المرأة العربية قادرة على تحصيل حقوقها و»أهل مكة أدرى بشعابها»
سارة طالب السهيل
حقوق المرأة العربية محفوظة بعيداً عن المتطفلين، ولها جنود يدافعون عنها، ويطالبون بحقوقها، ولم تقطع أيدينا، ولن تكفّ ألسنتنا بعد، حتى يعلّمنا الغير واجباتنا وتحصيل حقوقنا. فنحن لسنا غير أكفاء، نعرف ما نريد ولا يتذاكى علينا أحد.
حقوق المرأة العربية جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، وهذه الحقوق مكفولة بالشرائع السماوية خاصة الإسلامية التي كفلت لها كافة الحقوق من العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات، وصون كرامتها وحقّها في المسكن والمأكل والمشرب والعلاج، وحق التعليم والعمل والميراث في الأجور والحق في الحماية والأمن والتقاضي وغيرها.
وقد كفل الخالق العظيم للمرأة من يدافع عن حقوقها في عالمنا العربي من البرلمانيين والمشرّعين والقانونيين والحقوقيين والكتّاب الشرفاء من الذكور والإناث والناشطات الحقوقيات وغيرهم ممن يبذلون جهوداً جبّارة لصون حقوق المرأة العربية وتفعيلها ورفع الظلم الذي قد يقع عليها بفعل بعض الموروثات الثقافية والقروية، وأيضاً رفع ما تعانيه بعض النساء العربيات من التحديات التي تعيق نهوضهنَّ وتحقيق طموحاتهنَّ العلمية والعملية من اضطهاد بالعمل وعدم مساواتهنَّ بالرجل في الأجور والترقيات، وأيضاً التمييز في المنزل.
شاطرت المرأة العربية الرجل حركات النضال الوطني ضدّ المستعمر والنفوذ الأجنبي منذ عشرينيات القرن الماضي، بل وقبل هذا بكثير عبر التاريخ، وناضلنَ أيضاً من أجل العدالة والتمتُّع بحقوقهنَّ الاجتماعية والثقافية والإقتصادية.
وأثمرت جهودهنَّ النضالية في تحقق مكاسب كبيرة عن طريق التوسع في التعليم وبلوغهنَّ أرقى المستويات العلمية خاصة في حقبتي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي حيث تعمّقت النظرة الإيجابية تجاه المرأة في الكثير من الدول العربية، فوجدناها معلمة ومهندسة ووزيرة وعالمة وطبيبة ومفكرة وأديبة وبرلمانية وخبيرة اقتصادية وقائدة طيران،
غير أنّ صعود حركات الإسلام السياسي المتطرفة مثل «القاعدة» و»داعش» وغيرهما، أخذت أوضاع المرأة العربية تتراجع بفعل أصحاب هذا الفكر المتشدّد ونظرتهم الدونية بحق المرأة، والتي حاولت عزلها عن دورها الاجتماعي والعلمي والثقافي، وجعلها حبيسة المنزل، والقبول بكلّ أشكال القهر الأُسَري والاجتماعي، نظير الإنفاق عليها وإطعامها… وطبعاً هذا ما يخالف شرع الله من حقوق المرأة في الديانة الإسلامية وكلّ الديانات السماوية.
معظم النساء العربيات رفضنَ هذا الفكر، وناهضناه بمواصلة العمل بأجرٍ غير عادل، والاجتهاد في الدراسة والتعلّم ومواصلة الإبداع الفكري والفني وسط عراقيل وتحديات شديدة الصعوبة، وكأنها تعيد بناء نفسها مجدّداً لكي تثبت حضورها في المشهد العربي، وصمودها وسط هذه التحديات، ومثابرتها جعلتها نائبة برلمانية ووزيرة وجندية مقاتلة دفاعاً عن وطنها.
والطريق أمام المرأة للحصول على حقوقها كاملة مع الرجل غير منقوصة لا يزال مفتوحاً لمناهضة ما تعانيه من التميّيز والقمع والعنف الأُسَري والاجتماعي والتحرُّش وعنف النزاعات المسلحة.
والتميّيز بحقوق المرأة العربية من خلال بعض المفاهيم الخاطئة التي تربط بين حقوق المرأة المشروعة وبين الإنحلال الذي لا تقبله المرأة الشريفة نفسها، بل إنّ إقرار حقوق المرأة يمثّل أعمالاً للشريعة وللسنة المحمدية مصداقاً لوصية رسول الله قوله: «استوصوا بالنساء خيراً، فإنهنَّ عوان عندكم»، وقوله: »إنما النساء شقائق الرجال» والذي يؤكد أنّ النساء هن نظيرات الرجال في الأحكام والحقوق والواجبات.
وهذا التفعيل لحقوق المرأة مرهون بنشر الوعي الاجتماعي وبضرورة مشاركة المرأة مع الرجل للنهوض بأوطانهما سياسياً واقتصادياً وعلمياً وثقافياً.
يحفل عالمنا العربي بالعديد من المنظمات والمؤسسات التي تنتصر لحقوق المرأة والنضال من أجل رفع الظلم عنها، مثل منظمة المرأة العربية، والوثيقة العربية لحقوق المرأة التي أقرَّها مجلس النواب العربي كأول تشريع يسنّه لتكون إطاراً تشريعياً ومرجعاً عربياً في سَنّ القوانين الخاصة بالمرأة. وجمعية النساء العربيات في الأردن وجمعية الأمل العراقية وجمعية المرأة العُمانية في سلطنة عُمان.
هذه الجهود المؤسساتية تتضافر مع جهود النشطاء الحقوقيين في عالمنا العربي، والكتّاب والكاتبات المؤمنين والمؤمنات بحقوق المرأة التي هي جزء أصيل من حقوق الإنسان.
وعلى ما تحقق للمرأة العربية من إنجازات حقوقية من خلال المبادرات المؤسساتية أو الفردية والتشريعات القانونية، غير أنّ هناك الكثير من القوانين التي تحتاج إلى التعديل في ما يخصّ حقوق المرأة، مثل قوانين الأحوال الشخصية التي تتضمّن نصوصاً تعوق حقوق المرأة ومساواتها بالرجل على اختلاف دولنا العربية.
إلا أنه أولاً وأخيراً المرأة العربية لها جنودها من النساء العربيات والرجال الذين يساندون شقيقاتهم السيدات العربيات أو الشرق أوسطيات، ونحن الشرقيون لنا خصائص وخصوصيات في منطقتنا تنسجم مع القيم الأخلاقية والدينية والتربوية والثقافية والاجتماعية والإنسانية الخاصة بنا.
فمن الصعب فهم طبيعة مجتمعاتنا والغوص في تفاصيلها إلا (منّا وفينا).
وتجنّباً لدسّ السموم في العسل فـ «أهل مكّة أدرى بشعابها».
ونحن لدينا الكفاءات البشرية في كلّ المجالات وللمرأة العربية من يدافع عنها بما يتناسب مع خصوصية الأسرة العربية وترابطها وتماسكها بعيداً عن التفكك الذي يعانيه من نادى به سابقاً، وهي أيضاً قادرة على الدفاع عن نفسها وتحصيل حقوقها.