دبوس
الحرذون
احتجاجاتنا على أولئك المتطرفين في أوروبا وأميركا، والذين يقومون بحرق القرآن الكريم في مشاهد تكرّرت كثيراً في العقد الفائت من الزمن، كانت تقوم على أساس أن تلك الحكومات التي ينتمي اليها هؤلاء المتطرّفون لم تقم بما يكفي لمنعهم من ذلك، وانّ ذلك التقاعس يستدعي منا الشجب والاستنكار بسبب ذلك الموقف المتخاذل والمتواطئ إزاء امتهان ديننا والسماح لبعض الغلاة المارقين بحرق قرآننا من دون تحرّك من قبل هذه الحكومات لمنع ذلك،
ممتاز… ما هو موقف حكوماتنا العتيدة، وكذلك شعوبنا التي تقول إنها مسلمة، وإنّ الإيمان تطفح به قلوبهم عندما يُحرَق القرآن في مساجدنا في غزة على أيدي جنود الكيان الساقط؟ وما هو موقفهم أيضاً من الانتهاكات اليومية لأولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين الموجود على أرضنا وفي بلادنا، وفي قدس أقداسنا؟
في فلسطين يكثر واحد من أنواع الزواحف، يُدعى الحرذون، كنا ونحن صغاراً في طولكرم، نجلس ونراقبه وهو واقف على قمة الصخرة بهدوء ومن دون جلبة، يرفع رأسه ويخفضه بطريقة متتالية، وبإيقاع منتظم، وكنا حينما نريد ان نتهكّم على شخص نعرف أنه فاسد، ولكنه يصلي في المساجد، نقول له، صلّي صلاتك يا حرذون، أيّ أنك لا تحمل في جوفك شيئاً من الإيمان، وكلّ الذي تفعله أنك تقوم وتقعد وترفع وتخفض رأسك بلا إيمان، تماماً كالحرذون،
ماذا تبقّى لهذه الأمة من دينها حينما تعطي ظهرها لأطفال غزة وهم يُذبحون، وتُقطع أوصالهم، وتلملم أشلاؤهم المبعثرة؟ قولوا أسلمنا ولا تقولوا آمنّا…
قيل إننا كنا خير أمة أخرجت للناس، فهل ما زلنا كذلك، ناموا ولا تستيقظوا، ما فاز إلّا النوم…
سميح التايه