ثقافة وفنون

«المبرات» نظّمت مؤتمرها التربويّ الـ 33 / حجار: علينا بناء مجتمع أساسه العلم وحدوده المعرفة

نظمت جمعية «المبرات» الخيرية اليوم الرئيسي للمؤتمر التربوي الثالث والثلاثين بعنوان: «التربية الشخصية والقيم في قلب التعلم: مدخل إلى المواطنة الصالحة» في قاعة الزهراء، الملحقة بمجمع الإمامين الحسنين في حارة حريك، برعاية وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال الدكتور هكتور الحجار، وحضور المدير العام للمبرات الدكتور محمد باقر فضل الله، ممثلين عن مؤسسات تربوية ومراكز ثقافية، رؤساء بلديات، فاعليات تربوية واجتماعية وأكاديمية ودينية، مديري المؤسسات التعليمية والرعائية في المبرات، مديري الدوائر والأقسام في الإدارة العامة للجمعية وحشد من تربويي «المبرات» من مختلف المؤسسات المنتشرة في لبنان.
قدّم فعاليات المؤتمر، مدير معهد «علي الأكبر» المهني والتقني وعضو لجنة المؤتمر غسان وهبي، تلت ذلك مقتطفات مصوّرة للمؤسس المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله بعنوان «القدوة أقوى من الكلمة».

الحجار
ثم ألقى الوزير الحجار كلمة قال فيها: «جلّ ما نحتاجه اليوم تضافر جهودنا ودعم مؤسساتنا التي نفتخر بتضحياتها وعملها وتقديماتها. وهنا أسمى مشاعر العرفان والتقدير نقدّمها لجمعية المبرات الخيرية التي لم تبخل يوماً بالعطاء ولم تألُ جهداً في التربية والرعاية».
وأضاف: «إنني إذ أقدر جهود المعلمين والإداريين، أدعو الجميع إلى التعلّم المستمرّ واعتماد نهج التعلم الدائم الذي يطور عقولنا بما ينتجه في نفسنا ومجتمعنا ويساهم في بناء مجتمع أساسه العلم وحدوده المعرفة».
وقال: «لن ننظر لما خسرنا، بل ننظر لما ينتظرنا وينتظر بنونا من نجاح وإبداع وتطور، ننظر لعظمة التضحيات، وندعو الله أن يمنّ علينا بأيام تحمل السلم والسلام ويساعدنا على توطيد انتمائنا والدفاع عنه ما حيينا».

فضل الله
ثم تحدّث المدير العام للمبرات فقال: «نبدأ مؤتمرنا الثالث والثلاثين بعنوان «التربية الشخصية والقيم في قلب التعلم: مدخل إلى المواطنة الصالحة»، ففي كل عام نختار عنواناً جديداً للمؤتمر يعكس التحديات والاحتياجات الراهنة في نظامنا التربوي التعليمي خصوصاً بما ينعكس على المجتمع عموماً».
أضاف: «إن مهمتنا اليوم، بعد كل الأزمات التي شهدناها وما زلنا نشهدها، هي ضبط بوصلة عملنا، كمؤسسات وقادة تربويين ومعلمين ومربين على التربية الشخصية والقيم، ومراجعة ما نقوم به من سياسات وبرامج وأنشطة بناء عليها، وقبل كل ذلك مراجعة النموذج الإيجابي الذي نقدّمه لأبنائنا وتلامذتنا والذي ينبغي أن نتمثله كتربويين في سلوكيّاتنا. لذلك فإن من أولى مهام التربية الشخصية في المؤسسات التربوية، هي مواجهة التحدّيات القيميّة التي تجتاح عالمنا اليوم، ومواجهتها معرفياً وفكرياً وإيمانياً من خلال تقديم النماذج الإيجابيّة في فضاءات المؤسسات التربوية».
تابع: «علينا في مؤسسات المبرات التربوية: إدارات، إدارات حلقات، منسقين ومعلمين أن نبقى مواكبين للمستجدات في المناهج والمشاركة في ورش الإعداد والتأليف حيث يُطلب، ونحن على استعداد لتقديم أي مساعدة لإنجاح هذا الإنجاز الوطني الهام والذي نحن بأمسّ الحاجة إليه بعد مرور 27 عاماً على المناهج الأخيرة».
وتحدّث عن أثر التحوّل الرقمي على المؤسسات التربوية قائلًا: «التحوّل الرقمي يمثل تغييراً جذرياً في طبيعة التعليم وآلياته. في حين أنه يقدّم فرصاً هائلة لتحسين التعليم وتطوير مهارات جديدة، فإنه يجلب معه أيضاً تحديات كبيرة على صعيد بناء الشخصية المتوازنة. إن النجاح في هذا العصر الرقمي الجديد يتطلب توازناً دقيقاً بين استغلال إمكانات التكنولوجيا والحفاظ على القيم الأساسية للتعليم والتنمية الشخصية، وذلك من خلال التخطيط الدقيق والتنفيذ المدروس، بحيث يمكن للتحول الرقمي أن يكون مدخلاً إلى المواطنة الرقمية الصالحة والتأثير في التربية الشخصية والقيم في قلب كل من المتعلمين والمعلمين».
وعن العلاقة بين المؤسسة التربوية والأهل: «يُعدّ ترسيخ القيم وبناء الشخصية من أهم الأهداف التربوية التي يسعى إليها الأهل والمؤسسات التربوية على حد سواء. هذه العملية تتطلب تضافر الجهود بين الطرفين، فالقيم التي تعتبر العمود الفقري الذي تبنى عليه الشخصية تتعرّض اليوم للاهتزاز بفعل العالم الرقمي والافتراضي المفتوح على كل الخيارات، الذي يمتلك الكثير من المقوّمات وعوامل الجذب بحيث يصعب السيطرة على المحتوى الذي يتعرّض له التلاميذ، بخاصة الذين يواجهون مستويات غير مسبوقة من القلق والتوتر مما يؤكد الحاجة إلى قوة روحية ومرونة وصلابة للتعامل مع كل هذا الضخ».
أضاف: «تحدّ آخر هو تنوع الخلفيات الثقافية للتلامذة بما يجعل من الصعب تلبية احتياجات الجميع والموازنة بين الهوية الثقافية والانفتاح على الآخر. وإن أهم عامل ومجال يبني شخصية الفرد هو الأسرة. وهناك أنماط ثلاثة من التفاعل بين المدرسة والأهل: الأهل كجمهور والأهل كمستفيدين والأهل كشركاء. ونحن في مؤسسات المبرات نتطلع إلى تعميق روح المشاركة مع الأهل في بناء الشخصية وترسيخ القيم، مما يتطلّب تعاوناً وثيقاً بين الأهل والمدرسة على مختلف الصعد».
وتطرّق في ختام كلمته إلى وضع الإرشاد الديني في المؤسسات بالقول: «في عصر العولمة والتقدّم التكنولوجي السريع، نواجه في عملية الإرشاد الديني للتلامذة تحديات جديدة تفرض على المربين والمرشدين الدينيين التكيّف مع عالم متغير تتنافس فيه مصادر المعلومات على استحواذ اهتمام الشباب. ومن هنا أهمية النموذج القدوة في التعامل مع عصر الرقمنة والتطور التقنيّ السريع بتطوير أساليب مبتكرة لجعل الإرشاد الديني أكثر جاذبية وملاءمة لحياة التلامذة اليومية».
واختتم اليوم الرئيسي للمؤتمر بندوة علمية بعنوان «التربية الشخصية في التعلم: من الرؤية إلى التطبيق» تحدّث خلالها البروفسور الفخري في قسم التربية والتعليم في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور مراد جرداق، بروفسور التربية الشخصية في جامعة ميسوري سانت لويس في الولايات المتحدة الدكتورة مارفين بيركويتس، والبروفسور في قسم الأسس الفلسفية والاجتماعية للتربية في جامعة طهران الدكتور خسرو باقري.
وعُرِض خلال المؤتمر مقطع فيديو عن إنجازات طلاب المبرات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى