واشنطن ليست وسيطاً
قُتلَ الأسير المزدوج الجنسية الأميركية والإسرائيلية، هيرش غولدبرغ بولن، فسارعت واشنطن الى تحميل حركة حماس مسؤولية مقتله وقال الرئيس الأميركي جو بايدن فوراً وخلال لحظات بعد انتشار نبأ العثور على الأسرى الإسرائيليين قتلى إن حماس ستدفع ثمن قتل مواطن أميركي، رغم أن حركة حماس قالت إن جيش الاحتلال هو المسؤول عن قتلهم، سواء بالقصف أو تبادل إطلاق النار خلال هجوم بذريعة استعادتهم.
بالأمس قُتلتْ مواطنة أميركية من أصل تركي هي عائشة نور إزكي إيغي، بصورة لا لبس فيها، برصاص جيش الاحتلال عندما كانت ضمن مظاهرة سلمية في نابلس، فاكتفى البيت الأبيض بإبداء انزعاجه وقلقه وطلب التحقيق الإسرائيلي بالحادث.
رغم ذلك تزعم واشنطن أنها وسيط صالح للنظر بعين نزيهة في الحرب الدائرة في غزة، فيما لا يتوانى المسؤولون الأميركيون عن التحدث بلغة مضمونها تأييد الحرب التي يشنها جيش الاحتلال ويقتل فيها الأطفال والنساء، ولا تخجل واشنطن من تهديد قضاة المحاكم الدولية إن تجرأوا على اتخاذ أي خطوة تزعج كيان الاحتلال، ولا تخجل واشنطن من كونها المصدر الرئيسي للمال والسلاح اللذين تخوض بهما قوات الاحتلال حربها وما فيها من جرائم يتحدّث عنها كل العالم وتنكرها واشنطن.
قبل أيام قالت واشنطن إنها تُعدّ تصوراً لحل قضايا الخلاف في مشروع اتفاق حول غزة، وإنه آخر محاولة، وعندما سئل الأميركيون وماذا سوف يفعلون إذا لم تنجح المحاولة قالوا إنهم يدرسون إعلان إنهاء الوساطة، فصار السؤال هل يجب أن يقلق الفلسطينيون والعرب من انسحاب واشنطن كوسيط؟
خلال حرب تموز 2006 لم تكن واشنطن تقوم بوساطة، وكانت المفاوضات تدور حول مضمون قرار يصدر عن مجلس الأمن ينهي الحرب، وعندما صار الكيان عاجزاً عن مواصلة الحرب قبل بصدور قرار لا يتضمن شروطه ومطالبه، وها هو الكيان لأنه لم ينضج لإنهاء الحرب، ولم تقتنع قيادته بعد بعجزها عن مواصلة الحرب فهي لا تستجيب حتى للوساطة الأميركية.
أليس من الأفضل للفلسطينيين أن تنهي واشنطن وساطتها وأن ينتقل الأمر الى مجلس الأمن الدولي كما جرى عام 2006، حيث موازين القوى أشد توازناً، وحيث النصوص أقل عرضة للتلاعب؟
قد لا يكون سهلاً أن يطلب الفلسطينيون إنهاء الوساطة الأميركية لكن إن حدث ذلك فلن يحزنوا ولن يكونوا هم مَن يخسر.
التعليق السياسي