الطاقة المُلتَبِسَة وتجارة الوهم…
سارة طالب السهيل
تتناقل السيدات مؤخراً رسائل على “الواتس أب” و”الفيسبوك” معظمها عن الطاقة بهدف مساعدة زميلاتها أو للمباهاة أحياناً، والكثيرات خُدعنَ بهذا “التراند” الذي أصبح متوغِّلاً في كلّ مكان وله مروّجوه من المشاهير والفنانين وغيرهم، فهذه تقول لك الشاكرات السبع، وتلك تشرحه لك.
بالطبع أنا لا أقصد الكلام العفوي عن الطاقة؛ مثل الطاقة الإيجابية والتفاؤل، والكلام عن “ديكورات” البيت التي تجلب الراحة النفسية والألوان المريحة والأحجار الكريمة وغيرها من النصائح التي أساساً كانت جداتنا تردّدها دون التبجّح أو التباهي بهذا العلم الحديث، هذه أمور كلها طيِّبة وبريئة، إنما ما أقصده أمر آخر…
في زخم الألم والهموم والزمن المتسارع والأعباء التي لا تنتهي والمسؤوليات التي تتفاقم في عصر السرعة التقنية والكماليات التي تجعل الإنسان يلهث وراء مصالحه ورزقه ومستقبله ومتابعة أولاده حسب متطلبات هذا العصر، فرض على الناس البحث عن ما يطمئنهم ويضع السكينة في قلوبهم، ويعطيهم دافعاً وأملاً في الحياة، فوجدوا في هذا العلم منفذاً لأرواحهم المُتعَبة…
في ظلّ هذه الظروف حيث يتزايد الإهتمام بالطرق البديلة للعلاج وتحقيق التوازن النفسي والجسدي. من بينها، يبرز علم الطاقة كأحد المجالات التي تجمع بين العلم والروحانية، وتقدُّم مجموعة متنوعة من الأساليب التي تهدف إلى تحسين الصحة العامة والرفاهية. ومع ذلك، يثير هذا المجال الكثير من الجدل والتساؤلات حول مدى فعاليته وأمانه، بل وحتى علاقته بالشياطين والكائنات غير المرئية…
لا بدَّ من تعريف علم الطاقة، أساليبه، أنواعه، ومدارسه المختلفة حول العالم، بما في ذلك البلدان العربية. وتناول بعض التجارب الشخصية والتحذيرات المتعلقة في هذا المجال، كيف تحوّل علم الطاقة الى “موضة”، وخشية الناس، من ان يكون هناك مؤامرة عالمية وراء انتشاره.
فعلم الطاقة هو مجال يدرس كيفية سريان الطاقة وتأثيرها في الكائنات الحية والبيئة. يشمل هذا العلم مجموعة واسعة من الفروع مثل “الديناميكا” الحرارية، علم الطاقة البيولوجية، والكيمياء الحيوية. ويُعتَقد أن الطاقة تتدفّق على مختلف المستويات، من المستوى الكمًي إلى المحيط الحيوي والكون.
يُقال لرواد علم الطاقة أو المرضى الراجين التعافي إنّ أساليب العلاج بالطاقة تشمل مجموعة متنوعة من التقنيات التي تهدف إلى تحسين الصحة العامة والرفاهية من خلال التلاعب بالطاقة الحيوية.
ويشرحون لهم تلك الأساليب المتعددة؛ من بين هذه الأساليب “الريكي”، وهي تقنية يابانية تعتمد على نقل الطاقة من المعالج إلى المريض عبر اللمس، والعلاج بـ “الثيتا” الذي يعتمد على الوصول إلى حالة ذهنية معينة تُعرَف بحالة “الثيتا”، والتي يُعتقَد أنها تساعد على الشفاء، و”الأكسس بارز” التي تهدف إلى تحرير الطاقة السلبية من خلال لمس نقاط معينة على الرأس.
والتنويم الإيحائي، هو حالة ذهنية هادئة ومسترخية يتمّ فيها توجيه العقل الباطن لاستقبال الإيحاءات والاستجابة لها بشكل أوسع.
وللأسف بعضهم أصبح يخلط هذه الممارسات ببعض الطقوس الدينية والآيات القرآنية لإعطائها شرعية، ومن أجل تضليل الناس.
وبالباطن يُرَدَّد التمائم والشرك في الكثير من المدارس، وربما ليس من أول مرة أو بالأحرى ليس من المستوى الدراسي الأول، بعد (جرّ الرجل) والانزلاق.
توجد مدارس عديدة للطاقة حول العالم، ولكلّ منها فلسفتها وأساليبها الخاصة. في البلدان العربية، بدأت هذه المدارس تكتسب شعبية، حيث تُعقد دورات وورش عمل لتعليم هذه التقنيات. من بين هذه المدارس مدرسة “الريكي” في اليابان التي تُعتَبر من أقدم المدارس وأكثرها شهرة، ومدرسة العلاج بالطاقة في الهند التي تركّز على تقنيات مثل “اليوغا” والتأمّل، ومدارس الطاقة في البلدان العربية التي بدأت تظهر في السنوات الأخيرة، مع تزايد الاهتمام بالعلاج البديل.
هناك جدل كبير حول العلاقة بين العلاج بالطاقة والشياطين أو الكائنات غير المرئية. روى بعض الناس المجرّبين لعلم الطاقة أنّ ممارسة هذه التقنيات يمكن أن تفتح الباب أمام تأثيرات سلبية مثل العزلة والاكتئاب والخوف والتوتر والشتات والتعلق بالطاقة أو حتى رؤية كائنات غير مرئية. على سبيل المثال، هناك تقارير عن تجارب شخصية لأفراد شعروا بوُجود كائنات غير مرئية في أثناء جلسات العلاج بالطاقة. وقد سمعت حواراً بين سيدتين، و”حكتا” عن تجاربهما برؤية ومخاطبة الشياطين والجن، وعقد عهود معهم رغماً عنهما بالتضليل والإغواء.
انّ الكثير من هذه الممارسات تعتمد على غسل دماغ والتأثير في العقل الباطن بالوهم.
توجد العديد من القصص والتجارب الشخصية التي تحذّر من مخاطر العلاج بالطاقة. من بين هذه القصص، حادثة امرأة تونسية قتلت ابنتها بناءً على طلب الكائن الغريب الذي طلب منها بعلم “الطاقة” كما زعمت. أن تقتل ابنتها ليتقابلا في السماء.
هذه الحادثة أثارت جدلاً واسعاً حول مدى تأثير هذه الممارسات على العقل والسلوك… وفي السنوات الأخيرة، أصبحت دورات العلاج بالطاقة “موضة”، وتتردّد بين الناس، خاصة بين النساء. ويُنظر إلى هذه الدورات كنوع من “البريستيج” الاجتماعي الذي يعكس العصرنة والثقافة. ومع ذلك، بدأ الناس يدركون أن هذه الظاهرة قد تكون جزءاً من مؤامرة عالمية تهدف إلى تحقيق أهداف غير واضحة.
تُعقد دورات العلاج بالطاقة عادةً مقابل مبالغ مالية قد تكون مرتفعة، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الدورات تجارة للوهم والسحر. ويعتقد البعض أنها تستغل حاجة الناس إلى الشفاء والتوازن النفسي، وتقدّم لهم وعوداً غير واقعية بتحقيق السعادة والصحة من خلال تقنيات غير مثبتة علمياً. في بعض الحالات، قد تؤدي هذه الممارسات إلى العزلة الاجتماعية والاعتماد المفرط على هذه الأساليب، مما يزيد تعقيد المشكلات النفسية والجسدية عوضاً عن حلها. والكثير من مرتادي هذه المدارس شعروا بنوع من الإدمان أوعدم القدرة على التراجع.
لربما و(العلم عند الله) أنه كان هناك علم الطاقة البريء غير المدموج بالسحر والخزعبلات والتلبُّس الحاصل حالياً، وهذا تحليلي الشخصي، وتمت شيطنته بدمجه مع التمائم وخلطه بالكفريات واستدراج العلم ورواده إلى مكان آخر بعيداً عن الذي كان مقصوداً به ربما (ربما) كانت له فوائد صحية ونفسية، قبل أخذه إلى هذا المنحى، ولكن الآن بعد كشف المستور يجب أن يكون الناس حذرين من المخاطر الوخيمة والتأثيرات السلبية على صحتهم وحياتهم وسلامتهم وسلامة أسرهم. من المهم أن يكون هناك وعي وفهم عميق لهذه الممارسات قبل الانخراط فيها ومن الأفضل عدم الخوض في الشبهات خاصة بعد الدلائل التي ادلى بها الكثير ممن خُدِعوا بهذا الموضوع، فهناك الكثير من البدائل التي يمكنها ان تكون عوضاً وبديلاً كالاسترخاء والراحة وصفاء النفس ومسامحة الآخرين والإيمان بالله والثقه به وفعل الخير والتطوع لأجله فهو يعطي الإنسان دافعاً قوياً للاستمرار وحب النفس ومصالحة الذات وليس خطأ أبداً ان يراجع الناس الأطباء النفسيين إذا احتاجوا لذلك، ويمكنهم ايضاً الجلوس في الأماكن الطبيعية وممارسة التمارين الرياضية والهوايات المفيدة مثل الرسم والموسيقى والقراءة والسباحة وغيرها، ومن الممكن تغيير العادات ونمط الحياة وربما المكان كله ان استدعى الأمر وتغيير الوظيفة والتعرّف على أصدقاء جدد فـ لا يزال في الحياة متسع من الفرح والأمل والتفاؤل.