التجديد لليونيفيل والصراع على التعديلات
– لطالما كانت الحركة الدبلوماسية في مجلس الأمن الدولي منصة تتيح قياس درجة التوتر الأميركي لفرض معادلات جديدة على ساحات الاشتباك التي تواجهها واشنطن على مساحة العالم، وفرصة لقياس القراءة الأميركية لموازين القوى التي تحكم العلاقة مع الخصوم في هذه الساحات، ولطالما كانت مناسبة التجديد السنوي لتفويض قوات اليونيفيل في جنوب لبنان تعبيراً نموذجياً عن هذين البعدين الدبلوماسيين.
– في كل مرّة كان يقترب معها موعد انتهاء مدة تفويض اليونيفيل كان الأميركي يبدأ بالترويج لتعديلات يريد إدخالها على التفويض بمناسبة التجديد، وصولاً إلى حد اعتبارها شروطاً للتجديد ملوّحاً بفرضية عدم التجديد، وغالباً كان يصطفّ وراءه كل ما يُسمّى بدول الغرب الجماعي وتتولى فرنسا الدور القيادي في طرح التعديلات، باعتبارها صاحبة الخصوصيّة في العلاقة مع لبنان.
– وجهة التعديلات كانت دائماً تعزيز صلاحيات اليونيفيل بالاستقلال عن الجيش اللبناني والاقتراب ما أمكن من صلاحيات تشبه تلك التي يمنحها الفصل السابع، وحجم الضغط لفرضها غالباً ما كان يعكس القراءة الأميركية لموازين القوى بين الاحتلال وقوى المقاومة، مع عامل الترجيح الذي توفره السطوة الأميركية في مجلس الأمن.
– هذا العام كان مختلفاً، رغم أن الهمس بالحاجة للتعديل لم يغب عن المشهد، لكنه بقي همساً وأقرب لرفع العتب منه الى جس النبض، وكانت فرنسا حامل التفويض والملف هي المؤشر، فهذه المرّة بخلاف المرات السابقة كانت فرنسا أقرب للتجديد دون تعديل التفويض، وهو ما كان يطلبه لبنان.
– الرغبة برؤية قوات اليونيفيل بعدد مضاعف وصلاحيات مفتوحة للتحرك والتفتيش واقتحام الأماكن، والبحث عن الأسلحة في الوديان وبطون الجبال، كانت حاضرة دائماً، وبصوت مرتفع باعتبارها الترجمة الملموسة للقرار 1701 دون التطرّق بغير الكلام الهامشي عن الخروق الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، لكن هذه المرة كان الصوت همساً.
– تم التجديد لليونيفيل بسرعة، ودون مناقشة أكثر من المسودة الخاصة بالتجديد دون تعديل، وقد تمّ هذا بعد ثلاثة أيام من رد المقاومة في لبنان على الانتهاك الذي قام به الكيان بالاعتداء على الضاحية الجنوبية واغتيال أحد قادة المقاومة، ولعل ما جرى في مجلس الأمن كان أول ثمار رد المقاومة، كما هو أول دليل على أن الردّ كان فعالاً.
التعليق السياسي