«إسرائيل» على صفيح ساخن…
رنا العفيف
زلزال مدني يضرب تل أبيب حيال عودة ستة جثث للأسرى «الإسرائيليين»، فهل عودة الجثث الستة بالأمس ستكون نقطة تحوّل في الداخل «الإسرائيلي؟
انتكاسات تتوالى على الكيان واحدة تلو الأخرى، وافتقار «إسرائيلي» لأيّ صورة نصر وزيادة في الغموض بشأن مسارات الحرب، على أنّ البارز بالأمس الإضراب الشامل، هكذا عنونت صحيفة «وول ستريت جورنال»، مشهد الاحتجاجات والإضراب الذي رآه العالم بالأمس في تل أبيب على خلفية العثور على ست جثث لأسرى «إسرائيليين» في رفح ما أدّى إلى احتدام كبير في العصيان المدني في ظلّ توجيه أصابع الإتهام إلى بنيامين نتنياهو وحكومته بالمسؤولية عن مقتل الأسرى «الإسرائيليين»، حيث أعلن جيش الاحتلال استعادة الجثث خمسة منهم كانت أسماؤهم مدرجة في صفقة محتملة مع حماس، ولكن أبى أن يشتعل عود الثقاب ضدّ سياسة الحكومة «الإسرائيلية»، لتنطلق شرارة الغضب العارمة في الشوارع وإضرابات في المرافق كلها، بالإضافة إلى وقع التباين والخلافات بين نتنياهو ووزير أمنه يوآف غالانت على المستويين الأمني والسياسي بشأن أحداث الحرب وكيفية تحقيقها حيال البقاء في محور فلادليفيا والتوصل إلى صفقة حتى ارتفعت أصوات الخبراء «الإسرائيليين» وحذروا من الظروف القاسية والمحرجة التي تسير نحو الهاوية بخطوات متسارعة.
إذاً هي مظاهرات ضدّ حكومة نتنياهو وإضراب شامل في شوارع تل أبيب تعم الكيان على خلفية مقتل الأسرى «الإسرائيليين»، أدى إلى تحرّكات غير مسبوقة توحي بأنّ «إسرائيل» على صفيح ساخن، فنبأ العثور على ست جثث كان بالنسبة لـ «الإسرائيلي» صدمة كبيرة، إذ كان بالإمكان إطلاق هؤلاء الأسرى أحياء في حال كان هناك إتمام لهذه الصفقة،
لكن الصدمة لدى الرأي العام في كيان العدو، أدّت إلى ارتفاع منسوب وتيرة الغضب في الأصوات التي تطالب بعصيان مدني بشكل كبير، وهذه أول مرة نشهد فيها مثل هذا الإضراب الكبير والشامل في تل أبيب، ويُعدّ الأكبر منذ أكثر من عام تقريباً من حيث الأعداد، وهنا نتحدث عن تل أبيب التي تجاوزت أعدادها أعداد المظاهرات التي سبقتها عندما كان المتظاهرون يرفضون الانقلاب القضائي الذي فرضه نتنياهو لصالح المتطرفين وحكومته المسيطرة على مرافق الدولة بهدف إسقاط المحكمة العليا، وبالتالي هذا الإضراب الشامل يُعتبر حرفياً بمثابة اختبار يضع نتنياهو في أزمة حقيقية كبيرة تحشره في الزاوية في حال نجحت على اعتبار أنّ مظاهرات كبيرة بهذا الحجم قد تسقط حكومة نتنياهو وإلا سيخرج نتنياهو أقوى، وهنا نتحدث عن معطى هامّ له ارتدادات سياسية وأمنية تهزّ أركان الكيان لطالما هناك عوامل سلبية كثيرة قد تكون فاعلة وضاغطة على نتنياهو فهل بنيامين نتنياهو يجيد اللعب على أسقف التحكم بشكل أو بآخر؟
بكلّ تأكيد الكيان يعيش أزمة كبيرة تصفع نتنياهو على وجهه وبالأخص حكومته إذ يراهنون على أكثر من نقطة ومنها ربما إنشاء لجنة للتحقيق في عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر خاصة أنّ لدى خبراء ومحللين في الشأن العسكري «الإسرائيلي» معلومات تفضي بأنّ نتنياهو يخفي الكثير من المعلومات على المستوى السياسي والعسكري وهو المسؤول عن إعطاء الأوامر لجيش الاحتلال بقتل الأسرى، ومن ضمن المعلومات التي بحوزة الخبراء أنّ جهاز «الموساد» و»الشاباك» ورئيس أركان الجيش «الإسرائيلي» أخبروا نتنياهو أنّ أمراً خطيراً يحصل في غزة لكن نتنياهو لم يهتمّ لهذا قبل بدأ عملية طوفان الأقصى، الأمر الذي أثار الشكوك حول نتنياهو ليتثنى في ذلك لجنة تحقيق بهذا الشأن وهذا ما يخشاه في حقيقة الأمر وفي حال تمّ فسيلاحق نتنياهو وقد يضطر للاستقالة ما لم يتمّ فرض عقوبات ويحاكم، أيضاً لا ننسى في خضمّ هذا السياق أنّ نتنياهو ملاحق قضائياً بتهمة الفساد ولدى بدء المعركة في غزة طلب تجميد محاكمته حتى إشعار آخر، وبالتالي هو لا يريد إيقاف الحرب لأنّ في ذلك عواقب وخيمة له ويلعب لعبة المطاردة التي ستحكم عليه بالسجن في نهاية المطاف، أيضاً هناك نقطة لافتة من ضمن أطر المراهنات نتنياهو يقامر على انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يعتبر حليفا استراتيجيا له ويستطيع مساعدته حتى ولو كلف ذلك خسائر باهظة لـ «إسرائيل»، أي ولو احتاجت «إسرائيل» إلى دعم بالأسلحة سواء أو بغير ذلك، فذلك يعني له الكثير لناحية تغيّر ما في ميزان القوى التي ستتحوّل لمصلحته مع وصول ترامب لسدة الحكم وعليه نتنياهو اليوم يعيش أوضاع مأساوية ويغرق في تعميق الأوضاع والإنقسامات الداخلية خاصة على المستوى الاقتصادي وهذا له انعكاسات كبيرة.