كيف سوف يُغيّر نتنياهو الوضع في الشمال؟
استهلّ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو اجتماع حكومته أمس، وهو يعلّق على عملية الكرامة التي نفذها الشهيد الأردني ماهر الجازي وأدّت إلى مقتل ثلاثة حراس أمن “إسرائيليين”، “أصدرتُ تعليمات للجيش الإسرائيلي وجميع قوات الأمن بالاستعداد لتغيير الوضع الراهن، ولا يوجد احتمال لاستمرارنا بهذا الوضع، ونحن ملزمون بإعادة جميع سكان الشمال إلى منازلهم بأمان».
هذه ليست المرة الأولى التي يتحدّث فيها نتنياهو وقادة الكيان عن نية عمل عسكري ضد لبنان والمقاومة، لكنها المرة الأولى التي يتفادى فيها نتنياهو وسائر قادة الكيان الحديث عن حرب، وعن إعادة لبنان إلى العصر الحجري وعن إبعاد حزب الله إلى ما وراء الليطاني، ولذلك فإن السؤال الطبيعي عندما نسمع نتنياهو يقول إنه أصدر الأوامر بالاستعداد لتغيير الوضع الراهن، وربط ذلك بإعادة المستوطنين إلى منازلهم، هو كيف سوف يفعل ذلك؟
إذا كان ما يقصده نتنياهو هو شنّ حرب على المقاومة، كما فعل جيش الاحتلال عام 2006، أي الذهاب الى قصف العمق السكانيّ للضاحية الجنوبية ومدن الجنوب، غير آبه بقتل مئات المدنيين للضغط على قرار المقاومة، ودفع دباباته وجنوده لتجاوز الحدود أملاً بالفوز على المقاومة وإجبارها على الابتعاد إلى ما وراء الليطاني، فالسؤال الأول هو لماذا يتفادى الحديث عن الحرب؟ والسؤال الثاني لماذا يغيب الحديث عن تفاصيل أهداف الحرب التي سبق وتمّ التعبير عنها، أي إعادة لبنان إلى العصر الحجري عقاباً، وإبعاد حزب الله إلى ما وراء الليطاني؟
الجواب هنا لا يستطيع تفادي ما يعلمه نتنياهو عن كلفة الحرب على الكيان، وعن معادلة التدمير مقابل التدمير والعمق مقابل العمق، والمدنيين مقابل المدنيين، والعاصمة مقابل العاصمة، والميناء مقابل الميناء، والمطار مقابل المطار، والتهرّب من مفردة الحرب هو تهرّب من الدعوة لتحمّل كلفة الحرب. أما الاجتياح البريّ فهل يملك نتنياهو موافقة الجيش على مخاطرة بهذا الحجم؟ كانت مثلها في حرب 2006 شديدة التكلفة على الجيش في ظروف تغيّرت كلها لصالح المقاومة، التي زادت عدداً وعدة، بينما فقد جيش الاحتلال الكثير مما كان لديه من روح قتالية وجاهزية، وهو يأتي بعد حرب منهكة في غزة خسر فيها الكثير من عديده وآلياته.
ربما يكون نتنياهو وقادة جيشه راغبين بشنّ الحرب، لكنهم سوف يفضلون على الأرجح الحديث عن عمليات وعن تغيير الوضع على الجبهة، ويبقى الباب مفتوحاً للفشل فيقولون عندها نحن لم نقل سوف نشنّ حرباً.
التعليق السياسي