركيز على «حرب غزة»، أفقدَ بنيامين نتنياهو الكثير، ومعه كيان وجيش الانهزام «الاسرائيلي».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى