مقالات وآراء

الإمام الصدر في ذكرى تغييبه: استشراف مبكّر لمقاومة منتصرة

أحمد بهجة

نستذكر دائماً الإمام المغيّب السيد موسى الصدر، ليس فقط في ذكرى تغييبه في 31 آب 1978 مع رفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، نستذكره لأنّه شخصية استثنائية وقامة وطنية وروحية وإسلامية كبيرة جداً، وهو تميّز على الدوام بقدرته على استشراف الآتي من الأحداث والتطورات بناء على رؤية صائبة ودقيقة.
ها نحن اليوم بعد 46 عاماً نستعيد مواقف السيد موسى الصدر من كلّ القضايا، لا سيما من القضية المركزية، وهي قضية الوجود والكرامة في مواجهة الشرّ المطلق الذي يمثله قيام كيان سرطاني على أرض فلسطين وما له من مطامع توسعية في لبنان والوطن العربي.
أعطى السيد موسى هذه القضية الاهتمام الأكبر، وحين كان يُركز على ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية بكلّ وجوهها والتصدّي للفتنة التي كانت تغذيها الأيادي الخارجية، وحين كان يُتابع عن كثب القضايا الاجتماعية والاقتصادية وأوّلها إنصاف الطبقات الفقيرة، إنما كان يريد جعل المجتمع أكثر صلابة وقدرة على خوض المواجهة والانتصار فيها.
وهذا بالضبط ما فعله تلامذته وأبناؤه في حركة أمل وحزب الله، ومعهم كلّ من آمن بأنّ هذا العدو لا يفهم إلا لغة القوة، حيث نشهد اليوم بركات هذه الإنجازات، ونعيش زمن الانتصارات بعدما ولّى زمن الهزائم إلى غير رجعة، وكلّ ذلك بفضل تضحيات الشهداء وآلام الجرحى وعذابات المنكوبين من أهلنا في فلسطين وصبر أهلنا في جنوب لبنان، والاستعداد اللافت للبذل والتضحية لأنّ الثقة بالقيادة تامة ومطلقة على كلّ المستويات، خاصة أنّ مقاومتنا المظفّرة باتت لها اليد العليا، وهذا أمر تحقق تدريجياً منذ الانطلاقة مروراً بكلّ المحطات الأساسية في هذه المسيرة المضيئة التي أجبرت جيش الاحتلال “الإسرائيلي” على الاندحار أولاً من عاصمتنا بيروت ثمّ من الجبل وشرق صيدا وجزين، وبعد ذلك التحرير الكبير عام 2000 ثمّ الانتصار الكبير عام 2006، وصولاً إلى اليوم حيث يتعملق أبطال المقاومة ويمنعون العدو “الإسرائيلي” من تحقيق أيّ هدف من أهدافه العدوانية، ويردّون له الصاع صاعين كما حصل في الردّ الأخير الذي صبّت فيه المُسيّرات الميمونة فوق رؤوس قادة وضباط الاستخبارات العسكرية “الإسرائيلية” في قاعدة “غليلوت” قرب “تل أبيب”، والتي من المفترض أن تحمي غيرها من القواعد وتخبرهم مسبقاً بأيّ تهديد قد يتعرّضون له.
وإذا كان من الضروري التنويه بأهمية ما حققه الردّ على الصعُد العسكرية والإعلامية والشعبية، فإنّ ما يجب لفت النظر إليه هو أنّ مقاومتنا تفوّقت أيضاً في حرب العقول والأدمغة، وها هي المُسيّرات تعبُر وتصل إلى أهدافها في عزّ استنفار العدو وأجهزته وراداراته وقبَبه الحديدية ومعه كلّ ما في الدنيا من تكنولوجيا وتقنيات وخبرات…
وختاماً نقول إنّ النظرة التفاؤلية التي أسّس من خلالها الإمام الصدر مسيرة المقاومة، هي في مكانها الصحيح، وها هو البناء المُستدام يزداد صلابة ومتانة يوماً بعد يوم، والمقاومة منتصرة على الدوام، و”إسرائيل” إلى زوال بإذن الله…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى