نتنياهو وشركاؤه: الأكثر إرهاباً والأطول بقاء في السلطة…!
وفاء بهاني
في ظلّ المأزق الذي يعيشه بنيامين نتنياهو وشركاؤه بن غفير وسموتريتش، الذين بدأت خياراتهم تضيق وتنحصر وتزداد إرهاباً وتطرفاً وقتلا وتدميراً. في مشهد دموي يمتدّ من غزة الى الضفة الغربية يشير إلى عملية عسكرية جديدة واسعة النطاق، تحاكي الهجمات السابقة في غزة من حيث الحجم والوحشية. العمليات الحالية في الضفة تتخذ شكلاً انتقامياً وثأرياً، تستهدف البنى التحتية والمرافق المدنية، من تدمير المنازل إلى تجريف الطرق واستهداف شبكات الكهرباء والمياه بل استهداف الحياة وتحويل الضفة الى أرض غير صالحة للحياة ما يعكس عقلية عدوانية تهدف إلى تركيع المنطقة.
الصور المروعة الآتية من جنين، طولكرم، وطوباس… تُظهر حجم الدمار الذي يلحق بهذه المناطق، وكأنّ زلزالاً ضربها، لكن العملية التي أطلق عليها “المخيمات الصيفية”، والتي تهدف إلى قمع المقاومة في هذه المناطق، ليست فقط عملية عسكرية، بل تحمل أهدافاً سياسية كبيرة، هناك من يسعى من خلال هذا العدوان إلى فرض واقع جديد في الضفة الغربية، وتحقيق أحلام استيطانية تتعلق بضمّ المنطقة واعتبارها جزءاً من “مملكة يهودا والسامرة”، كما يدعو سموتريتش، هذه السياسة تتماشى مع خطط توسيع المستوطنات وإعادة تشكيل الجغرافيا والديمغرافيا في الضفة الغربية، بما يتوافق مع الأجندات الصهيونية المتطرفة.
لكن ورغم الوحشية المتزايدة في هذه العمليات، فإنّ القتل والدمار لن يحققوا الهدف المنشود في القضاء على المقاومة، على العكس من ذلك، تزداد المقاومة صلابة وتصميماً على التمسك بالأرض ومواصلة النضال، ورغم أنّ الحكومة الصهيونية تسعى لفرض واقع جديد في الضفة وغزة، إلا أنّ هذه الجهود تواجه تحديات كبيرة، فقد فشل نتنياهو في تحقيق أيّ إنجاز يُذكر، سواء كان ذلك في استعادة الأسرى أو في كسب التأييد الشعبي داخل الكيان، حيث تتزايد الانتقادات الموجهة إليه.
بحسب استطلاع أجرته القناة 12 العبرية، فإنّ نسبة كبيرة من الصهاينة يرون أنّ استعادة الأسرى يجب أن تكون لها الأولوية القصوى، وليس ما يُسمّى بمحور “فيلادلفيا”، الذي يعبّر عن رؤية نتنياهو الفاشلة. فالتركيز على هذه المسألة يعكس عمى استراتيجياً كما وصفه العديد من القادة الصهاينة، من بينهم العقيد المتقاعد طال روس. فالوضع في قطاع غزة لن يتغيّر، حتى لو استمرّت الحرب لسنوات، ولن يتوقف العنف المستمرّ إلا بوقف العدوان الصهيوني.
وفي هذا السياق، تزداد التوترات على الجبهة الشمالية، حيث تصاعدت الهجمات الصاروخية من لبنان بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة، مما يعكس الفشل المتزايد في إدارة الصراع، فالحكومة الصهيونية لم تتمكن من فرض السيطرة أو تحقيق أيّ استقرار على هذه الجبهة، كما أشار العديد من المسؤولين الصهاينة، الذين يعتبرون أنّ نتنياهو يغضّ النظر عن التحديات الحقيقية التي تواجه الكيان.
في ظلّ هذه الظروف، يبقى مستقبل نتنياهو وحلفائه على المحك، خاصة مع تصاعد الاحتجاجات الداخلية ضدّ سياساته، الأزمات المتلاحقة والانقسامات داخل المؤسسات العسكرية والسياسية الصهيونية تؤكد أنّ الساحة الداخلية على وشكّ الانفجار، ما قد يدفع نتنياهو إلى اتخاذ خطوات أكثر تطرفاً.
إحدى هذه الخطوات قد تكون السعي لإشعال حرب دينية في المسجد الأقصى، فبن غفير والحكومة الصهيونية يخططون منذ فترة طويلة لتغيير الوضع القانوني والتاريخي في الأقصى، ويسعون لفرض السيادة اليهودية عليه بشكل كامل، تحدثت صحيفة “هآرتس” العبرية عن خطة جاهزة لبناء الهيكل الثالث، وهو ما يثير مخاوف كبيرة لدى العرب والمسلمين، هذه الخطوة قد تكون شرارة تشعل صراعاً دينياً واسع النطاق في المنطقة، خاصة في ظلّ الخطاب المتطرف الذي يروّج له بن غفير ومن معه.
إنّ المرحلة المقبلة قد تشهد تصعيداً خطيراً في الأقصى، حيث يخطط المستوطنون اليهود لتنفيذ طقوسهم الدينية داخل الحرم الشريف، مما يمهّد الطريق لفرض واقع جديد فيه، ومن بين هذه الطقوس، ما يتعلق بذبح البقرة الحمراء في ساحات الأقصى، وهو طقس ديني يهدف إلى تطهير المتطرفين اليهود ويسمح لهم بالصعود إلى ما يسمّونه “جبل الهيكل”.
في النهاية، يبدو أنّ نتنياهو وشركاءه يعتمدون على تأجيج الصراعات واستمرار الأزمات للبقاء في السلطة، لكن هذه السياسات لن تحقق لهم النصر، الأخطاء المتكرّرة والفشل المستمر في تحقيق الأهداف قد يؤدي إلى انهيار النظام الحالي في الكيان، وقد تشهد المرحلة المقبلة صراعاً داخلياً كبيراً حول مستقبل الكيان وهويتها، بين الصهيونية العلمانية الدينية المتطرفة…