واشنطن تعود لتبرير فشلها بتحميل حماس المسؤولية… وتل أبيب: لا فرص اتفاق / الاستهداف الإسرائيلي لسورية واشتعال الشمال تذكير بما قاله بوتين عن التصعيد / الأردن يحتفل بـ شهيد الكرامة… وإطلاق نار ودهس على الحدود المصرية ليلاً
كتب المحرّر السياسيّ
لا تبدو واشنطن جاهزة لتقديم مقترحها الجديد للخروج من الاستعصاء التفاوضي حول اتفاق غزة، كما وعدت، وفيما كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية عدم وجود فرصة لتحقيق اختراق تفاوضي في ظل تمسك رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ببقاء قواته في محور فيلادلفيا، هربت واشنطن كما جرت العادة الى تحميل حركة حماس مسؤولية تعطيل فرص التوصل إلى اتفاق، وسُحب من التداول كلام الرئيس الأميركي عن عدم قيام نتنياهو بما يلزم للتوصل إلى اتفاق. وقد ربطت مصادر متابعة للمشهد الأميركي بين كلام البيت الأبيض الموجه للتقرب من مؤيدي كيان الاحتلال في المشهد الانتخابي، وبين المناظرة التي تجري اليوم بين المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كمالا هاريس. وتأتي المناظرة على خلفية فشل ذريع للرئيس جو بايدن في مناظرة سابقة مع ترامب أدّت إلى تنحيه عن السباق الرئاسي، ويراهن الديمقراطيون كما يراهن الجمهوريون على المناظرة كفصل حاسم في المنافسة.
في المنطقة جذب الانتباه مشهد التصعيد العسكري في الغارات الاسرائيلية على سورية التي حصدت أربعة عشر شهيدا، وسط تساؤلات عما إذا كانت هذه الغارات هي الطريق للتغيير الذي تحدث عنه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على جبهة الشمال التي اشتعلت أمس بصواريخ وطائرات حزب الله المسيّرة التي بلغت نهاريا، وهل يشكل التصعيد في سورية كركن في محور المقاومة ومركز قيادة وسلاح وذخائر لقواته، خطة بديلة عن حرب على حزب الله يرغب قادة الكيان بشنها ويخشون نتائجها؟ وهل هذا التصعيد هو ما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد حذّر منه وتوقع حصوله قبل خمسة أسابيع، معتبراً أن سورية سوف تكون معنياً أساسياً به؟
في المنطقة ايضاً بقي الأردن جاذباً للأضواء بعد عملية الكرامة التي نفذها الشهيد ماهر الجازي، وكان الحدث البارز هو مستوى الحضور العلني للاحتفالات الشعبية بالشهيد الجازي، وحجم المشاركة فيها، سواء في العاصمة عمان أو في محافظة معان الجنوبية وعشيرة الحويطات حيث ينتمي الشهيد، واللافت هو التباهي والتبريك بشهادة الجازي وسط تفاعل إيجابي من السلطات الأردنية مع رواية أهل الشهيد والاحتفالات الشعبية، وفي منتصف ليل أمس انتقل الخبر إلى الحدود المصرية مع غزة مع تناقل وسائل إعلام الاحتلال تقارير عن عمليّات دهس لجنود الاحتلال على الحدود مع مصر، وورود أنباء عن إطلاق نار خلال الحادث، الذي قالت وسائل الإعلام في الكيان إنه اشتباك مع مهربين، نافية كالعادة أن يكون تعبيراً عن حالة الغليان التي تشهدها كل البلاد العربية في ظل التوحش الإجرامي للاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، خصوصاً في غزة.
وواصل العدو الإسرائيلي عدوانه على الجنوب حيث تعرّضت أطراف بلدة زبقين في القطاع الغربي لقصف مدفعي مباشر.
وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة ببيان أن غارة “شنّها العدو الإسرائيلي على بلدة حانين أدت إلى إصابة أربعة أشخاص بجروح استدعت إدخالهم إلى المستشفى للعلاج.»
في المقابل، أعلنت المقاومة استهداف موقع معيان باروخ بالأسلحة الصاروخية وأصابوه إصابة مباشرة”. كما أعلنت “قوات الفجر – الجناح العسكريّ للجماعة الإسلامية”، في بيان، “توجيه رشقة صاروخيّة استهدفت موقع “بيت هلل” في مغتصبة “كريات شمونة” شمال فلسطين المحتلة وحقّقت فيه إصابات مباشرة”.
وكان جيش الاحتلال أعلن أن الطائرات الحربية والمروحية هاجمت ليلاً مباني عسكرية ومنصة إطلاق تابعة لحزب الله في مناطق كفركلا والطيبة وحنين ويارين.
وأشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” “الإسرائيلية” إلى هجوم الطائرات المسيّرة لحزب الله والذي خلّف إصابة مباشرة في شقة سكنية بالطابق “14” في مبنى سكني جديد في شمال نهاريا.
وفي التفاصيل، فإنّ الإصابة نجمت عن واحدة من طائرتين مسيّرتين اخترقتا الحدود من الأراضي اللبنانية، الثانية تمّ اعتراضها، وفق الجيش “الإسرائيلي”.
وقالت شاحر توليدانو التي أصابت الطائرة المسيّرة شقتها: “كنت أجلس مع وكيل التأمين الخاص بي، وفجأة دوّت صافرات الإنذار واحدة تلو الأخرى. دخلنا إلى الغرفة المحصنة، وبعدها سمعنا دويًا مجنونًا. النوافذ طارت. الشظايا في كل مكان. لقد اعتدنا بالفعل على أصوات الانفجارات، لكن ليس على هذا النحو”.
وكانت قد دوّت صافرات الإنذار في “نهاريا” دون توقف، وفي “غيشر هزيف” و”ساعر”، خشية تسلل طائرة مسيّرة.
ولفتت وسائل إعلام العدو إلى أنّ “99 % من المستوطنات التي دوّت فيها صفارات الإنذار هي مستوطنات لم يتمّ إخلاؤها”، فيما قالت مصادر “إسرائيلية” “إن نحو 100 ألف مستوطن دخلوا إلى الملاجئ بعد هجوم حزب الله بسرب من الطائرات المسيّرة، على مناطق متفرّقة شمال فلسطين المحتلة”.
وكرّر العدو الإسرائيلي تهديداته بالتحرّك العسكريّ لتغيير الواقع في الشمال، وبعد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أجرى رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي تقييمًا للوضع في الجبهة الشمالية مع أعضاء هيئة الأركان العامة، وتطرّق إلى “استهداف مبنى في نهاريا، بواسطة مسيّرة لحزب الله”.
وأوضح هاليفي بأن “استهداف حزب الله لعمارة سكنية هذا الصباح يُعتبر حادثاً خطيراً، وهو ما ينطبق أيضًا على استهداف سكان المنطقة الشمالية”. وزعم أن “الجيش يعمل بقوة على الساحة الشمالية، وهو على أهبة الاستعداد ولديه خطط عملياتية جاهزة، وهو مستعدّ لأداء كل مهمة سيكلف بها”.
ووضعت مصادر في فريق المقاومة هذه التهديدات في إطار الحرب النفسية ضد لبنان للضغط لوقف العمليات العسكرية لحزب الله ضد شمال فلسطين المحتلة ورسالة تطمين للمستوطنين المهجَّرين الذين يحمّلون الحكومة مسؤولية الفشل بإعادتهم إلى مستوطناتهم قبل بدء العام الدراسي وأيضاً لمحاولة احتواء دعوة بعض أجهزة الأمن والقيادة العسكرية والجناح الديني المتشدد في الحكومة لاستخدام القوة العسكرية لإبعاد خطر حزب الله عن الحدود. ولفتت المصادر لـ “البناء” إلى أن “المقاومة لن تخضع لهذه التهديدات ولن توقف جبهة الإسناد قبل توقف العدوان على غزة وفي الوقت نفسه مستعدة لكافة الاحتمالات وستتصدّى لأي عدوان إسرائيلي بالشكل والسلاح المناسب وفق المعادلات التي أعلنها السيد حسن نصرالله وكرّستها المقاومة في الميدان من بداية الحرب”.
وشدّدت المصادر على أن “مَن يستطيع شنّ حرب خاطفة على لبنان مع نجاح بإبعاد خطر حزب الله وإعادة الأمن الى الشمال لكان فعل ذلك منذ بداية الحرب ولا يحتاج الى ذريعة، علماً أن الذريعة كانت جاهزة عندما رد حزب الله على اغتيال القائد فؤاد شكر ولم يجرؤ العدو على ذلك خوفاً من قوة المقاومة وفي ظل عجزه واستنزافه في جبهات غزة والضفة واليمن، وبالتالي أي عدوان واسع على لبنان لن يحلّ المشكلة بل سيعمّق أزمة العدو”.
وفي سياق ذلك توجّه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم للعدو بالقول: “إذا كنت تفكر بأن تزيد عدد النازحين، تستطيع أن تطلق الحرب، لأنَّ الحرب مع حزب الله لا تُعيد النازحين، وإنَّما تزيدهم، لأنَّنا إذا تعرَّضنا لحرب سنواجهها بأقسى منها، ولن نُخلي الساحة”.
وأضاف: “يعلم أنَّ جهوزيتنا عالية لدرجة أنَّنا لا نخشى من التهديدات وحاضرون للمواجهة، ومَن استطاع أن يفرض على “إسرائيل” خلال 11 شهرًا وتيرة من الردع جعلته يخرج من قرى ومستوطنات غصبًا عنه مع كل الخسائر التي تلقاها ولم يتجرأ على صنع شيء آخر، قادر أن يكمل بهذه الوتيرة وبما هو أشدّ. ومن هنا، فنحن لن نردّ على هذه التهديدات، بل سنترك الميدان يتحدّث، و”الإسرائيلي” يعلم أننا أهل الميدان”.
ولفت قاسم الى أنّ العدو “الإسرائيلي” أمام معادلتين، فإمّا أن يوقف الحرب الآن وهذا يخفَّف من خسائره، وإمَّا أن يبقى في حالة الاستنزاف. وهذا يزيد من مشاكله وخسائره وتعقيداته الداخلية، مؤكدًا على جهوزية المقاومة الإسلامية لمواجهة أي توسع للعدوان وعلى أنّ رد حزب الله سيكون في الميدان، مشددًا على أنّ الحل الوحيد لإعادة النازحين إلى مستوطنات شمال فلسطين المحتلة هو وقف العدوان على قطاع غزة.
وخلال احتفال تأبيني للمرحوم الحاج علي عبد الساتر رأى الشيخ قاسم أيضًا أن “(الفلسطينيين) أمام معادلتين، إما إيقاف الحرب، وهم يطالبون بذلك ولكن الطرف الآخر لا يستجيب، وعندها يتوقفون عند وضع لمستقبل أفضل، إن شاء الله، وإمَّا أن تستمر الحرب وهم سيبقون صامدين، ومَن يراهن على أنَّ الفلسطيني سيتعب أو سيستسلم، فهو واهم، والذي يراهن على أنَّ الزمن سيؤدي إلى خسارة الفلسطينيين وتحقيق أهداف “إسرائيل” فهو واهم أيضاً”.
وشدّد الشيخ قاسم على أنّ “إطالة أمد الحرب تعني مزيدًا من الاستنزاف والتضحيات الفلسطينية والخسائر “الإسرائيلية”، ولكن في النتيجة نصرٌ فلسطيني وخسران “إسرائيلي” تبدأ تداعياته بعد أن تنتهي هذه الحرب”، لافتًا إلى دور جبهة الإسناد اللبنانية بالقول: “إن لبنان جبهة إسناد، ونحن نعتقد أنَّ كل الأهداف التي وضعناها لجبهة الإسناد تحققت وتتحقق. وهنا لم نذهب إلى أبعد من الإسناد، لأنَّ الأهداف تتحقق بالإسناد”.
على الخط السياسي العسكري، حضرت التطورات الأمنية جنوباً المصحوبة بتهديدات إسرائيلية بحرب ضد حزب الله، في السراي. فقد أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “الحاجة إلى أن يتخذ مجلس الأمن الدولي إجراءات أكثر فاعلية وحسماً في معالجة الانتهاكات والهجمات الإسرائيلية على المدنيين اللبنانيين”، معتبراً أنه “يجب أن تكون استجابة مجلس الأمن سريعة وقوية وتهدف إلى حماية المدنيين الأبرياء وعناصر الدفاع المدني الذين يبذلون قصارى جهدهم لتخفيف آلام المدنيين”. وشدّد على أننا “ندين بشدة الاستهداف الإسرائيلي المستمر للمدنيين اللبنانيين والذي يشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي وتهديداً لسلامة الشعب اللبناني وأمنه”. وشكر ميقاتي أعضاء مجلس الأمن على “دعمهم لتجديد ولاية اليونيفيل وعلى التزامهم المستمرّ بالاستقرار في لبنان”، داعياً “مجلس الأمن الى تحمّل مسؤوليته في الحفاظ على القانون الدولي والأمن من خلال محاسبة المسؤولين عن استهداف المدنيين اللبنانيين”. وشدد على أنّ “لبنان يؤكد التزامه بالسلام والاستقرار وحماية شعبه”، مشيراً الى “أهمية التعاون والدعم الدوليين في تحقيق الاستقرار الدائم والبناء في المنطقة”. كلام رئيس الحكومة جاء خلال استقباله السفراء والقائمين بأعمال سفارات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي.
بدوره قال وزير الخارجية عبدالله بو حبيب: “نحن مرتاحون لأن هناك دعماً دولياً للبنان. وهذا واضح في كل الاجتماعات التي حصلت، وتوضّح في أكثر خلال الموافقة على التجديد لليونيفيل، وهذا الأمر أظهر أن هناك دعماً قوياً للبنان من كل الجهات، وهذا الذي يمنع حصول حرب شاملة في جنوبنا”. أضاف: “نحن لم نطلب من مجلس الأمن وقف القتال، ولكن طلبنا اجتماعاً استشارياً قد يؤدي إلى ذلك، أو يؤدي إلى عدم استهداف المدنيين، لذلك نحن نعمل على كل المنابر الدوليّة. نحن نتكلم مع كل الدول ومع مجلس الأمن وفي حال حصول وقف إطلاق نار يجب أن يكون هناك قرار جديد”. وأشار إلى أن “”إسرائيل” هي مَن ترفض، أما حزب الله فمن المعقول أن يرفض ولكنه ليس دولة ليقول نعم أو لا، الدولة اللبنانية هي التي تقول نعم أم لا. إذا كان هناك نوع من قرار جيد نقبل به كدولة، فسنحاول أن نقنع حزب الله به، وهذه مسؤولية الدولة اللبنانية، فحزب الله ليس عضواً في الأمم المتحدة بل لبنان وحزب الله معنا من هذه الناحية”. وأوضح رداً على سؤال أن أي قرار سيصدر بوقف إطلاق النار سيكون قراراً جديداً وليس نسخة معدلة من القرار 1701.
على صعيد آخر وعلى مدى ساعتين وربع الساعة استجوب قاضي التحقيق الأول بلال حلاوي حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة أصدر في نهايتها مذكرة توقيف وجاهية بحق سلامة وحدّد جلسة ثانية الخميس المقبل وطلب الاستماع الى شهود.
وبدأت جلسة التحقيق الأولى مع سلامة عند العاشرة صباحاً، في ملف الإثراء غير المشروع داخل قصر عدل بيروت، بعدما وصله قرابة العاشرة الا عشر دقائق في سيارة أمنية، دخلت وسط احتشاد عدد كبير من المواطنين الذين حضروا لمواكبة الجلسة، فيما نفّذ الجيش والقوى الأمنية طوقاً أمنيّاً وإجراءات مشدّدة في المحلة، قبيل بدء جلسة الاستجواب. وأشارت معلومات صحافية الى أن القاضي بلال حلاوي رفض حضور القاضية هيلانة اسكندر جلسة استجواب سلامة فخرجت من القاعة، وقدمت لاحقاً كتاباً لحلاوي لحضور الجلسات. وكان النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار أوقف سلامة بعد استجوابه لثلاث ساعات الثلاثاء الماضي. وخلال الأسبوع الماضي، ادّعت هيئة القضايا في وزارة العدل، ممثلةً برئيستها القاضية اسكندر، على سلامة وكل مَن يظهره التحقيق، وذلك تِبعاً لادّعاء النيابة العامة المالية.