توقيف سلامة ليس من فراغ…
عمر عبد القادر غندور*
نجح حاكم مصرف لبنان السابق “القيصر” رياض سلامة وعلى مدى ثلاثة عشر شهراً في أن يكون خارج المساءلة رغم ضخامة كارثة المودعين الذين خسروا جنى أعمارهم! ونجح أيضاً في الإفلات من ملاحقة العديد من المصارف والدول الأوروبية.
أما المفاجأة السارة فقد جاءت من غير “ميعاد” حين أوقف مدعي عام التمييز بالإنابة القاضي جمال الحجار حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة بعد الاستماع اليه في ملف شركة “أوبتيموم” والمستفيدين من حسابات “بدعة” الاستشارات في المصرف المركزي؟ وهو الحساب الذي أخفاه سلامة عن مسرح العمليات غير الشرعية التي أجراها على مدى فترة “حاكميته الطويلة”! وعندما طالبته شركة التدقيق الجنائي “ألفاريز أند مارسال” بتزويدها بمعلومات عن المستفيدين النهائيين من التحويلات المالية التي جرت عبر هذا الحساب والتي تجاوزت قيمتها 111 مليون دولار بين عامي 2015 و 2020 والتي عمل فيها المصرف مع شركة “أوبتيموم” قال سلامة خلال استجوابه انّ هذا الحساب هو من خارج ميزانية المصرف المركزي!
وللإنصاف نذكر انّ الحاكم للمصرف المركزي بالإنابة وسيم منصوري بالتشاور مع الدائرة القانونية في المصرف المركزي أرسل الى القاضي الحجار قبل أسبوعين كلّ الداتا المتعلقة بحساب “الاستشارات” الملغوم؟
وهو الملف عينه الذي كانت القاضية غادة عون قد باشرت به قبل ان يُسحب منها، ومع ذلك وجهت خلال أسبوعين كتابين تطلب فيهما معلومات عن هذا الحساب الذي يكشف أسماء المستفيدين من الأرباح الوهمية التي نتجت عن عمليات بيع سندات خزينة وشهادات إيداع وعمليات مماثلة يجري بيعها قبل الظهر وشراؤها بعد الظهر بين المحظيّين، بينما أصحاب الودائع يعيشون أبشع حالات الذلّ والبهدلة والاحتقار على أبواب المصارف الناهبة.
وفي المعلومات انّ الحاكم بالإنابة منصوري أرسل المعلومات التي وضع يده عليها الى القاضي الحجار وليس إلى القاضية عون امتثالاً لقرار المدعي العام التمييزي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي بكفّ يدها عن الملف!
ويبقى السؤال الذي يحتاج أجوبة غير تقليدية بحالة تجاذب وتداعيات واحتمالات تتصدّر الاهتمامات على نحو جعل الاعتداءات على الجنوب في الدرجة الثانية؟ وهل “حاكمية” رياض سلامة لثلاثة عقود باتت من الماضي ولم تعد “خطاً أحمر”؟ بانتظار الأيام المقبلة؟ وهل ستبقى التحقيقات تتمحور حول “نزيل” السجن الذي نزل فيه رياض سلامة على سطح المقرّ الرسمي لمديرية قوى الأمن الداخلي، دون سياسيين تربطهم برياض سلامة مصالح مالية وسياسية ومصرفية؟ وانّ اللعبة ستقف عند هذا الحدّ؟
ثمة من يطالب بمحاكمة رياض سلامة وفتح كلّ ملفاته التي بدّدت أموال المودعين بالتكافل والتضامن مع مافيا المصارف مروراً بملفي شركتي “فوري” و “أوبتيموم” وجرائم الاختلاس وتبييض الأموال والثراء غير المشروع وجعل أصحاب الودائع شحادين على أبواب المصارف الناهبة !!
وفي المعلومات انّ جهودا تبذل لتحويل 42 مليون دولار من حسابات الاستشارات المزعومة في مصرف لبنان وانّ 111 مليون دولار التي كشفتها شركة التدقيق الجنائي “ألفاريز أند مارسال” وهو الحساب الذي رفض الموقوف رياض سلامة كشف التحويلات التي حصلت منه بذريعة أنه من خارج ميزانية المصرف، بينما أموال المودعين المسروقة تبلغ أكثر من ٧٢ مليار دولار! واتضح من تقرير “ألفاريز أند مارسال” انّ المبلغ هو جزء من عمليات وتحويلات أكبر… ولن نخوض اكثر في الفضائح ونترك للتحقيقات تبيان الأمور.
وسألنا زميلنا المستشار القانوني في اللقاء الإسلامي الوحدوي المحامي الدكتور قاسم حدرج عن رأيه فقال :
توقيف رياض سلامة ليس مسرحية، وبذات الوقت هو ليس إحقاقاً للحق والعدالة بنوبة مفاجئة ما زالت متوافرة إنما هي عملية أملتها الضرورة وسيقتصر الأمر فيها على التحقيق بموضوع الـ ٩ مليار دولار حيث ستتمّ مساومته على إعادتهم مقابل إسقاط كافة الملاحقات بحقّ سلامة، وسيختار التسوية…
ويبقى السؤال المستجدّ حول علاقة إدراج لبنان على اللائحة المالية الرمادية اعتباراً من تشرين الأول المقبل، بتوقيف رياض سلامة في هذا الوقت بالذات.
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي